نصح البنك الدولي الدول بأن تستعد للمرحلة المقبلة عبر إعداد عنصر بشري قادر على مواكبة عصر الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، الذي سيوثر في القوى العاملة، متوقعاً أن يفقد 150 مليون شخص وظائفهم بحلول عام 2050، بينما سيدخل سوق العمل 450 مليوناً، أي ستكون هناك فجوة في سوق العمل بنحو 300 مليون وظيفة. وقال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال اليوم الثاني من فاعليات «القمة العالمية للحكومات» التي انطلقت أول من أمس بمشاركة 4 آلاف رئيس وزراء ووزير ومسؤول في منظمات دولية وخبراء من 140 دولة: «المشكلة التي نواجهها هي أن العالم سيحتاج 129 مليون وظيفة بحلول عام 2020، ونحو 180 مليون وظيفة بحلول عام 2030». وأشار إلى أن «الدول التي لا تستثمر في العنصر البشري وتدرب كوادر قادرة على مواكبة عصر التكنولوجيا من خلال التعليم، لن تتمكن من دعم اقتصادها في المستقبل، ما سينعكس سلباً على طموحات العنصر البشري، ويؤدي إلى انتشار العنف والتطرف والإرهاب». ولفت إلى أن «التحديات المقبلة كبيرة وكثيرة لأن التكنولوجيا ستضع حداً للكثير من الوظائف، ومؤسسة ماكنزي قدرت أن 15 في المئة من الوظائف الموجودة حالياً ستختفي، و65 في المئة من طلاب الابتدائي حالياً سيعتلون وظائف من نوع جديد غير موجود حالياً». وقال إن «الابتكار خلال السنوات المقبلة سيسير بسرعة الضوء، لذا علينا إعداد جيل جديد سريعاً لشغل الوظائف الجديدة المتوقع ظهورها خلال السنوات القليلة المقبلة». وأشار إلى أن «العالم يتغير سريعاً، في وقت لدينا في العالم 250 مليون شخص أمّي، و264 مليوناً لا يحظون بتعليم مدرسي، ومحصلات التعليم تختلف باختلاف المدارس، حيث تحصيل طالب في مدارس سنغافورة خلال سنة واحدة مثلاً يساوي تحصيل الطلاب في رواندا أو اليمن أو دول أخرى في العالم الثالث في 5 سنوات». ولاحظ أن الدول «التي حققت قفزات اقتصادية هي التي ركزت على رأس المال البشري، على اعتبار أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول التي ركزت على العنصر البشري خلال السنوات القليلة الماضية زاد 25 في المئة، في مقابل 1.5 في المئة في الدول التي لم تركز على العنصر البشري». وأكد أن «البنك الدولي استثمر في التعليم في كل من الأردن ولبنان، ولكن لم نعد قادرين على مواجهة ارتفاع الكلفة مع زيادة تدفق المهاجرين من الدول المتضررة في المنطقة». وتوقع المشاركون في القمة أن يشهد العالم خلال السنوات ال30 المقبلة تغيرات وتطورات أسرع مما شهدناه خلال 3 آلاف سنة، وفقاً لوزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل الإماراتي رئيس «القمة العالمية للحكومات» محمد القرقاوي، الذي فاجأ جمهور القمة بحقائق مستقبلية بأن 47 في المئة من الوظائف ستختفي خلال السنوات المقبلة بسبب الذكاء الصناعي. وقال إن «ما يُستثمر حالياً في مجال الذكاء الصناعي عالمياً يفوق ما يستثمر في قطاع النقط، ويُتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي عام 2030 أكثر من 15 تريليون دولار إلى الناتج الإجمالي العالمي، أي أكثر من 10 أضعاف مبيعات النفط عالمياً». وركزت القمة خلال اليوم الثاني على مفهوم السعادة، إذ استعرضت نخبة من العلماء والخبراء نتائج التقرير العالمي لسياسات السعادة الصادر في نسخته الأولى، التي تضم أكثر من 150 مقترحاً لسياسات حكومية تدعم توجهات الدول في مجال ترسيخ ثقافة السعادة وجودة الحياة. وفي جلسة بعنوان «رؤى وتجارب من التقرير العالمي لسياسات السعادة»، تحدث كل من الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي ومدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا جيفري ساكس، والخبير الاقتصادي ومدير البرامج في مركز الأداء الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد وريتشارد لايارد، وأستاذ علم النفس ومدير مركز علم النفس الإيجابي في جامعة بنسلفانيا مارتن سيليغمان، الأستاذ المساعد في الاقتصاد والاستراتيجية في جامعة أكسفورد جانايمانويل دي نيف. ونصح ساكس الحكومات بالاطلاع على التقرير الأول من نوعه في العالم وما يتضمنه من دراسات وتوصيات قيّمة تساعدها على تحسين مستويات السعادة وجودة الحياة بشكل ملحوظ. وقال: «هذا التقرير هو خلاصة أفضل الممارسات العالمية والتجارب العملية الملهمة في تبني السعادة وجودة الحياة، والهدف منه مساعدة الحكومات على فهم وقياس ورصد السعادة في العالم». وأضاف: «22 حكومة فقط من أصل 193 في الأممالمتحدة لديها سياسات للسعادة، لذلك فإن مهمتنا التالية هي العمل على نشر هذه المعلومات القيمة وإيصالها للمجتمع الدولي».