سأظل أكتب وأكتب حتى أمل، أو تملون أنتم من الموضوع، أو يتم اختراع إجراء فعال يقضي على هذه الظاهرة المربكة. ففي رحلتي من جدة إلى الرياض قبل أسابيع عدة، فوجئت عند صعودي الطائرة بوجود شخص يحتل مقعدي، ونظراً لأنني أربأ بنفسي عن الدخول في مهاترات مع السادة الركاب، طلبت من المضيف التدخل ومساعدتي في الجلوس في مقعدي الذي كان رقم واحد، وبجانب الشباك، فذهب مشكوراً إلى الشخص الجالس وطلب منه البطاقة الخاصة به، والتي توضح رقم المقعد، فأخبره أنه لم يجدها، ثم التفت نحوي وقال له وليس لي: «خلها تجلس في أي مكان مافي فرق»! نظرت اليه وأنا ما زلت أتحلى بالصمت الذي أصبح يلازمني في هذه المواقف، وفجأة أخرج الرجل البطاقة وكان رقم مقعده خلفي مباشرة، وأردف: «أنا جلست هنا بتوجيه مو.. لحالي»! سألني المضيف الخلوق والمتعاون، هل تمانعين في الجلوس في المقعد الخلفي؟ فأخبرته أنني لا أمانع، ولكن المفترض أن يجلس كل راكب في مقعده المحدد له، وذهبت مباشرة وجلست في مقعده، مع التأكيد بأنني لن أغير مكاني في حال غير الرجل رأيه، فأكّد لي بأنه هو شخصياً لن يسمح له بذلك، وظل يعتذر طويلاً ويشكرني على تعاوني وصبري بعد وقوفي في الممر لفترة لا بأس بها، والغريب أن الرجل ظل يعلق على موقفي طويلاً، وهو يتحدث لسيدة بجانبه «أيش الفرق كرسي واحد ولا كرسي اثنين.. خلتني اقوم أدور على البطاقة، وبعدين جلست..»، وتعليقات من هذا القبيل الذي يجعلك تندم على التعاون والتنازل عن مقعدك من دون مبرر، سوى أن الشخص تم توجيهيه بحسب قوله في الجلوس في مقاعد الآخرين. المهم صممت أن أكتب مقالاً أمتدح تعامل المضيف وكامل الطاقم طوال الرحلة، والتي صاحبتهم فيها الابتسامة على غير العادة. في رحلة العودة وصلنا بسلام إلى جدة من دون ربكة مقاعد والحمد لله هبطت الطائرة وظللنا في الطائرة لدقائق عدة، وعندما رأيت الراكب الذي بجانبي يقف للنزول من الطائرة وقفت مثله ونزلت من الطائرة، فوجئت بعد نزولي بعدم وجود الباص الخاص بنقل المسافرين والمسافرات، ووجدت سيارات المكتب التنفيذي فقط، وقفت دقائق لعل الباص يصل فلم يصل، وتقدم إليّ أحد الأشخاص ممن يلبسون علامة صفراء طالباً مني أنا وإحدى السيدات الصعود مجدداً للطائرة، فسألته لماذا هبطنا إذن؟ فقال: إن المضيف أخبره أنه سألني فأخبرته أنني (مكتب تنفيذي)، هنا غضبت جداً لأن أحداً لم يسألني، فصعدت مرة أخرى طالبة منه أن يشير إلى المضيف الذي ادعى أنه سألني، وسألته: هل تحدثت معي قبل نزولي من الطائرة؟ فارتبك وقال: شاهدتك تنزلين مع الراكب الذي بجانبك، فاعتقدت أنك معه؟ أخبرته، لماذا تكذب إذن وتدعي أنك سألتني؟ ثم عاد وقال: من المفترض ألا ينزل من الطائرة إلا التنفيذيون فقط، معروفة يا أختي! لا أعلم لماذا فصلت نفسي عن الحديث العقيم، وأنا أسترجع أغنية: على سلم الطائرة بكيت غصبن بكيت/ على المضيفين عندما/ طلعوني... [email protected]