قال ممثل مصراتة في المجلس الوطني الانتقالي الليبي الدكتور سليمان محمد الفورنتية، إن عدد شهداء المدينة خلال حصار قوات العقيد معمر القذافي لها يتجاوز 1200 شخص ونحو ألفي جريح خلال 85 يوماً من المعارك. وأكد أن الدمار طال 80 في المئة من مباني مصراتة، وأن المنطقة القريبة من الميناء أُحرقت بالكامل على أيدي جنود القذافي. ودعا إلى تقديم مساعدات طبية وغذائية إلى أهل مصراتة حتى يستطيعوا مواجهة ظروفهم الحياتية الصعبة. وروى الفورنتية في حديث إلى «الحياة» في الدوحة التي زارها للبحث في مساعدات صحية، تفاصيل عن الآلام التي يكابدها يومياً أهل مصراتة، وقصة سفره من مدينته إلى بنغازي في رحلة بحرية قال إنها استغرقت 30 ساعة على متن قارب صيد غير آمن، ثم استمرت رحلته عشر ساعات بالبر إلى مصر ومنها بالطائرة إلى قطر. وأشار إلى أن عملية الانتقال عبر البحر من مصراتة إلى بنغازي تمثّل الطريقة الوحيدة لنقل مواد الإغاثة، وفي صدارتها الأدوية، قائلاً: «لا يهمنا الحصول على الطماطم بل على الإغاثة الضرورية». وأكد استمرار معاناة مواطني مصراتة مع الغذاء والدواء، وقال إن الناس هناك عاشوا فترة تزيد على 90 يوماً من دون «دخل» مالي، علماً أنهم تجّار وتعرضوا لخسائر كبيرة في ظل انعدام السيولة المالية. وأعاد إلى الأذهان أن المدينة عاشت في فترة سابقة عمليات قصف عشوائي بالقنابل ارتكبتها كتائب القذافي، وأن القصف لم يتوقف إلا قبل أسابيع عندما تدخلت قوات «الناتو». وكرر مزاعم أن قوات القذافي استخدمت في قصفها لمصراتة طائرة هليكوبتر كُتب عليها اسم «الهلال والصليب الأحمر»، مؤكداً أنها حاولت أيضاً قصف الميناء وزرعت ألغاماً في البحر لمنع البواخر من دخوله. وشدد على أن الدمار في مصراتة ينتشر في كل مكان، لافتاً إلى أن الثوار تمكنوا بعد معارك ضارية من دحر قوات القذافي إلى خارج هذه المدينة التي تقع على نحو 800 كيلومتر غرب بنغازي. وقال إن كتائب القذافي تتمركز الآن في زليطن (على بعد 50 كيلومتراً غرب مصراتة) وتاورغاء (35 كيلومتراً من مصراتة)، كما أن «كتائب خميس» (نجل القذافي) انتشرت في المنطقة الجنوبية (30 كيلومتراً جنوب من مصراتة) وفي بني وليد أيضاً (على بعد 80 كيلومتراً جنوباً). وأشار في هذا السياق إلى أن البحر مازال يشكّل المنفذ الوحيد لمصراتة. وقال إن الثوار الليبيين يسيطرون حالياً على منطقة تمتد من الدفينة في الغرب (30 كيلومتراً من مصراتة) ألى منطقة طمينة والكراكيم في الجهة الشرقية على بعد 25 كيلومتراً من مصراتة. وأوضح أن جبهة مصراتة تمتد الآن أكثر من 80 كيلومتراً. ولفت إلى أن قوات «الناتو» ضربت كتائب القذافي في جنوب مصراتة (على بعد 20 كيلومتراً من المدينة)، ما أدى إلى دخول أفرادها بيوت العائلات و «هم قتلوا الرجال واغتصبوا البنات وجلسوا في البيوت». وأضاف أن «خطتنا بعد تحرير المناطق المجاورة لمصراتة (زليطن وبني وليد وتاورغاء) سننطلق إلى طرابلس لتخليص أهلها من الحصار». وقال: «سنحرر ثلاث مناطق من الداخل بواسطة الناس أنفسهم، نحن نساعد الثوار ولا نضرب أي منطقة من بعيد. نعطيهم سلاحاً ومؤناً واحتياجات طبية، وندعو سكان تلك المناطق إلى أن تثور، إذ لا بد من دفع ثمن الكرامة والحرية». وقال الدكتور سليمان الفورنتية عضو المجلس الانتقالي الليبي: «شكّلنا لجنة لتسيير الوضع في مصراتة وتنظيم الحياة فيها، وأغلب أعضائها من القضاة والمحامين، وقد انبثقت عنها لجان إغاثة وصحة وأمن ولجنة عسكرية، وسُمّيت اللجنة عقب ذلك «المجلس المحلي» وتم اختياري مع شخص آخر لنمثّل المجلس المحلي في مصراتة في المجلس الانتقالي». وعن الأوضاع الصحية في مصراتة، قال: «لسوء الحظ كان مستشفى المدينة تحت الصيانة (عندما اندلعت الحرب) وكنا نستخدم أحد المستوصفات للعلاج لكن تم ضربه، فانتقلنا إلى مستوصف صغير، وهناك بدت مظاهر المأساة الصحية». وقال: «في ظل تلك المعاناة، وصل إلى مصراتة مستشفى متنقل من النروج تبرع به أطباء ليبيون، لكنه ضُرب بواسطة كتائب القذافي في يوم وصوله وأثناء عملية التركيب، لكن جرى ترميمه ويضم غرفة لإجراء العمليات». وقال إن الأيام الماضية شهدت وصول وقود لتشغيل محطة تحلية المياة، واعتبر أن عملية وصول الوقود مهمة لأنها تؤدي إلى وصول محطات للكهرباء. وقال إن «خسارتنا في مصراتة 1200 شهيد». وعن كيفية نقل الجرحى في مصراتة، قال: «نقلنا بعضهم إلى بنغازي على متن سفينة نقلت عمالاً مصريين وسودانيين غادروا مصراته بسبب الحرب، وبعض الجرحى قطعت أياديهم وأرجلهم». وكشف أنه تم نقل نحو ألفي جريح من مصراتة إلى بنغازي وأن نصف هذا العدد جرى نقله الى مستشفيات في قطر واليونان وتركيا ومالطا وايطاليا. وفي شأن زيارته للدوحة، قال إن «قطر تقدم تجهيزات طبية خاصة لمصراتة. القطريون يتجاوبون معنا، وقدموا تمويلاً لمستشفى في مصراتة وسيارات اسعاف ودفاع مدني وملابس وأغذية للأطفال». وينتمي ممثل مصراتة في المجلس الانتقالي إلى بيت قدم عدداً من «الشهداء» في الكفاح ضد نظام القذافي. ويقول الدكتور الفورنتية: «القذافي سجن والدي في عام 1977 وقتله داخل سجن أبو سليم، وسجن أخي وقتله في السجن أيضاً، كما سجن أخي الثاني لمدة سبع سنوات قبل الافراج عنه».