حذر مسؤولون في محافظة البصرة (490 كلم جنوب بغداد) من حصول كارثة بيئية في بعض مناطق المحافظة، خصوصاً في الأطراف بسبب جرف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مدن سكنية أو مناطق نفطية. ومع تنامي أزمة السكن في المحافظة جراء النزوح إليها، بدأ العديد من تجار العقارات شراء الأراضي الزراعية كي يتم تحويلها إلى مجمعات سكنية. وقال عضو مجلس المحافظة غانم عبد الأمير ل «الحياة» إن «آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية أصبحت مجمعات سكنية عشوائية أثرت سلباً في حجم الخدمات كالماء والكهرباء وعدم وجود طرقات نظامية وشبكات للصرف الصحي ولأن هذه المناطق تقع خارج التصميم الأساسي فهي غير مشمولة بخدمات البلديات». وأضاف: «سبق أن حذرنا من حصول كارثة بيئية في البصرة بسبب ظاهرة جرف الأراضي». وأوضح: «نحذر من ضياع الملامح الزراعية لأعرق المناطق المعروفة مثل أبو الخصيب وشط العرب. هناك مناطق تعاني من شح المياه بسبب تجريف الأراضي الزراعية والتجاوزات الحاصلة فيها ، فضلاً عن التجاوز الحاصل على باقي الخدمات ومنها الشبكة الكهربائية». وزاد: «هناك أنهر زراعية تم دفنها بالكامل بعد أن تحولت إلى مبازل لتصريف المياه الثقيلة، ما يشكل كارثة كبيرة تنسحب على الواقع الزراعي في البصرة». وبين أن «مجلس المحافظة قرر منع تفتيت وتجريف الأراضي الزراعية وعدم تشييد الدور السكنية فيها». منطقة الزبير الى غرب المحافظة والتي تعادل مساحتها أكثر من ثلث مساحة المحافظة وتحتوي على المساحات الزراعية الخاصة بالخضراوات كانت من بين أكثر المناطق تضرراً، وطالب فلاحوها بوقف تجريف الأراضي الزراعية وتدميرها من قبل شركة نفط الجنوب والاستحواذ عليها كمواقع للشركات الأجنبية. وقال رئيس الجمعية الفلاحية في الزبير أكرم نعمة إن «تجريف الأراضي وبناء المجمعات السكنية ساهم في تصغير الخريطة الزراعية للمحافظة وقد تحولت المساحات الخضراء الشاسعة إلى مساحات صفراء بانتظار تجار العقارات». وأضاف: «هناك تجارة رائجة في البصرة وهي تحويل قطعة الأرض الزراعية زهيدة الثمن إلى عرصة للبناء، خصوصاً تلك الأراضي القريبة من المدن والتي يمكن إيصال شبكات المياه والمجاري والكهرباء إليها». وتابع إن «منطقة سفوان التي كانت من أكبر المناطق التي تزود جنوب العراق بمحصول الطماطم تحولت الآن إلى مدن سكنية بعد شح المياه فيها ووصول المد السكني إليها». شركات عقارية وأوضح مدير شركة التميمي لتجارة العقارات منتظر حميد أن «تجارة الأراضي الزراعية أصبحت رائجة جداً لأن المزارع يترك الأرض ويبيعها بثمن زهيد بعد أن توقفت الزراعة في المحافظة جراء وصول كميات قليلة من المياه». وتابع إن «العامل الثاني هو أن هناك إقبالاً من مشتري الأراضي الزراعية كونها مناطق هادئة ومن الممكن شراء مساحات كبيرة لتسع العائلة العراقية المعروفة بكثرة عدد أفرادها». وزاد إن «أزمة السكن في المدينة وغلاء الأسعار فيها ساهم أيضاً في زيادة الإقبال على المناطق الزراعية حيث وصل المتر المربع في مركز المدينة إلى مليون دينار (حوالي 800 دولار) أو أكثر». وقال مدير شركة «البيت الذهبي» لتجارة العقارات حارث جبار إن «المعوق الوحيد الذي يقف أمام شراء الأراضي الزراعية هو عدم شمولها بالخدمات، ويلجأ السكان إلى مد خطوط الكهرباء والمياه على نفقاتهم الخاصة». وأضاف: «هناك بعض المناطق التي يشتري فيها مسؤولون أراضي واسعة ويستخدمون نفوذهم لمد شبكات الخدمات فيرتفع سعر الأرض».