وقع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مرسوماً رئاسياً يسمح لمسلحين سابقين استفادوا من المصالحة الوطنية بالسفر إلى الخارج، لكن بعد إذن قضائي خاص. ولم يكن متوقعاً أن يقرن بوتفليقة إجراء رفع الحظر بقيود قانونية، لكن مراقبين عزوا ذلك إلى خشيته من أن يثير القرار انتقادات من الخارج، خصوصاً من فرنسا التي تسلمت قبل سنوات لائحة بأسماء المفرج عنهم وعددهم 2600 شخص. وكشف رئيس الحكومة عبدالمالك سلال أمس، أن الرئيس الجزائري وقع مطلع الأسبوع الماضي، مرسوم رفع الحظر الذي يشمل 2629 سجيناً أفرج عنهم في خريف 2006. وأشار سلال خلال عرضه خطة عمل حكومته أمام البرلمان، إلى أن رفع الحظر مقيد بموافقة من قاض مختص في منطقة إقامة السجين السابق. ويصب القرار في مصلحة قياديين سابقين في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة، يصنفون في خانة الجناح المعتدل للجبهة، وهو بذلك يعطي نوعاً من التبرير قد يستعمله هؤلاء القادة في شرح سبب موافقتهم على دعوات الرئاسة إلى مشاورات تعديل الدستور التي بدأت أمس. ومن بين أبرز المعنيين برفع الحظر، مدني مزراق «الأمير» السابق ل «الجيش الإسلامي للإنقاذ» والهاشمي سحنوني أحد مؤسسي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» وعبدالقادر بوخمخم، أحد قيادييها. ويتوقع أن يطلب عدد كبير من المسلحين السابقين استعادة جوازات سفر سحبت منهم بقرارات قضائية. ويعود التقدير في الأمر إلى قاضي الدائرة المختصة إقليمياً. وكانت دول عدة في مقدمها فرنسا، تحفظت أساساً عن إطلاق آلاف المسلحين، ما اضطر الجزائر إلى تسليم باريس لائحة تفصيلية وضعتها الأجهزة الجزائرية، بأسماء كل الإرهابيين المنتمين إلى الجماعات الإسلامية، المفرج عنهم بداية من شهر آذار (مارس) 2006، والذين وصل عددهم إلى 2629 شخصاً. وتردد في حينه أن قرار تسليم لائحة الأسماء والمعلومات حول أصحابها، أتى لتمكين أهل الاختصاص في المجال الأمني، خصوصاً أجهزة الاستخبارات الفرنسية، من الاستفادة منها في تحديد هويات المفرج عنهم وتحركاتهم المحتملة في الخارج. على صعيد آخر، انطلقت أمس، في مقر رئاسة الجمهورية في العاصمة الجزائرية، المشاورات حول مشروع مراجعة الدستور التي يقودها وزير الدولة ومدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، مع شخصيات وممثلي أحزاب ومنظمات وجمعيات وكفاءات أخرى. وكان رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي محمد الصغير بباس أول الذين التقوا أويحيى. ومعلوم أن الرئاسة الجزائرية وجهت في منتصف أيار (مايو) الماضي، 150 دعوة إلى شخصيات وطنية وأحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات وممثلي مختلف الهيئات، للتشاور حول مراجعة الدستور الذي يتضمن اقتراحات صاغتها لجنة من الخبراء.