سنغافورة - يو بي آي ، أ ف ب، رويترز - أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس خلال مؤتمر «شانغري لا» السنوي في سنغافورة لبحث مسائل الأمن في منطقتي آسيا والمحيط الهادئ، وسبق زيارته المفاجئة لأفغانستان، أن الضغط العسكري على حركة «طالبان» يؤدي الى «فرص حقيقية» لإجراء مفاوضات سلام مع قادة المتمردين في أفغانستان. وقال: «من وجهة نظري، ستأتي الفرص السياسية من الضغط العسكري»، مضيفاً أن «إذا كنا نستطيع مواصلة هذه النجاحات بعد طرد طالبان من معقليها الجنوبيين في قندهار وهلمند، وتكبيد المتمردين انتكاسات في أرض المعركة، ونوسع دائرة الأمن ربما في الشتاء يصبح إجراء شكل من المحادثات السياسية والمصالحة احتمالاً واقعياً في شكلٍ كافٍ لمنح الأمل في التقدم». وزاد غيتس: «المعروف أن كل النزاعات المماثلة تنتهي بتسويات سياسية، لكن إذا أرادت طالبان الاضطلاع بدور سياسي في أفغانستان، فيجب أن تقر مع باقي المتمردين بأنهم لن ينتصروا على الحملة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها، ويجب أن تقطع الحركة أيضاً علاقاتها بتنظيم القاعدة، وتسلم كل أسلحتها إذا كانت تطمح لأي دور سياسي، كما يجب أن توافق على العيش في ظل الدستور الأفغاني وتستعد لإلقاء السلاح والعيش في مجتمع تحتكر فيه الحكومة استخدام القوة. ورأى أن إضعاف التمرّد في أفغانستان يمكن أن يعني أيضاً اضطلاع الدول المجاورة بدور أكبر في تشجيع نهاية تفاوضية للنزاع، «ما يحتم أخذ مخاوف بعض الجيران في الحسبان»، مع العلم أن الهند قلقها متزايد من احتمال تعرض أمنها للخطر إذا عادت «طالبان» التي يدعمها خصمها اللدود باكستان منذ فترة طويلة الى السلطة في أفغانستان. ويؤكد مسؤولون هنود أن خلال الفترة السابقة لحكم طالبان بين عامي 1996 و2001 عملت جماعات متشددة مناهضة للهند من قواعد في شرق أفغانستان، وهم يشعرون بقلق من أن جهود بلادهم لزيادة نفوذها في شق الطرق ومد خطوط الكهرباء في أفغانستان منذ نهاية عام 2001 قد تنسف إذا عادت «طالبان» إلى السلطة، وهو ما يثير أيضاً قلق إيران وروسيا اللتين دعمتا الى جانب الهند، التحالف الشمالي خلال الحرب الأهلية في أفغانستان بعد انتهاء الاحتلال السوفياتي البلاد. وأكد غيتس أن تأهيل قوات أفغانية أكثر قدرة يفترض أن تتولى مسؤولية الأمن تدريجاً بدلاً من القوات الأجنبية بدءاً من الشهر المقبل، سيساعد أيضاً في إعداد الأرضية لإنهاء الحرب الذي يربطه المتمردين بتخليص أفغانستان من القوات الأجنبية. ومنذ مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في الثاني من أيار (مايو) الماضي، طالب عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي بإنهاء الحرب في أفغانستان التي باتت بنظرهم من دون جدوى، فيما كشفت تقارير أن الولاياتالمتحدة بدأت تتواصل سراً مع «طالبان» من دون أن يشكل ذلك بداية عملية سلام. على صعيد آخر، أكد وزير الدفاع الأميركي أن بلاده ستبقي على وجود عسكري «قوي» في آسيا، على رغم ضغوط الموازنة والحروب المطولة في العراق وأفغانستان، وذلك بالاعتماد على أسلحة جديدة بينها سفن قتالية جديدة من نوع «إل سي إس» ستنشر في سنغافورة لحماية حلفائها وتأمين أمن الطرق التجارية البحرية، وتقاسم تسهيلات في المحيط الهندي مع أستراليا. وقال: «سينتشر الجيش الأميركي بطريقة تضمن الحفاظ على وجودنا في شمال شرقي آسيا، وتعزيز وجودنا في جنوب شرقي آسيا والمحيط الهندي»، مضيفاً: «موقفنا من الأمن البحري واضح، إذ نملك مصلحة قومية في حرية الملاحة لأسباب اقتصادية وتجارية». ويأتي التذكير بالمصالح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، في وقت تخشى واشنطن مواجهات في بحر الصين الجنوبي بسبب خلافات على أرخبيل باراسيل وسبارتليز جنوباً التي تطالب كل من الصين والفيليبين وتايوان وبروناي وماليزيا وفيتنام بحصص من أراضيها. وقال غيتس: «أخشى أن تحصل مواجهات إذا لم توضع قواعد للعمل وأساليب لمعالجة هذه المشاكل، وأعتقد أن ذلك لا يخدم مصلحة أحد»، داعياً الى وضع اتفاق بين رابطة جنوب شرقي آسيا، والصين الى وضع «مدونة سلوك» تهدف الى تسوية النزاعات بطريقة سلمية. وقال الرئيس الفيليبيني بينينيو أكينو أول من أمس أن «بلاده سجلت سبعة حوادث بحرية خلال أقل من أربعة شهور، تجاوزت فيها الصين مياهها الإقليمية». كذلك، أكد الوزير قلق بلاده من الهجمات الإلكترونية التي ربما يكون مصدرها الصين، وقال: «نتعامل بجدية مع التهديد الإلكتروني، ونرى أن مصدره لا ينحصر في دولة واحدة». وأعلنت شركة «غوغل» هذا الأسبوع أنها منعت محاولة لسرقة كلمات السر الخاصة بمئات الأشخاص الذين يملكون بريداً إلكترونياً على موقعها، وبينهم مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية وناشطون وصحافيون صينيون. واعتبرت المحاولة الأحدث في سلسلة هجمات إلكترونية استهدفت أيضاً شركتي «لوكهيد مارتن» و «سوني». وقالت «غوغل» إن الاختراق الأخير مصدره الصين، لكن واشنطن لم تحمّل بكين المسؤولية، وقال غيتس إنه «يصعب تحديد مكان مرتكبي هذه الهجمات، مع العلم أن العلاقات مع الصين تتحسن، على رغم أن أهداف استثماراتها العسكرية لا تزال غير واضحة». وقال وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس إن «الهجمات الإلكترونية باتت متكررة الآن وبأعداد كبيرة وصفها بحرب مع عدو غير منظور»، مضيفاً أن «القضية أضحت ملحة، وتأتي على رأس جدول الأعمال الأمني».