تتفاعل خلافات داخل حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، في شأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، وتنعكس سلباً على المفاوضات التي تجريها رئيسة الحكومة تيريزا ماي مع الاتحاد. ويصف نواب يستعجلون الخروج من الاتحاد ماي ب «خجولة» ومترددة، معتبرين أنها تسعى إلى الحفاظ على العلاقات مع بروكسيل، من خلال السوق المشتركة، ما يعني خضوع لندن للقوانين الأوروبية، والموافقة على حرية التنقل، بمعنى أنها تعمل للخروج من الاتحاد «رمزياً» فقط، لإرضاء الرأي العام. وشدد نواب ضغوطاً على ماي لكي تتخذ موقفاً أكثر صلابة، مهددين بإطاحتها من زعامة الحزب ورئاسة الحكومة، فيما رفض ناطق باسمها تصريحات لوزير الخزانة فيليب هاموند، أعلن أن الخروج من الاتحاد سيكون «براغماتياً بسيطاً»، قائلاً: «نريد شراكة اقتصادية خاصة مع الاتحاد، ولا يمكن وصف ذلك بأمر بسيط». ووقّع هاموند مع وزيرَي الأعمال غريغ كلارك و «بريكزيت» ديفيد ديفيس رسالة موحدة لطمأنة الشركات، مؤكدين أن العلاقات مع بروكسيل ستبقى كما هي في المرحلة الانتقالية التي تستمر سنتين، ويطالب مسؤولون بأن تكون خمس سنوات. وقال ديفيس إن على بريطانيا وأوروبا أن تتبعا القواعد ذاتها أثناء المرحلة الانتقالية، لتسهيل مسار الخروج، مضيفاً أنه سيناقش مع بروكسيل في كيفية تأمين ضمانات للهيئات الاقتصادية خلال هذه الفترة. وزاد: «علينا أن نحوّل هذه المرحلة جسراً لبناء علاقات جديدة، وعلى كل جانب أن يتعهد الامتناع عن القيام بأي فعل يقوّض العلاقات». وأكد أنه «واثق من إمكان التوصل إلى اتفاق سياسي خلال اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبي المقرر في آذار (مارس) المقبل، لتأمين مرحلة انتقالية محدودة»، وتابع: «أهدافنا متشابهة إلى حد كبير، وعلى بريطانيا أن تتمكّن من دخول اتفاقات تجارية مع دول أخرى أثناء هذه المرحلة، وسنسعى إلى العثور على وسيلة لمعالجة شكوك محيطة بالقوانين الجديدة التي ستُطبّق، إذا لم نشارك في وضعها». وأبلغ قادة قطاع الأعمال أن «الاتفاقات التجارية مفيدة للجانبين، ومن مصلحة لندنوبروكسيل الحفاظ على ما وُقِع». في السياق ذاته، أوردت صحيفة «ذي غارديان» أن نواباً من حزب المحافظين سيحاولون إطاحة ماي من زعامة الحزب ورئاسة الوزراء. ونقلت عن الوزير السابق النائب نيك بولز قوله إن زملاء له يأخذون عليها «خجلها وعدم طموحها، ويعتقدون بأنها مقصرة في تحقيق المطالب الداخلية». وأكد مسؤول بارز في الحزب أنه دعم ماي لرئاسة الحكومة، لكي تركّز على «العدالة الاجتماعية»، مستدركاً أنها «لا تملك رؤية ولا إرادة للعمل في هذا الاتجاه»، وأن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي «تفرض اختيار رئيس جديد للحكومة يستطيع مواجهة زعيم حزب العمال جيريمي كوربن». وتتطلب إطاحة رئيسة الوزراء توقيع 15 في المئة من النواب (48 نائباً) عريضةً يعبرون فيها عن عدم ثقتهم بها، ويطرحون المسألة على التصويت في مجلس العموم (البرلمان). وأوردت صحيفة «ذي صن» أن عدد معارضي ماي يزداد، وأن 40 نائباً وقعوا العريضة حتى الآن، و7 مستعدون لتوقيعها. وكانت ماي نجت من محاولة انقلاب على زعامتها، بعد انتخابات نيابية مبكرة دعت إليها وأسفرت عن خسارة حزب المحافظين الغالبية، ما اضطرها إلى التحالف مع النواب الإرلنديين، لتأمين أكثرية بسيطة في البرلمان. إلى ذلك، أظهر استطلاع رأي أن معظم البريطانيين يؤيّد تنظيم استفتاء ثانٍ على «بريكزيت»، في حال إعلان الشروط النهائية ل «الطلاق». ولفت إلى صعوبة التكهن بالنتيجة، لكنه خلص إلى أن 47 في المئة يؤيّدون «الطلاق»، ويعارضه 34 في المئة. ومع استبعاد الذين لم يحسموا أمرهم، فإن 58 في المئة يؤيّدون تنظيم استفتاء ثانٍ، في مقابل 42 في المئة يرفضونه.