تعهد الرئيس الجمهوري لمجلس النواب الأميركي بول راين تسوية ملف الهجرة، بعد تصويت مجلسَي الكونغرس أمس على مشروع للموازنة، يجنّب الولاياتالمتحدة إغلاقاً ثانياً للحكومة الاتحادية في غضون شهر، لكنه واجه معارضة من الحزبين، جسّدتها زعيمة الغالبية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي، إذ تحدثت لثماني ساعات أمام زملائها، داعية الجمهوريين الى إتاحة تصويت لحماية المهاجرين «الحالمين»، الذين دخلوا الولاياتالمتحدة أطفالاً في شكل غير شرعي مع أهاليهم. وقبل ساعات من التصويت على الموازنة أمس، أعرب راين عن ثقته بتمريره، مذكراً بأنه «يحتاج إلى دعم من الحزبين»، وبأن الجمهوريين سيفعلون ذلك. وأضاف أن الجمهوريين سيعالجون قانوناً للهجرة، يدعمه الرئيس دونالد ترامب، بعد إنجاز مشروع الموازنة. وتابع في إشارة الى برنامج يحمي «الحالمين»: «لكلّ من يشكّ في نيتي تسوية هذه المشكلة وإعداد مشروع لإصلاح قانون الهجرة وداكا، (أنصحه) بألا يفعل ذلك. سنقدّم حلاً يوقّعه الرئيس». وكان قادة الحزبين في مجلس الشيوخ توصلا الأربعاء الى اتفاق على موازنتّي 2018 و2019، يرفع الانفاق على البرامج العسكرية والمحلية، بنحو 300 بليون دولار في السنتين المقبلتين. وسيتيح ذلك 165 بليون دولار من نفقات دفاعية إضافية، و131 بليون دولار لبرامج غير عسكرية، بما في ذلك الصحة والبنية التحتية والإغاثة في حالات الكوارث والجهود لمعالجة أزمة الإدمان. وسيجنّب الاتفاق إغلاقاً ثانياً للحكومة الاتحادية، ليل الخميس – الجمعة، ويوسّع سقف ديونها حتى آذار (مارس) 2019. لكن الاتفاق ارجأ الى وقت لاحق ملف تسوية المهاجرين غير الشرعيين. وأقرّ زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بأن «الاتفاق ليس مثالياً»، واستدرك: «بذلنا ما في وسعنا للتوصل الى قاعدة تفاهم». وأشار الى «تسوية ستمنح قواتنا المسلحة سبل الدفاع عن أميركا، للمرة الأولى منذ سنوات». أما زعيم الأقلية الديموقراطية في المجلس تشاك شومر، فاعتبر أن الاتفاق «اختراق ينهي سلسلة طويلة من أزمات تمويل أبطأت عمل الكونغرس وأضرّت بطبقتنا الوسطى». ولفت الى أن التسوية تنصّ على زيادة النفقات غير العسكرية، في شكل يضاهي موازنة وزارة الدفاع. وبذلك، لن يشمل التقشف الذي فرضه الجمهوريون مطلع ولاية الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما، التعليم والصحة وقطاعات أخرى. كما أعلن البيت الأبيض تأييده الاتفاق، لكنه واجه معارضة من محافظي الحزب الجمهوري، الذين يفضّلون إنفاقاً أقلّ على برامج الحكومة المحلية، ومن ليبراليي الحزب الديموقراطي، إذ يريدون الامتناع عن دعم الاتفاق، لكسب تنازلات في شأن سياسة الهجرة. وقال النائب الجمهوري وارن ديفدسون: «ليس رحيماً إفلاس أميركا». وأعلنت بيلوسي أنها لن تصادق على الاتفاق ما لم يُدرج نقاش ملف الهجرة على جدول الأعمال. وألقت خطاباً لثماني ساعات وسبع دقائق أمام مجلس النواب، ما شكّل رقماً قياسياً، للمطالبة بإصلاح الهجرة وحماية «الحالمين». وبقيت بيلوسي (77 سنة) واقفة طيلة الوقت، مرتدية كعباً عالياً ومكتفية بشرب ماء أحياناً. وذكر مؤرّخ مجلس النواب أن الرقم السابق كان للنائب تشامب كلارك الذي ألقى كلمة في شكل متواصل طيلة 5 ساعات و15 دقيقة عام 1909. وأمضت ساعات تقرأ رسائل وشهادات، من «حالمين» ينتظرون أن يُشرّع الكونغرس وضعهم. وقالت إن هؤلاء «يعيشون في قلق وخوف، ويجب أن ينتهي التخاذل المعنوي للجمهوريين». لكن راين رفض طلبها التزام إدراج ملف الهجرة على جدول أعمال المجلس.