دعت الإدارة الذاتية الكردية في عفرين أمس روسيا إلى «وقف دعمها» الهجوم الذي تشنه تركيا منذ أسبوعين على منطقة عفرين في إطار عملية «غصن الزيتون»، وناشدت الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية التدخل لوقف العملية العسكرية التركية، فيما تظاهر آلاف المواطنين في عفرين تعبيراً عن تنديدهم بالهجوم التركي. وشهدت المنطقة قصفاً تركياً مكثفاً بعد مقتل 7 جنود أتراك السبت في حصيلة هي الأعلى منذ بدء الهجوم على المنطقة. ورفع المتظاهرون رايات الوحدات الكردية وصوراً لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان الذي تعتقله تركيا منذ 1999. كما حملوا صوراً للجرحى ولافتات بلغات مختلفة كُتب على بعضها «التهديدات التركية لا تكسر إرادة شعبنا» و «عفرين قلعة الصمود». وهتف المتظاهرون «تعيش مقاومة عفرين» و «لن نخاف منكم يا غزاة». وقال علي محمود (45 سنة): «تحمّلنا المسؤولية عن كل العالم، نحن الذين قاتلنا الإرهاب حتى دير الزور»، في إشارة إلى المعارك التي خاضها المقاتلون الأكراد بدعم من التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش». وأضاف: «اليوم اتفق العالم على قتل الشعب السوري، ومن هنا نوجه رسالة الى العالم كله: نحن باقون حتى النهاية». وطالبت «الإدارة الذاتية» في بيان «دولة روسيا الاتحادية على وجه الخصوص التراجع عن موقفها الداعم إرهاب الدولة التركية تجاه شعب عفرين بكل مكوناته وسورية في شكل عام»، مشددة على «أنها تتحمل مسؤولية المجازر التي ترتكبها الدولة التركية الفاشية بحق المدنيين الأبرياء». ومنذ بدء الهجوم، حمّل الأكراد روسيا المسؤولية معتبرين أنه ما كان ليحدث لولا «الضوء الأخضر» منها، بعدما سارعت موسكو مع بدء الهجوم إلى سحب قوات لها كانت منتشرة في عفرين. وناشدت الإدارة الذاتية «التحالف الدولي والولاياتالمتحدة والمؤسسات الحقوقية والمدنية والإنسانية ومجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، التدخل الفوري لإيقاف العدوان التركي على إقليم عفرين». ميدانياً وبعد حصيلة اعتبِرت الاكثر دمويةً بالنسبة إلى الجيش التركي منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» ، ردّت أنقرة بضربات جوية مكثفة في منطقة عفرين على مواقع مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأعلن الجيش التركي أمس تدمير مخابئ للمقاتلين الأكراد ومخازن سلاح وذلك غداة مقتل 7 جنود أتراك السبت من بينهم خمسة في هجوم استهدف دبابة. وارتفعت بذلك الحصيلة الإجمالية لخسائر الجيش التركي إلى 14 قتيلاً، فيما قتل سبعة مدنيين أيضاً في قصف على الجانب التركي من الحدود حّملت أنقرة مسؤوليته ل «الوحدات». وأفادت وسائل إعلام تركية بأن الهجوم على الدبابة نُفذ باستخدام صاروخ مضاد للدبابات زوّدت الولاياتالمتحدة «الوحدات» به، ما لم يتم تأكيده بعد. ونفذت المدفعية التركية المتمركزة في النقاط الحدودية، أمس، ضربات ضدّ مواقع الأكراد، فيما أشارت وكالة أنباء «الأناضول» التركية إلى أن القصف المدفعي العنيف تركز على الأهداف الواقعة في محيط جبل دارمق. وسيطرت القوات التركية مدعومة بمسلحي «الجيش السوري الحر»، على جبل خروز شمال عفرين، بعد معارك مع الوحدات الكردية، كما أفادت الوكالة. ولفتت إلى أن «هجومًا شنه الجنود الأتراك وعناصر الجيش الحر ليل السبت، تقدموا من خلاله وسيطروا على جبل خروز المطل على بلدة بلبل، التي تمت السيطرة عليها قبل أيام». وتعود أهمية السيطرة على الجبل في تأمين بلدة بلبل، وفسح المجال للتقدم في محيطها. كما سيطر جنود «غصن الزيتون» على قرية حاج بلال التابعة لناحية شيخ الحديد غرب عفرين، وتطل على الطرق الرئيسة التي تصلها بالمنطقة المحيطة بها. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن المعارك تتركز في نواحي الشيخ حديد وبلبلة وراجو وصولاً إلى الريف الجنوبي الغربي لعفرين. وتزامناً مع استمرار الاشتباكات، واصل الجيش التركي تعزيز مواقعه في النقاط الحدودية. وأشار مسوؤلون أتراك إلى «إحراز تقدم كبير في العملية المستمرة منذ 15 يوماً مع تحييد 932 عنصراً من «الوحدات» حتى الآن» بعدما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت أن القوات التركية بدأت تسيطر على مواقع جبلية وتقترب من عفرين نفسها، مشيراً إلى أن المسافة المتبقية للوصول إلى المدينة «باتت قصيرة»، إلا أن العديد من المراقبين على الأرض يؤكدون أن تركيا لم تسيطر سوى على مساحات صغيرة نسبياً في منطقة عفرين، من دون أن تقترب من المدينة. وأوضحت مصادر عسكرية قريبة من المعارضة أن مسلحين من «الجيش الحر» دخلوا تركيا، تمهيداً للتوجه بعدها إلى عفرين والمشاركة في عملية «غصن الزيتون». وأشارت المصادر إلى أن أرتالاً من فصيلَي «حركة نور الدين الزنكي» و»فيلق الشام» دخلت أمس، إلى تركيا للمشاركة في العملية. وزار رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس، مركز عمليات الجيش الثاني التركي في ولاية هاتاي الحدودية مع سورية، للاطلاع على سير عملية «غصن الزيتون». واطلع يلدريم والوزراء المرافقين له من قائد الجيش الثاني الفريق إسماعيل متين، على سير العملية. ورافق يلدريم كل من وزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير المواصلات والاتصالات والنقل البحري أحمد أرسلان، ووالي هاتاي إردال أطا. إلى ذلك، أعلنت تركيا إنها تجاوزت سوء الاتصال في ما يخص نشر نقاط المراقبة بموجب اتفاق خفض التوتر في محافظة إدلب، وذلك بعد أيام من عرقلة تثبيت النقطة الرابعة في ريف حلب الجنوبي. ونقل التلفزيون التركي عن الناطق باسم الرئاسة، إبراهيم قالن أن تركيا تعمل على تشكيل 12 مركزاً مراقبة كجزء من عملية آستانة، وأقامت خمسة مراكز وتسعى حاليًا على تشكيل سبعة متبقية. وأضاف قالن: «كان هناك بعض الخلافات، وسوء الاتصال في مرحلة ما، لكن أعتقد أننا تجاوزنا ذلك الآن».