عززت الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ أوائل العام الحالي، آفاق النمو الاقتصادي لدول الخليج في المدى القصير، وفق «بنك الكويت الوطني» في نشرته الاقتصادية لدول الخليج. ورفع «الوطني» معدل النمو المتوقع للاقتصاد الخليجي بالأسعار الثابتة إلى 7 في المئة في العام الحالي، من 5.5 في المئة سابقاً. وجاء في النشرة: «في حين أن معدل النمو المتوقع لأصغر اقتصادين في المنطقة – البحرين وعمان – تمت مراجعته نزولاً على خلفية تأثر قطاعات التجارة والسياحة والاستثمار، يرجح أن يتحسّن النشاط الاقتصادي في دول الخليج الأخرى نتيجة زيادة الإنتاج النفطي وارتفاع النفقات الحكومية. أما في المدى المتوسط، فان الآفاق الاقتصادية ليست واضحة تماماً بعد، كما هي الحال في المدى القصير». ولاحظ «الوطني» أن «إنتاج النفط الخام لدول الخليج ارتفع في شكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، ليس أقلّه للتعويض عن التراجع الحاد في الإنتاج الليبي. وعلى رغم أن أوبك، بقيادة السعودية، لا تزال تشكك في الحاجة إلى رفع الإنتاج أكثر، إلا أن النمو الاقتصادي القوي في الأسواق الناشئة بالتزامن مع محاذير ارتفاع الأسعار في شكل يهز الأسواق، عوامل من شأنها أن تدفع أوبك إلى تليين موقفها. وفي هذه الحال، فإن أي ارتفاع في الإنتاج سيأتي على الأرجح بمعظمه من دول الخليج، التي قد تملك أكثر من 80 في المئة من قدرة الإنتاج الاحتياطي لأوبك»، متوقعاً أن «تحافظ السوق النفطية على توازنها وأن يبلغ متوسط سعر النفط 110 دولارات للبرميل هذه السنة وفي العام المقبل». وقدّر «الوطني» أن «تتجاوز قيمة الإجراءات الحكومية التي تهدف أولاً إلى تعزيز مستويات المعيشة لمواطني دول الخليج، مستوى ال 60 بليون دولار في العام الحالي (5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي)، تساهم السعودية بمعظمها. وهذا قد يعزز نمو المصاريف الحكومية في الخليج هذا العام إلى 22 في المئة. إلا أن هذه الزيادة القوية في النفقات لن تترجم بأكملها إلى طلب محلي، لكن ستساعد على الحفاظ على وتيرة نمو جيدة، فيما سيكتسب القطاع الخاص زخماً إضافياً، يشمل الاقتراض». وأضاف: «على رغم أن زيادة النفقات الحكومية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتحسن المناخ الاقتصادي عوامل عززت احتمالات ارتفاع التضخم، إلا أن المستقبل على المدى القصير يبدو مشجعاً إلى حد معقول، إذ بدأ تضخم أسعار المواد الغذائية بالانكماش فعلاً، وبقيت إيجارات المساكن تحت السيطرة بسبب توافر مزيد من المساكن، فيما بقيت الظروف النقدية العامة مستقرة». وتوقع «الوطني» أن «يبلغ معدل التضخم الخليجي في العام الحالي 3.6 في المئة، أي أقل مما كان متوقعاً سابقاً، على رغم أنه سيتسارع مع دخول عام 2012، في ظل تراجع سعر صرف الدولار وتأثيره على أسعار الواردات في دول الخليج، لكن هذا التأثير ما زال ضئيلاً حتى الآن». وأشار إلى أن «عودة أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل تضمن تقريباً للمنطقة جولة جديدة من الفوائض الهائلة في كل الموازنة وفي الحساب الجاري، سيكون كلاهما في نطاق 10 في المئة إلى 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي على مدى السنتين المقبلتين. وحتى في البحرين – الدولة الأقل غنى بالموارد في المنطقة – فإن أي عجز في الموازنة سيكون على الأرجح ضئيلاً وسهل التمويل. لكن الفوائض الكبيرة في الموازنة قد تدفع إلى حجب الحاجة إلى إصلاح هيكلي مالي، خصوصاً في ضوء الزيادة الأخيرة في مستويات النفقات الحكومية وخطر تراجع أسعار النفط في مرحلة ما في المستقبل».