أعلنت المستشارة الألمانية انغيلا مركل أنها على استعداد لتقديم «تنازلات مؤلمة»، وذلك قبيل انطلاق جولة أخيرة من المفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي لولايتها الرابعة وإنهاء أزمة سياسية مستمرة منذ أشهر في أكبر اقتصادات أوروبا. وفيما التقى مفاوضون من الحزب المسيحي الديموقراطي بزعامة مركل وحليفها البافاري الاتحاد المسيحي من جهة، والحزب الاشتراكي الديموقراطي من وسط اليسار من جهة أخرى سعياً إلى التوصل إلى اتفاق حول «ائتلاف كبير» جديد، قالت مركل إن الوقت حان لإنهاء حال عدم اليقين السياسي. وصرحت المستشارة الألمانية بأنه «نعيش في اوقات مضطربة»، مشيرة إلى الخسائر في أسواق البورصة العالمية في الأيام الأخيرة. وأضافت: «نحتاج إلى حكومة يمكن الاعتماد عليها بما يضمن مصالح الشعب». وقالت إن على جميع الأطراف «القيام بتنازلات مؤلمة للتوصل الى اتفاق». وأكدت: «أنا جاهزة لذلك إذا استطعنا ضمان أن تكون الفوائد أكثر من المساوئ في نهاية الأمر». ووسط الأزمة التي طال امدها -كان يفترض أن تنتهي المفاوضات في عطلة الأسبوع الماضي- أبدت الاطراف تفاؤلاً في شأن المهلة التي حددها الافرقاء وتنتهي اليوم. وقال زعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي مارتن شولتز ان «هناك سبباً جيداً يحمل على الاعتقاد أننا سنصل النهاية اليوم». وأضاف: «أعتقد أن اليوم سيكون حاسماً في شأن ما إذا كانت الأحزاب الثلاثة -المسيحي الديموقراطي والاتحاد المسيحي البافاري والاشتراكي الديموقراطي- ستتوصل إلى اتفاق ائتلاف مشترك حول أسس أي طرف يمكن بناء حكومة مستقرة لألمانيا عليها». وقالت مصادر حزبية إن النقاط الشائكة الرئيسة تتعلق بخلافات حول الرعاية الصحية وسياسة التوظيف والانفاق الحكومي. وتتولى مركل منصب المستشارة منذ أكثر من 12 عاماً، وتعلق آمالها على تكرار ائتلاف حكومي مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي بعد انتخابات غير حاسمة في ايلول (سبتمبر) الماضي، لم تحصل فيها على الغالبية. لكن المعلقين وصفوا ذلك «بائتلاف الخاسرين»، وذلك بعد أن سجل الحزبان أسوأ نتائج لهما في الانتخابات في عقود، فيما فاز حزب «البديل من أجل المانيا» اليميني القومي بنحو 13 في المئة من الأصوات. وسعت مركل أولاً لتشكيل ائتلاف مع الخضر والليبراليين، لكن تلك المساعي فشلت في تشرين الثاني (نوفمبر). وفي مواجهة احتمال الدعوة لانتخابات مبكرة يمكن أن تعزز حزب «البديل من اجل ألمانيا أو احتمال التوجه نحو حكومة أقلية غير مستقرة، اختارت مركل التقرب من الاشتراكي الديموقراطي مجدداً، شريكها الحكومي الأصغر في اثنتين من ولاياتها الثلاث منذ 2005. وحتى اذا انتهى الطرفان إلى توقيع اتفاق ائتلاف يحدد سياسات الحكومة المقبلة، إلا أن ذلك لا يضمن حكومة تقودها مركل. ووعد شولتز بطرح أي اتفاق حول ائتلاف حكومي في استفتاء بين أعضاء الحزب البالغ عددهم 440 ألفاً. ويتوقع المراقبون أن تكون نتيجة التصويت متقاربة وسط معارضة شرسة من جناحي اليسار والشباب للحزب. ويتوقع صدور نتيجة الاستفتاء لدى الاشتراكي الديموقراطي مطلع آذار (مارس). وإذا سارت الأمور على ما يرام بالنسبة إلى مركل، يمكن التوصل إلى حكومة جديدة بنهاية الشهر المقبل. لكن مساعي مركل التي غالباً ما وصفت بأقوى نساء أوروبا لتشكيل حكومة، أضرت بمكانتها السياسية في الداخل والخارج. فشركاء المانيا الأوروبيون خصوصاً، متحمسون لإنهاء الازمة في برلين والتي تعطل اتخاذ القرارات في وقت يسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالدفع نحو اصلاحات كبيرة للاتحاد الاوروبي.