تصدرت عناوين «المدن الذكية» وخدمة المواطنين و»مستقبل الحكومات» في المنطقة العربية، مناقشات مسؤولين وخبراء من أنحاء العالم اجتمعوا في دبي أمس في إطار «القمة الحكومية» التي افتتحت أعمالهما بمشاركة 3500 شخصية، بينهم قيادات ووزراء ومسؤولون حكوميون وخبراء، ركزوا على البحث في سبل تطوير الخدمات الحكومية ومواكبة العصر المعرفي في المنطقة وخارجها. واستبق نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نشاطات القمة التي يحضرها أكثر من 50 دولة، إضافة إلى الأممالمتحدة وغيرها من المنظمات العالمية، بالقول إنها قمة «للعقول الواعية المخلصة والساعية إلى خدمة البشرية وتحسين حياة الإنسان أينما كان». وركز وزير الداخلية الإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان في كلمته خلال القمة، على إنجازات الإمارات وحسن إدارتها فترة أزمة المال العالمية، وقال «في وقت مرّ العالم في أزمات كثيرة منذ العام 2008 وفُقدت ملايين الوظائف، تمكّنت الإمارات في السنوات الأخيرة من زيادة الاستثمارات الأجنبية بنسبة 40 في المئة، وأطلقت أقماراً اصطناعية واستضافت «أرينا» وفازت باستضافة معرض إكسبو الدولي». وأطلق ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي خلال القمة مبادرة «حكومة دبي نحو 2021» التي تُعد الأولى على مستوى العالم، إذ تسعى المبادرة «إلى إعادة تشكيل التجربة الحكومية، ونقلها إلى مستوى لا سابق له على مستوى العالم، وتنافس فيه أقصى ما وصلت إليه مفاهيم خدمة المتعامل في القطاع الخاص متجاوزة تلك السائدة حول تطوير الخدمات والأفكار المتداولة في شأن التركيز على المتعامل، أو حتى المتعلقة بتعزيز الكفاءة والتميز. وهي ترمي إلى إحداث ثورة حقيقية في مفهوم الخدمة الإلكترونية، بنهج يشعر معه المواطن أنه فعلاً محور الخدمة، وأن تلبية توقعاته هو منتهى غاية الجهاز الحكومي». وأشار خبراء خلال جلسات القمة التي افتتحها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إلى أن المدن العالمية «تحولت في الأعوام الماضية إلى مراكز دولية مؤثرة وفاعلة في جذب المهارات والاستثمارات، كما تواءم تطور هذه المدن مع الفرص والتحديات القائمة، ما أثر بوضوح في نموذج تقديم الخدمات الحكومية وتبني المدن الذكية، كمفهوم لتقديم خدمات المستقبل». وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات) صالح العبدولي، «مع ثورة تكنولوجيا المعلومات المتنقلة باتت الحاجة ملحة لحلول الحكومة الذكية، بهدف خلق أطر لحكومة قادرة على تطوير الخدمات العامة، لتلبي حاجات الجمهور في شكل دائم وسريع». التعزيز التقني وبالتوازي مع جلسات اليوم الأول، أصدرت شركة «أس إيه بي» تقريراً، أكد أهمية المدن الذكية المعزَّزة تقنياً، في رفع مستوى معيشة سكانها، وتحقيق الازدهار الاقتصادي للدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولفتت الشركة إلى «بدء الحكومات تبني نموذج الاتصال والتمكين التقني الواسع النطاق المتمثل بالمدن الذكية، عندما بدأت المنطقة تواجه تنامياً في أعداد السكان في المناطق الحضرية وضغطاً متزايداً على الموارد». وأعلن المدير التنفيذي للشركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سامر الخراط، أن مبادرة «دبيالمدينة الذكية» يمكنها إلهام حكومات المنطقة، وبثّ روح التغيير الإيجابية في أرجائها». وأشار إلى «تزايد تحوّل الخدمات الحكومية إلى خدمات تقنية متنقلة عبر الهواتف الذكية، وازدياد تبنيها الحلول السحابية والتقنيات التحليلية المتطورة». وتأتي هذه القمة في وقت ينمو عدد سكان المناطق الحضرية في غرب آسيا التي تشمل المنطقة العربية وتركيا والقوقاز، بنسبة 42 في المئة من 259 مليوناً عام 2010 إلى 354 مليوناً عام 2025. فيما ستبلغ نسبة الذين يعيشون في المناطق الحضرية من سكان المنطقة 66 في المئة، وفق البيانات الصادرة عن إدارة الأممالمتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية. وتوقعت شركة «نافيغانت» للبحوث، أن تنمو العائدات السنوية لسوق تقنيات المدن الذكية في العالم من نحو 6.1 بليون دولار عام 2012 إلى 20.2 بليون دولار في 2020. فيما تشير تقديرات «آي دي سي» إلى نمو كبير في الإنفاق التقني في منطقة الشرق الأوسط سيصل إلى 7.3 في المئة هذه السنة، وتتوقع أن يبلغ الإنفاق خلاله 32 بليون دولار. وتوقع خبراء شاركوا في القمة، إطلاق عدد من المشاريع الواعدة في مجال المدن الذكية في المنطقة في السنوات المقبلة، فضلاً عن مشروع «دبيالمدينة الذكية» الذي اكتسب زخماً كبيراً بعد فوز المدينة باستضافة معرض «إكسبو 2020» الدولي، فضلاً عن ست مدن اقتصادية في المملكة العربية السعودية، وثلاث تعمل قطر على تشييدها، وهي «لوسيل» و»اللؤلؤة قطر» و»مدينة الطاقة». ورأى الخبراء أن الحفاظ على الريادة وإدامة النمو والازدهار يتطلبان الانتقال إلى عصر اقتصاد المعرفة بأسرع ما يمكن. أما الخدمات الصحية التي باتت إحدى أهم أولويات الحكومات وتحتل النصيب الأكبر من الموازنات العامة، والمؤثرة مباشرة في سعادة المجتمع وإنتاجية الدول، فاعتبر الخبراء أنها تواجه تحديات الوصول إلى مجتمعات أكثر صحة وسعادة. وعرض «مجلس الأجندة العالمية» وفريق الرؤية الاستراتيجية في المنتدى الاقتصادي العالمي، مستقبل الحكومات من خلال ثلاثة سيناريوات قد تؤثر في مستقبل الحكومات. وتطرق المشاركون في الجلسة إلى كيفية تقديم الحكومات خدماتها وكيف تغير تكنولوجيا المعلومات دور الحكومات.