انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي الجنرال المتقاعد هربرت ماكماستر، بعد تعليقه على اتهام 13 روسياً، بينهم «طبّاخ» الرئيس فلاديمير بوتين، بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016. وكتب ترامب على موقع «تويتر»:»نسي الجنرال ماكماستر أن يقول إن الروس لم يؤثروا في نتائج انتخابات 2016 أو يغيّروها، وإن التواطؤ الوحيد كان بين روسيا وهيلاري (كلينتون) المحتالة، واللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي والديموقراطيين. تذكروا الملف القذر، واليورانيوم، والخطابات، والرسائل الإلكترونية وشركة (جون) بوديستا!»، في إشارة إلى الرئيس السابق للحملة الانتخابية للمرشحة الديموقراطية. واعتبر ترامب ان ادارة سلفه باراك أوباما تتحمّل «بعض اللوم» في «ملف روسيا»، علماً ان الرئيس السابق كان دافع أواخر العام 2016 عن تعامل إدارته مع «تدخل» موسكو، مشيراً الى انه واجه بوتين في هذا الصدد. واشار ترامب الى ان آدم شيف، ابرز عضو ديموقراطي في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، «يلوم الآن ادارة أوباما في شأن التدخل الروسي في انتخابات 2016». ويبدو ان الرئيس يشير الى مقابلة أجراها شيف مع شبكة «ان بي سي نيوز»، قال فيها ان الإدارة السابقة كان يجب ان تشكّل «رادعاً اكثر قوة» ضد خصوم اجانب يدرسون شنّ هجمات إلكترونية على الولاياتالمتحدة. وكتب ترامب على «تويتر»: «لم أقل أيداً ان روسيا لم تتدخل في الانتخابات. قلت: قد تكون روسيا، او الصين، او بلد آخر او جماعة، او قد يكون عبقري يزن 180 كيلوغراماً يجلس في سريره ويلهو بحاسوبه. الخدعة الروسية هي ان حملة ترامب تواطأت مع روسيا - ولم تفعل ذلك إطلاقاً». وكان الرئيس شكّك مراراً في «تدخل» موسكو في الانتخابات، واعتبر ان بوتين صادق بتأكيده ان روسيا لم تتدخل. ورأى ترامب ان موسكو تحقق نجاحاً يفوق «اقصى ما كانت تحلم به»، وزاد: «انهم يموتون من الضحك في موسكو. استفيقي يا أميركا!». ترامب وأوباما وانتقد الرئيس الأميركي ارسال ادارة أوباما «1.7 بليون دولار نقداً الى إيران، ولا أحد في الكونغرس، وأف بي آي أو القضاء دعا الى تحقيق!». وكانت إدارة الرئيس السابق برّرت الأمر الذي حدث عام 2016، بتسوية امام محكمة تحكيم كانت عالقة منذ عقود بين الدولتين، علماً انها تزامنت مع اطلاق طهران 4 سجناء أميركيين. وكان ماكماستر اعتبر أن لائحة الاتهام التي أصدرها روبرت مولر، المحقق الخاص في ملف «تدخل» روسيا في الانتخابات الأميركية، أظهرت أن الولاياتالمتحدة باتت «أكثر مهارة في تتبّع أصول هذا التجسس والتخريب»، مؤكداً أن «الأدلة باتت الآن غير قابلة للنقاش في متناول الحقل العام». أتى ذلك خلال مشاركة ماكماستر في مؤتمر ميونيخ للأمن، وبعدما اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اللائحة «هراء». أما أندريه كوتسكيخ، المبعوث الرئاسي الروسي لشؤون أمن المعلومات الدولية، فوصف اللائحة ب «تصريحات أطفال»، معتبراً أن «لا أدلة» على صحتها. كما أكد سيرغي كيسلياك، السفير الروسي السابق في واشنطن، أن بلاده «لم تتدخل في الحياة السياسية الأميركية»، وتابع: «كل هذه الاتهامات مجرد أوهام تُستخدم لأغراض سياسية في الولاياتالمتحدة، في إطار معركة بين الأطراف السياسيين». وكانت لائحة مولر أشارت إلى أن الحملة الروسية بدأتها عام 2014 شركة «وكالة بحوث الإنترنت» التي يموّلها يفغيني بريغوجين، وهو مقرّب من الرئيس فلاديمير بوتين، مضيفة أنها تابعة لأجهزة الاستخبارات الروسية. وأضافت أن الوكالة شنّت «حرباً معلوماتية على الولاياتالمتحدة» بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكترونية، مستخدمة هويات مزورة، ل «توتير الأجواء السياسية عبر تأييدها جماعات متشددة، ومستخدمي إنترنت غاضبين من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وحركات اجتماعية معارضة»، سعياً إلى ترجيح كفة ترامب وتشويه سمعة هيلاري كلينتون. وأنشأت الوكالة صفحات، متنافسة أحياناً، على موقعَي «فايسبوك» و«إنستغرام»، خصصتها لملفات عرقية، مثل «بلاكتيفيست» (الناشطون السود)، ومتعلّقة بالهجرة «سيكيورد بوردرز» (حدود محمية)، وبالدين «يونايتد مزلمز أوف أميركا» (مسلمو أميركا المتحدون)، و «آرمي أوف دجيزس» (جيش يسوع)، للتضليل الإعلامي. كما أدارت حسابات مزيفة مؤيّدة لترامب على «تويتر» و «فايسبوك»، ونشرت أوساماً (هاشتاغ) للتأثير في المسائل الأكثر رواجاً على «تويتر»، بينها #ترامب2016 و#هيلاري إلى السجن. وقبل أيام من موعد الانتخابات، دعا حساب «بلاكتيفيست» إلى التصويت لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين، فيما نشر حساب «مزلمز أوف أميركا» رسالة أكد فيها أن «معظم المسلمين يرفض التصويت لهيلاري كلينتون». وذكرت اللائحة أن الوكالة «أنتجت واشترت ونشرت» مساحات إعلانية على شبكة الإنترنت «تؤيّد صراحة المرشح ترامب وتعارض كلينتون»، لا سيّما عبر الترويج لتظاهرات وتجمعات، علماً أن القوانين الأميركية تحظّر شراء الأجانب إعلانات سياسية. ودفعت الوكالة مبلغاً مالياً لشبيهة بهيلاري كلينتون، من أجل ارتداء زيّ السجناء في تظاهرة في وست بالم بيتش. كما تكفّلت بمصاريف سفرها للمشاركة في تظاهرة في نيويورك، بالزيّ ذاته. وبعد الانتخابات تابعت الوكالة عملها وموّلت تجمعات، لا سيّما تظاهرتين متنافستين نُظمتا في اليوم ذاته في نيويورك، ومسيرة مناهضة لترامب في تشارلوت. الحملة الروسية وفي هذا الصدد، نقلت وكالة «رويترز» عن خبراء إن الحملة الروسية التي استهدفت الانتخابات الأميركية جمعت بين أساليب التجسس القديمة وتقنيات القرن 21، معتبرين أن وقفها لن يكون سهلاً، على رغم كشفها. وتشير الأساليب التي كشفت عنها لائحة مولر، في ذلك استخدام شركات وهمية وهويات مسروقة واستخدام شبكات خاصة افتراضية لتفادي الرصد على الإنترنت، إلى أن شركة بحجم «فايسبوك» لن تكون بمنأى عن مواجهة صعوبة في منع هذه النشاطات. وقالت آن رافيل، وهي عضو سابق في لجنة الانتخابات الاتحادية الأميركية، في إشارة إلى المشرفين على الموقع: «لا يمكنهم وقف ذلك تماماً، لأن تعقّب تلك الأشياء صعب جداً. شراء الإعلانات سراً على الموقع من خلال شخصيات مزيفة، أمر يثير قلقاً كبيراً». وأضافت أن شركات الإنترنت ربما تحتاج إلى اللاستعانة بممارسات تتّبعها المصارف للتعرّف على هويات زبائنها، وتبادل المعلومات دورياً مع السلطات. وأعلنت «فايسبوك» أنها ستبدأ في طلب توثيق شامل من المعلنين المرتبطين بالانتخابات، للتحقق من هوياتهم ومواقعهم، بدءاً من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الخريف المقبل.