وصف القيادي في حركة «فتح» محمد دحلان فترة الانقسام السابقة بين الفلسطينيين بأنها «كانت وصمة عار في جبين كل فلسطيني، وخطأ شارك فيه الجميع»، وقال إن عناصر «فتح» في غزة لم يجدوا في المصالحة إجابات لأوجاعهم ومعاناتهم السابقة، ولفت إلى أن عودتهم إلى ديارهم «مسألة لا يمكن أن تكون محل تساؤل»، معتبراً أن «على رغم ذلك فالمصالحة أقدس وأهم من كل المعاناة الشخصية والفردية». وقال دحلان في لقاء مع عدد من الصحافيين في القاهرة إن «توقيع المصالحة الفلسطيني برعاية الاستخبارات المصرية هو أسعد خبر سمعته بصرف النظر عن التفاصيل من كسب ماذا، فالطرفان (فتح وحماس) كانا خاسرين طوال السنوات الماضية سواء ما يطلق على تسميته أهل المقاومة أو أهل المفاوضات»، وأضاف دحلان أن «فتح» لم تعطل المصالحة يوماً، إذ إن بسبب حرصها على المصالحة وافقت على كل شروط «حماس» من دون تردد، موضحاً أن «كل الاتفاقات التي تم التوقيع عليها كانت بشروط «حماس»، فالأهم بالنسبة لنا أن نصل إلى المصالحة، فكل المتغيرات كانت تتعلق بحماس، فهي التي رفضت التوقيع على الورقة المصرية وكل ملحقاتها قبل ذلك، وهي التي قبلت بالتوقيع عليها الآن بعد أحداث درعا، فشكراً لدرعا». واعتبر أن «ما حدث في سورية ربما يكون عنصراً، وما حدث في الوطن العربي ربما يكون عنصراً دافعاً» للمصالحة. ووجه الشكر إلى «حماس» التي «بتوقيعها على الورقة المصرية تنقذ نفسها وتنقذ فتح وكل الشعب الفلسطيني» مشيراً إلى أن «الانقلاب الذي أقدمت عليه حماس منذ أربع سنوات أدى إلى نكبة حماس نفسها ونكبة فتح وكل الشعب الفلسطيني»، موضحاً أنه كان حذّر من القاهرة من إقدام «حماس» على هذا الانقلاب الذي نفذته بعد أسبوعين من التحذير، معرباً عن أمله بأن تتحلّى الآن بالروح الوطنية الجماعية. وأضاف دحلان: «المهم هو كيفية العمل بين فتح وحماس وبقية الفصائل وأبناء الشعب الفلسطيني على بناء نموذج شراكة سياسية وفهم مشترك لإدارة الوضع الفلسطيني المعقد سياسياً، وتحديد مفهوم المقاومة والاتفاق على آلياتها، والاتفاق على نظام الحكم الذي يجب أن يتمتع بحرية واحترام الرأي الآخر من دون اللجوء إلى العنف مثلما كان يحدث في الماضي». ووصف فترة الانقسام السابقة بأنها «كانت وصمة عار في جبين كل فلسطيني، وخطأ شارك فيه الجميع، ويجب أن نقدم الحلول بعد تقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني». وقال «أنا أول من يقدم الاعتذار للشعب الفلسطيني في ما أخطأت ولا أنتظر الشكر على ما أصبت». وطالب دحلان بوضع عقد اجتماعي جديد بين كل الفصائل من جهة والمجتمع الفلسطيني من جهة أخرى، وأكد أنه لم يعد مقبولاً أن تقرر الفصائل نيابة عن الشعب ما لا يريده الشعب ولا يقبله، موضحاً أن العقد الاجتماعي مع المجتمع يستحق أن يستفتى الشعب عليه وهذا ما تم الاتفاق عليه وسيطبق في الانتخابات المقبلة. ودعا دحلان إلى «الاقتراب أكثر من حاجات المواطنين وتقديم حلول لهم وليس شعارات» لافتاً إلى أن «المجتمع مر بأزمة اجتماعية ونفسية، وهناك بيوت دمرت، وعائلات فقدت أحباءها سواء في الصراع الداخلي أو خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، فضلاً عن أزمات المياه والتعليم والصحة والبطالة المتفشية بنسبة كبيرة جداً بين شباب الخريجين الذين لا يجدون ما يفعلونه سوى الشكوى» وتابع ان «هذا يحتاج إلى برامج وتوافق والعمل على إشراك كل قطاعات الشعب الفلسطيني وليست الفصائل فقط في تحمل الأعباء». وعن تأثير المصالحة الفلسطينية في عناصر «فتح» في غزة قال دحلان ان «عناصر فتح في غزة لم يجدوا في المصالحة إجابات لأوجاعهم ومعاناتهم السابقة، وكأن أبناء فتح واجبهم أن يقدموا التضحيات من دون أن يكونوا شركاء في وضع الحلول». وأضاف «على رغم ذلك فالمصالحة أقدس وأهم من كل المعاناة الشخصية والفردية، وأطالب أبناء فتح في قطاع غزة بأن يتحلّوا بالصبر، وأعدهم بأن المستقبل مليء بالآمال الواعدة، وأن الماضي الأليم لن يعود أو يتكرر». ولفت إلى أن عودة أبناء فتح في قطاع غزة إلى ديارهم «مسألة لا يمكن أن تكون محل تساؤل، فمن حق الجميع أن يعود، وواجب القيادة في الطرفين أن تكون ضامنة لتحقيق ذلك وعدم العودة إلى الوراء، فلا يجوز لأي فلسطيني أن يتماثل مع الاحتلال الإسرائيلي في مقابل أن يسلب حق أي مواطن فلسطيني في العودة إلى بيته». وتعهد لأبناء غزة بأنه سيسخر جهده الشخصي والحركي والوطني من أجل مد العون وتخفيف المعاناة عنهم. وعن احتمال مشاركته في الانتخابات المقبلة قال: «مشاركتي واجب وأمانة، ولكن خوضها سواء على المستوى التشريعي أو الرئاسي متروك للوقت. فهناك سنة على الانتخابات، ومقياس الحكم على العطاء هو صندوق الانتخابات. ويجب أن نترك الحكم للجمهور الذي عاقب حركة فتح في انتخابات 2005 وكان محقاً في ذلك، ولكنه جرب غيرنا ودعنا ننتظر النتيجة في حكم الشعب في الانتخابات المقبلة». إلى ذلك، قال دحلان إن «إسرائيل ليس لديها قرار بعد اتفاقية كامب ديفيد بتحقيق السلام، كما ليس لديها قرار حقيقي بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 ، فهي تريد دولة فلسطينية بمنظور نتانياهو. لذلك، يجب علينا ألا نضيع الوقت وبذل الجهد في البحث عن أوهام، ولكن يجب أن نستمر في البحث عن تحقيق سلام حقيقي، وهذا يأتي من خلال توحيد الصف الفلسطيني والتفكير في حلول خلاقة والانفتاح على كل طاقات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، والانفتاح على العالم العربي وتقديم المطالب التي يريدها الفلسطينيون من الشعب العربي». واعتبر أن «التحولات التي تحدث حولنا ستصب في مصلحة الشعب الفلسطيني».