حاول وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون أمس، طمأنة الناخبين الغاضبين بسبب استبعادهم من المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة ب «بريكزيت»، إلى أن الخروج من الاتحاد الأوروبي فرصة ل «الأمل لا للخوف»، محذراً في الوقت ذاته زملاءه الوزراء والنواب المعارضين ورئيسة الحكومة تيريزا ماي، من أن القبول بالقوانين والتشريعات الأوروبية خلال المرحلة الانتقالية من دون المشاركة في وضعها سلوك غير ديموقراطي وغير مقبول، وذلك في مؤشر إلى استمرار الخلافات داخل مجلس الوزراء. وقال إن هناك 3 حجج لدى معارضي «بريكزيت»، الأولى جيوستراتيجية، فبريطانيا بالنسبة إليهم بلد صغير ارتكب خطأً في اختياره الخروج من اتحاد دولي كبير ومؤثر، والثانية عاطفية، فالمواطنون يشعرون بأننا قطعنا الجسور مع أوروبا، أما الثالثة فتتمثل بالخوف من أن يصبح وضعنا سيئاً على المستوى الاقتصادي». وحاول تهدئة هذه المخاوف معترفاً بأنه «يخاطر في إثارة مزيد من المشاعر». في المقابل، علّق رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على خطاب مناصري «بريكزيت» الذين يأخذون عليه دفعه باتجاه التصاق أكبر بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، فقال: «إن الادعاء بأنني أسعى إلى بناء دولة أوروبية عظمى كلام فارغ». وأضاف أن «بعض السياسيين الأوروبيين يدعي أنني متخلف وعنيد، أعمل من أجل الفيديرالية الأوروبية، وهذا هراء. لسنا الولاياتالمتحدة الأميركية». وألقى جونسون أمس، خطاباً حول خريطة طريق للخروج من الاتحاد الأوروبي، معترفاً بالانقسام العميق الذي أحدثه قرار «الطلاق» مع بروكسيل، لكنه لم يهادن الذين يطالبون بإعادة الاستفتاء، مشدداً على أن «الطلاق حاصل»، وأن بريطانيا مصرة على التحكم بالقوانين والتعرفة المتعلقة بالتبادل التجاري. واستبق خطابه بمقال نشره في صحيفة «ذي صن» البريطانية اليمينية الشعبية جاء فيه: «لن نقطع الجسور (مع أوروبا). وبالتأكيد لن نمنع الطلاب من أنحاء العالم من الدراسة في جامعاتنا، فهم يساهمون بشكل كبير في اقتصادنا». وأضاف: «سنعتمد على تقاليدنا التجارية والديبلوماسية العريقة وعلى القوة الناعمة لمد الجسور مع كل العالم». وتابع: «هناك مَن هو مصمم على عرقلة الخروج من الاتحاد الأوروبي، والانقلاب على استفتاء 23 حزيران (يونيو) 2016 وكسر إرادة الشعب، وسيكون وهذا خطأ كارثي إذا حصل، ينتج عنه شعور دائم بالخيانة ولن نسمح بذلك مطلقاً. ولتحقيق الهدف، علينا التواصل مع الذين ما زالوا خائفين من التبعات. وأؤكد (لكم) أن هذه المخاوف لا أساس لها والعكس صحيح، وعلينا أيضاً أن لا نكرر أخطاء المؤيدين للاتحاد الأوروبي الذين تجاهلوا معارضيه». وزاد: «ليس من الحكمة القول للمؤيدين: لقد خسرتم، فالكثيرون منهم تصرفوا بنبل وبإحساس بالتضامن مع جيراننا الأوروبيين وبرغبة في نجاح المملكة المتحدة». واعتُبر خطاب جونسون على نطاق واسع بأنه تحذير لوزير الخزانة فيليب هاموند، والوزير المكلف «بريكزيت» ديفيد ديفيس، ورئيسة الحكومة ماي الذين يميلون إلى قبول بعض التشريعات الأوروبية من دون المشاركة في وضعها خلال المرحلة الانتقالية. وقال مخاطباً هؤلاء: «وحدها السيطرة على قوانينا تمكّن شركاتنا من النمو والنجاح، من دون خطر الخضوع لإدارة منقسمة على نفسها». وأكد رداً على سؤال حول ما إذا كان هو الشخص المناسب لطمأنة مؤيدي الاتحاد الأوروبي، أن انتقاد معارضي «بريكزيت» كان «معتدلاً، وعلينا تهدئة مخاوف المواطنين جميعاً». وفي أول رد من حزب العمال المعارض، قال النائب تشوكا أوماما إن «خطاب وزير الخارجية تمرين مذهل في الخبث، إن خططه تؤدي إلى قطع علاقاتنا التجارية مع أكبر شركائنا، وتضعف حماية العمال والمستهلكين والبيئة، وتقضي على الاتفاقية التي أرست السلام في إرلندا، حتى أنه لم يذكر هذا الأمر مطلقاً». وتابع أنه «يأخذ على الآخرين كذبهم وخيانتهم، لكنه نسي أنه هو الذي روّج كذبة مفادها أن بريطانيا ستكسب أسبوعياً 330 مليون جنيه تصرفه على المستشفيات فور خروجها من الاتحاد الأوروبي، ونسي أنه هو من أشاع الخوف من دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي». إلى ذلك، أظهر تقرير للبرلمان البريطاني أمس، أن تأخير إصدار التوجيهات الحكومية ونقص الموارد تركا موظفي الحدود وإدارات الهجرة غير مستعدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.