أدرج مصطلح «تيار الانحراف» في القاموس الايراني، وتناقلته الاوساط الدينية والسياسية علي نطاق واسع. وسلطت الشخصيات الدينية الضوء علي خطورته العقائدية، وحذرت الاوساط السياسية من مخاطره السياسية الراسخة الجذور في الاجهزة التنفيذية. والحق أن الظاهرة هذه خطيرة، وتستدعي تضافر الجهود والمساعي لمتابعتها والتعرف علي اهدافها وتحديدها. ويرى كثر ان خطورة هذا التيار مردها الى جوانبه الدينية والمبدئية اكثر من جوانبه السياسية والمخاطر المترتبة عليه. ويرمي هذا التيار الى هدفين متزامنين. فهو يطرح افكاراً متطرفة ومنحرفة عن نظرية الإمام المهدي، ويحاول استغلال عواطف المواطنين الدينية للسيطرة علي معتقداتهم وتسخيرها لمصالحه. وهو يتلاعب بعقائد المواطنين، ويسعي في التأثير في معتقداتهم الدينية من اجل تحقيق اهدافه. وبادر هذا التيار المنحرف الى استغلال سكوت العلماء وصمتهم للتمادي في ترويج الافكار المنحرفة المرتبطة بالجن والشيطان، وفق معلومات تحقيقات الاجهزة الامنية مع بعض المعتقلين في هذه القضية. والتاريخ حافل بمثل هذه القضايا. ففي روسيا، أدى القس والسياسي راسبوتين دوراً بارزاً في التاريخ السياسي. فهو بسط نفوذه في عائلة القيصر الروسي، وسيطر على مقاليدها، إثر نجاحه في معالجة ولد القيصر. فوضعت الملكة الكساندرا ثقتها فيه، ووقعت في شباك أحكام راسبوتين وآرائه الأخلاقية. وارتقى راسبوتين الفيصل في الحكم الروسي، وبلغ الامر به الى اتخاذ المواقف الحكومية عوض الملك في غيابه. ووفق الوقائع التاريخية، كان راسبوتين من القوي الشيطانية، واستطاع بسط نفوذه في هيكل النظام السياسي القيصري وبنيته. والفرق بين النظام الروسي القيصري ونظام الجمهورية الاسلامية هو استناد الاخير الي الشريعة الدينية ومذهب التشيع. ويفترض بهذا المذهب التصدي لمثل هذه الظاهرة وتجنبها. ولكن السؤال الاساس الذي يطرح نفسه هو أسباب بروز مثل هذه الانحرافات وظهورها في هذه المرحلة من مراحل الحكم الاسلامي، وما هو هدف هذه الاعمال؟ ومن الذي يقف وراءها؟ والكثير من الاسئلة الاخري التي ينتظر الرأي العام اجوبة عنها.