كنت صغيراً أسمع المثل «كل فولة مسوّسة لها كيّال أعور» وهو بمعنى «طنجرة (حلّة) ولاقت غطاها»، أو بالفصحى «وافق شنٌّ طبقه». بعض النساء يلجأ طلباً للجمال الى وضع قناع من الوحل على الوجه، ومنهن من يزيد حسنها إذا بقي القناع على وجهها. ثم هناك التي كانت ستبدو جميلة لو ولدت في عصور الظلام. لا أدري ماذا يصيب بعض الرجال عندما يرى امرأة، أي امرأة، حتى لو كانت من النوع السابق، فرؤية تنورة يكفي ليفقد الأستاذ عقله وكأنه ضبع في موسم التكاثر، كما رأينا في فضيحة رئيس صندوق النقد الدولي المستقيل دومينيك سترواس- كان الذي اتهم بأنه هجم عارياً على خادمة في فندق، ثم أسرع الى المطار طلباً للفرار من البلد، واعتقل وأنزل من الطائرة، وهو يواجه الآن تهمة اعتداء جنسي في نيويورك. لو كان رجلاً واحداً لقلنا انه مجنون، غير انهم جميعاً، باستثنائي والقارئ، ستراوس- كان، لأنني ما ان علّقت على قضيته قبل أيام حتى كنت أقرأ خبراً عن وزير فرنسي سابق هو لوك فيري، مطلوب للتحقيق معه بتهمة المشاركة في «حفلة جنس» للشاذين، مع وزير آخر هو جورج ترون اتهمته امرأتان بالتحرش بهما بين 2007 و 2010 واستقال بسرعة من منصبه لتلافي فضيحة تصيب حزب الرئيس ساركوزي ما يحوّل الأنظار عن فضيحة الحزب الاشتراكي الذي كان ينتمي اليه ستراوس- كان والذي أصبح في «خبر كان» بعد ان كان مرشحاً، ومرجحاً للفوز على الرئيس في الانتخابات المقبلة. هل يريد القارئ ما هو أغرب مما سبق؟ في الوقت ذاته أيضاً كنت أقرأ في الصحف الأميركية عن اتهام عضو الكونغرس انطوني واينر بأنه أرسل صوراً فاحشة لطالبة، كما ذكرت جريدة «هفنغتون بوست» الاكترونية ان رئيساً سابقاً لبنك الاسكندرية هو محمود عبدالسلام عمر اتهم في نيويورك أيضاً بالتحرش الجنسي بخادمة في فندق. وقال الناطق باسم الشرطة بول براون ان الشرطة تلقت شكوى ووجدت انها قابلة للتصديق. وبين هذا وذاك دين سكوت ريتر، مفتش الاسلحة في العراق، بتهمة محاولة إقامة علاقة جنسية مع بنت في الخامسة عشرة في كمين نصبته له الشرطة. هل في جو نيويورك عنصر كيماوي يحوّل الرجال الى منحرفين جنسيين؟ هل هي مؤامرة أو مؤامرات ضد الأثرياء أو المشاهير؟ لا يمكن أن تكون هناك مؤامرة صهيونية غاشمة لأن ستراوس- كان وزوجته صهيونيان حتى العظم، ولا أعتقد ان الكيماويات تلعب دوراً في الموضوع، فأنا أزور نيويورك كل سنة منذ 40 سنة، ولم أشعر يوماً برغبة في التحرش بخادمة الفندق، أو حتى بنزيلة حسناء. وهذا يعيدني الى فكرة المؤامرة فأنا لست مشهوراً كثيراً أو ثرياً بما يكفي لتدبير مؤامرة ضدي بضخ كيماوي مثير للرغبات عبر جهاز التكييف في غرفتي. مرة أخرى، في كل يوم خبر من نوع ما سبق، ولعل المحامية غلوريا ألريد تؤلف يوماً كتاباً عن قضايا تولتها فقد مثلت أسرة نيكول براون التي اتهم بقتلها زوجها أو جي سيمبسون، وممثلة الإغراء جودي فيشر ضد رئيس شركة هيوليت - باكارد الكبرى مارك هيرد، وهو اتهم بالتحرش الجنسي واستقال ودفع تعويضاً للممثلة. وألريد مشغولة الآن بقضية رفعتها فيوليت كوال عشيقة ميل غيبسون على الممثل المشهور، وأيضاً راشيل أوكيتل في قضية على لاعب الغولف تايغر وودز. وطبعاً هناك المخرج رومان بولانسكي المطلوب في الولاياتالمتحدة بتهمة اغتصاب قاصر، وكانت سويسرا إعتقلته ثم أُفْرِج عنه بكفالة مع ان التهم التي وجهتها إليه نساء كثيرات في قضايا متوالية تكفي لسجنه مدى الحياة. ما هي الفضيحة المقبلة ومن بطلها من كبار السياسيين أو مشاهير السينما والمسرح؟ هناك في بريطانيا حوالى مئة قضية أصدرت المحاكم أوامر بمنع الميديا من كشف أسماء الشاكين والمشتكى عليهم بحجة ان الموضوع غير مهم للجمهور. والنتيجة ان حملة قامت لتغيير قوانين لا تمثل لها ميديا الانترنت، فكثير من الأسماء التي لا تستطيع الصحافة الورقية نشرها رددته مئات مواقع الانترنت. بت أعتقد ان في داخل كل رجل فضيحة مونيكا لوينسكي تنتظر شرارة تطلقها، ورئيس العمل الذي يتحرش بموظفة ربما كان دافعه ان التحرش معفى من الضرائب، فأقترح درءاً للشبهات ان يوضع مكتبه على سطح البناية... وحده. [email protected]