الخرطوم، جوبا - رويترز، أ ف ب - اتهم جيش جنوب السودان أمس الخرطوم بقصف قرية جنوبية على الحدود، معلنا ان قواته «وضعت في حال تأهب قصوى» للتصدي لأي هجوم بري شمالي محتمل، فيما أكدت الأممالمتحدة أن تقارير وردت عن قصف جوي ومدفعي في ولاية جنوب كردفان التي فر منها نحو 40 ألفاً جراء القتال بين الجيش الشمالي وقوات جنوبية. وأعلنت الأممالمتحدة تلقيها تقارير عن قصف جوي في جنوب كردفان في أم دورين وأم سرديبة وهيبان وسرف الجاموس أول من أمس، وأنه أمكن سماع دوي قصف مدفعي قرب كادوقلي عاصمة الولاية حتى صباح أمس. وقالت إن القتال بين القوات الشمالية والجماعات المسلحة المتحالفة مع الجنوب في جنوب كردفان الغنية بالنفط، امتد إلى أطراف ولاية الوحدة الجنوبية، وأن عشرات الآلاف ربما يكونوا قد نزحوا فراراً من الاشتباكات. وأكد الناطق باسم «الجيش الشعبي لتحرير السودان» فيليب اغوير أن القوات الشمالية تحاول احتلال المناطق القريبة من الحدود التي لم يتم ترسيمها بعد في شكل محدد في محاولة للسيطرة على حقول النفط. وقال: «قصفت طائرات سلاح الجو السوداني منطقة ياو بولاية الوحدة عدة مرات الخميس، وقتل ثلاثة مدنيين» أمس. وأضاف أن «هذه المنطقة في عمق جنوب السودان وتنفيذ تلك الضربات يشكل تحركاً من جانب الخرطوم للسيطرة على المنطقة وخلق حدود الأمر الواقع للسيطرة على حقولنا النفطية. نحن لا نتوقع هجمات جوية فحسب لكننا نتوقع قوات برية أيضاً ونستعد للدفاع عن أنفسنا. قواتنا على الحدود في حال تأهب قصوى وتتوقع الهجوم في أي وقت». غير أن الناطقة باسم بعثة الأممالمتحدة في السودان هوا جيانغ قالت إن «المنطقة التي قصفتها الطائرات السودانية الخميس ليست داخل حدود الجنوب، ولكنها على الحدود بين الشمال والجنوب وهي منطقة لتجمع قوات الحركة الشعبية». وصعدت الخرطوم أمس لهجتها تجاه قيادات «الحركة الشعبية» في الشمال متهمة إياها بالتمرد. وأكدت أنها «لا ترى مؤشرات لحوار مع الحركة الشعبية» في جنوب كردفان، كما حملت الأمين العام للقسم الشمالي في «الحركة الشعبية» ياسر عرمان ونائب رئيس الحركة عبدالعزيز الحلو مسؤولية ما يجري في الولاية. وقال والي جنوب كردفان احمد هارون أمس: «لا أرى في الأفق مؤشرات حوار. من يتحمل مسؤولية ما جرى في الولاية بالدرجة الأولى هو المتمرد ياسر عرمان ومن معه من اليساريين». وأضاف أن «عبدالعزيز الحلو الآن متمرد أيضاً وخارج على القانون، وسنتعامل معه وفقاً للقانون، وسيحاسب حساباً عسيراً عما حدث لأنه تسبب بموت مواطنين وعسكريين وتدمير منشآت». وأشار إلى أن «الحلو الآن موجود في الأجزاء الجنوبيةالغربية من الولاية، وقواتنا تبذل جهوداً كبيرة للوصول إليه». وأوضح أن «الحركة الشعبية سيطرت على مناطق دلامي والي وسردبة وام دورين وكاودا، وعمليات الحركة لإشاعة الفوضى في الولاية مستمرة، وخططنا للتصدى لها مستمرة ولكن 80 في المئة من مناطق الولاية لم تتأثر بالقتال». وقدرت الأممالمتحدة أن ما بين 30 و40 ألف شخص ربما يكونوا فروا بسبب القتال في مدينة كادوقلي عاصمة الولاية وحدها. ويقدر عدد سكان المدينة بنحو 60 ألفاً. وقالت الناطقة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية اليزابيث بيرس إن «القتال امتد إلى المنطقة الحدودية المتنازع عليها في أقصى الطرف الشمالي لولاية الوحدة في جنوب السودان». وأضافت أن نقاط التفتيش المسلحة أقيمت على الطرق الرئيسة داخل كادوقلي وفي محيطها، مع وجود تقارير عن وقوع أعمال نهب «واسعة النطاق» مساء أول من أمس. وتحدث الناطق باسم مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل عن «تقارير مقلقة للغاية عن ضحايا مدنيين وتشريد جماعي وأوضاع انسانية متدهورة». وأضاف أن موظفي حقوق الإنسان على اتصال مع أطباء وكاهن في المنطقة أكدوا أن عدداً من المدنيين قتلوا أو جرحوا في القتال وأن عمليات تفتيش تجري من منزل إلى منزل في غرب كادوقلي. ويُفترض أن يعلن جنوب السودان استقلاله رسمياً الشهر المقبل، لكن استمرار الخلافات مع الشمال على المسائل العالقة كالحدود وتقاسم الديون وعائدات النفط، يهدد بعودة المواجهة بين الجانبين. وقد يؤدي الانفصال إلى فقدان الشمال نحو 75 في المئة من انتاج النفط اليومي في السودان الذي يبلغ 500 ألف برميل ويمثل عصب الاقتصاد. ويعتبر مراقبون جنوب كردفان نقطة اشتعال محتملة لأنها موطن آلاف الشماليين الذين تحالفوا مع الجنوب ضد الخرطوم خلال الحرب الأهلية. ووصف مسؤولون شماليون الاشتباكات الحالية هناك بأنها «تمرد مسلح»، كما يضم الإقليم معظم ما سيتبقى للشمال من حقول النفط بعد الانفصال.