حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا من أن عمليتها ضد الفصائل الكردية في شمال سورية، ينبغي ألا تصبح ذريعة ل «غزو» البلاد، داعياً أنقرة إلى تنسيق تحركاتها مع حلفائها. ودافعت تركيا مجدداً عن عمليتها في شمال غربي سورية، مؤكدة أنها تستهدف «الإرهابيين» فقط، فيما أكّدت وزارة الخارجية الروسية أن مئات من المدنيين قتلوا في عفرين ومحيطها منذ بدء عملية «غضن الزيتون» ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي. وقال ماكرون في مقابلة مع صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية نُشرت أمس، إنه «إذا اتضح أن هذه العملية تتخذ منحى غير محاربة خطر الإرهاب المحتمل على الحدود التركية وتتحول إلى عملية غزو فسيمثل هذا مشكلة حقيقية بالنسبة إلينا». ولفت إلى أنه سيثير المسألة مجدداً مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، مضيفاً أن «طبيعة العملية تعني ضرورة إجراء مناقشات بين الأوروبيين، وعلى نطاق أوسع أيضاً بين الحلفاء». ولفت نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ، إلى أن حدود عملية «غصن الزيتون» تقتصر على منطقة عفرين، إلا أن تركيا لن تتوقف عند هذه الحدود عند تحقيق أهدافها. وقال في تصريحات أمس، إن «العمليات التي ستجرى في منبج وشرق نهر الفرات ستكون بمعزل عن» عملية «غصن الزيتون». وفي ما يتعلق بالتصريحات الأميركية حول عدم الانسحاب من منبج في محافظة حلب، أكد بوزداغ أن بلاده تركز حالياً على «تطهير منطقة عفرين من الإرهاب». وأضاف أن تركيا «لا يمكن أن تقبل أو تسمح بأي تهديد ضد حدودها ووحدة ترابها وسلامة أرواح مواطنيها وممتلكاتهم في المناطق الحدودية، أو تشكيل أو توجه يساعد المقاتلين الأكراد على تأسيس دولة إرهابية على طول حدودها». وأضاف: «لا توجد دولة في العالم يمكن أن تسمح لكيان إرهابي بالتحول إلى دولة بجوار حدودها»، معرباً عن ثقته بأن المجتمع الدولي إضافة إلى الولاياتالمتحدة، «الذي اعتبر تدخل بلاده في منطقة عفرين حقاً مشروعاً، سيعتبر تدخل تركيا في منبج وشرق نهر الفرات حقاً مشروعاً أيضاً». وشدد على أن بلاده تبذل «جهوداً حثيثة» من أجل ألا تحدث مواجهة بينها وبين الولاياتالمتحدة في سورية، مضيفاً أن هذا الأمر «يحتاج أيضاً إلى بذل جهد من الجانب الأميركي». ورداً على تصريحات ماكرون، دافع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم عن العملية قائلاً إنها تهدف فقط إلى ضمان أمن بلاده وحماية العرب والأكراد والتركمان من «التنظيمات الإرهابية». وأضاف يلدريم في مؤتمر صحافي مع نظيره اللبناني سعد الحريري في أنقرة أمس، إنه «إذا كانت فرنسا تفسّر الأمر على هذا النحو (عملية غزو) فعلينا تقييم ما فعلوه في سورية وفقاً لذلك». وتابع قائلاً: «إنها فكرة ملتوية من البداية. يعرف العالم أجمع أن تركيا لا تتحرك بعقل غازي. عليهم أن يعلموا ذلك». واعتبر الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن «محاولات التشويه والتضليل» التي تستهدف عملية «غصن الزيتون»، محكومة ب «الفشل». وشدّد في سلسلة من التغريدات عبر «تويتر» أمس، على أن العملية «تجرى على أرضية مشروعة وفي إطار حق الدفاع عن النفس المنبثق من القانون الدولي». وشدّد على أن القوات التركية «تتخذ كل التدابير من أجل الحيلولة دون سقوط ضحايا مدنيين»، مشيراً إلى أن العملية «ضد العناصر الإرهابية في عفرين مستمرة بنجاح وفق المخطط لها» في يومها الثاني عشر. وأكّد أن بلاده لن تقدّم أي «تنازلات» في هذا الموضوع. وفيما تنفي تركيا سقوط مدنيين في عمليات القصف الجوي والمدفعي على عفرين، أكدّت وزارة الخارجية الروسية في بيان أمس، أن «مئات عدة من بينهم مدنيون قُتلوا» خلال العملية العسكرية التركية. واتفق أردوغان مع نظيره الرئيس فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي أمس، على تسريع إنشاء نقطة المراقبة الرابعة في محافظة إدلب، ضمن اتفاق «تخفيف التوتر» الذي وقّع في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، كما أفاد مصدر في قصر الرئاسة التركية. ميدانياً، تواصلت المعارك العنيفة بين القوات التركية وفصائل «الجيش السوري الحر»، ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين. وأعلن مسؤولون أكراد أمس، عن قصف بالصواريخ استهدف حي الأشرفية في مدينة عفرين، تسبب بإصابة 12 شخصاً بجروح. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن «معارك عنيفة بين الطرفين تركزت في منطقتي جنديرس وراجو، حيث تمكنت القوات التركية والفصائل من السيطرة على قرية شنكال الحدودية»، الواقعة شمال غربي مدينة عفرين. وأشار «المرصد» إلى أن القوات التركية استقدمت بعد منتصف ليل الثلثاء «تعزيزات عسكرية جديدة تضم مقاتلين وآليات إلى شنكال، في محاولة لتثبيت نقاط سيطرتها ودعم قواتها». وسيطرت القوات التركية وفصائل من «الحر» أمس، على قمة جبل قورنة شمال منطقة عفرين التابعة لريف محافظة حلب السورية. وأفادت وكالة «الأناضول» التركية بأن قوات «غصن الزيتون» أطلقت حملة عسكرية على محيط بلدة بلبل، واستطاعت من خلالها السيطرة على قمة جبل قورنة. كما نجحت القوات في السيطرة على قرية باك أوباسي، ليرتفع بذلك عدد النقاط الخاضعة لسيطرة «غصن الزيتون» إلى 5 ، بينها 19 قرية و5 تلال إستراتيجية، كما أفادت «الأناضول». وعلى الجانب التركي، أعلنت السلطات مقتل شابة وإصابة شخص آخر إثر سقوط صاروخين أطلقا من شمال سورية في قرية الريحانية في محافظة هاتاي الحدودية. واتهمت تركيا «الوحدات» الكردية بالوقوف وراء الهجوم، علماً أن صواريخ عدة كانت سقطت أخيراً على محافظتي هاتاي وكيليس الحدوديتين، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل.