وضعت الغارة الإسرائيلية على موقع إيراني قرب محطة «تي فور» في ريف حمص الشرقي صباح أمس، المنطقة أمام تصعيد جديد يؤشر إلى احتمال الانزلاق إلى حرب إقليمية جديدة، تضاف إلى مجموعة الحروب التي تشهدها الأراضي السورية. ولا تُشكل الغارة الإسرائيلية حدثاً جديداً أو تطوراً مفاجئاً في استراتيجية الدولة العبرية تجاه ما يحدث على الأرض السورية، إذ سبق للقيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية أن صرحت بأنها تراقب الوضع عن كثب، وأنها تتصدى لكل محاولات تخزين أسلحة وصواريخ جديدة ل «حزب الله» على الأراضي السورية، ولكل محاولات نقل هذه الأسلحة إلى لبنان، وأن عدد هذه الهجمات الجوية تعدى المئة. يضاف إلى ذلك أن القيادات الإسرائيلية أكدت مراراً أنها لن تسمح لإيران بإقامة مراكز أو قواعد دائمة لها في سورية، أو أن يكون لها وجود في المنطقة الجنوبية الغربية، وعلى مقربة من خط الفصل في الجولان. وفي هذا السياق، سبق لإسرائيل أن نفذت عمليات جوية عدة ضد أهداف إيرانية في هذه المنطقة، بما فيها منشآت عسكرية أقيمت حديثاً جنوبدمشق، اشتُبه بأنها تعود الى قوات الحرس الثوري الإيراني. ويشكل الهجوم الإسرائيلي الصباحي وإسقاط المقاتلة «إف 16»، وما تبع ذلك من غارات داخل الأراضي السورية، تطوراً خطيراً ومؤشراً إلى حصول تغيّر جذري في قواعد الاشتباك بين سورية وإسرائيل. واللافت في الأمر أن بطاريات الصواريخ التابعة لنظام الدفاع الجوي السوري تدخلت مباشرة وفوراً ضد الطائرات الإسرائيلية المغيرة، من دون انتظار صدور أوامر من السلطات السورية العليا، وهذا ما أعطاها الفرصة ليكون تدخلها فاعلاً ومفاجئاً للطيارين الإسرائيليين، رغم كل القدرات المهنية والتجهيزات الإلكترونية التي يملكونها للتشويش على شبكات القيادة والأمر لبطاريات الصواريخ، إضافة الى امتلاك المقاتلات أجهزة استشعار وحماية تسمح لها بتفادي الصواريخ. لكن رغم هذه التطورات الخطيرة، فإن تعقيدات المشهد السوري والأوضاع السائدة في المنطقة ستدفع الأطراف كافة إلى اعتماد الحذر وعدم الانزلاق نحو تحويل هذا الحادث إلى حرب مفتوحة، في ظل أخطار توسّع هذه الحرب لتتحول إلى حرب إقليمية، وذلك في ظل تقاسم مسرح العمليات السوري بين الولاياتالمتحدة وروسيا بصورة مباشرة أو عبر الحلفاء. نسارع إلى القول إن إسرائيل تدرك أن أي مواجهة واسعة تخوضها على الأراضي السورية ضد الوجود الإيراني، قد تتسبب بتوسيع الحرب لتشمل لبنان حيث يمكن «حزب الله»، وبطلب إيراني، فتح نيران صواريخه ضد شمال إسرائيل ووسطها من البقاع الشمالي أو من سلسلة جبال لبنانالشرقية. وليس هناك من أسباب سياسية تدفع إسرائيل إلى خوض غمار حرب مكلفة، علماً أن «حزب الله» وإيران لا يسعيان إلى حرب واسعة. من هنا، فإن الديبلوماسية الدولية، وتحديداً الروسية - الأميركية، ستعمل على ضبط الإيقاع للحؤول دون حصول حرب لا تخدم مصالح أي من الأطراف المشاركة في الحرب السورية.