عادت المسيرات والتظاهرات الى المدن الأردنية امس للمطالبة أساساً بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وإلغاء معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية واستنكار ما قامت به قوات الأمن و«البلطجية» ضد المشاركين في مسيرة العودة في منطقة الكرامة الأحد الماضي. وانطلقت المسيرة الكبرى بعد صلاة الجمعة من مسجد الملك عبدالله في العبدلي باتجاه دوار الداخلية، وتوقف المشاركون الذين زاد عددهم على 2500 شخص أمام مبنى محافظة العاصمة في ساحة أعدتها لهم قوات الأمن لإقامة مهرجان خطابي دعت إليه الحركة الإسلامية وأحزاب المعارضة والنقابات المهنية تحت عنوان «محاربة الفساد». وخيّر زكي بني أرشيد في كلمة باسم أحزاب المعارضة الحكومة الأردنية بين «تسريع الإصلاح الحقيقي أو الرحيل»، واصفاً الحكومة بأنها «تحارب الفساد بالثرثرة»، وأن الحكومات كلها تتحدث عن حق العودة ورفض التوطين وفي المقابل تجلد ظهور المواطنين الذين يطالبون بحق العودة وضد التوطين. ولم يسلم الرئيس باراك أوباما من كلمات بني أرشيد الغاضبة التي اتهمه فيها بمنح الغطاء لكل الفاسدين. وقال ممثل النقابات المهنية نقيب المهندسين عبد الله عبيدات إن الشعب الأردني شعب واع يريد ويصر على محاربة الفساد والمطالبة بالإصلاح الحقيقي، داعياً النظام والحكومة الى أن يحترما الشعب. وأضاف: «نعي أن الفساد المستشري هو فساد سياسي تحول الى منظومة شكلت حولها ثلة فاسدة تدعم مواقفها». ورفع المشاركون في المسيرة يافطات وأطلقوا هتافات تركزت على محاربة الفساد مثل: «من أجل أردن خال من الفساد»، و«يداً بيد لمحاربة الفساد»، و«زنقة زنقة دار دار بدنا نحارب الفساد». وهتف المشاركون «الإصلاح والتغيير هدا مطلب الجماهير»، و«الشعب يريد حل البرلمان»، و«الشعب يريد إنهاء الفساد»، و«الشعب يريد إصلاح النظام»، و«لا فساد ولا مفسدين ارحلوا عنا يا ملاعين»، و«لا إصلاح ولا تغيير إلا بمحاربة الفاسدين»، و«يا فاسد وينك وينك بالإصلاح بنكسر عينك». وفي عمان أيضاً، طالب الاعتصام الذي ينفذه ناشطون أمام مسجد الكالوتي في منطقة الرابية حيث مقر السفارة الإسرائيلية في عمان، بإغلاق السفارة وهتفوا «لا سفارة صهيونية على أرض أردنية»، و«مطالبنا شرعية بدنا نحرر فلسطين». وشهد مكان الاعتصام وجوداً أمنياً كثيفاً على رغم قلة المشاركين الذين لم يزد عددهم على مئة شخص. وفي الزرقاء، خصصت المسيرة التي نفذها حزب جبهة العمل الإسلامي لدعم حق العودة، إذ طالب المشاركون بمحاسبة قوات الدرك و«البلطجية» الذين اعتدوا على المشاركين في مسيرة العودة، مرددين شعارات ترفض الوطن البديل، وتؤكد أن «العودة هيه المصير»، محذرين من الالتفاف عليه في ظل التغيرات على خريطة الوطن العربي. وتفاوتت الشعارات في المحافظات الأخرى التي شهدت اعتصامات وتظاهرات، ففي الكرك نفذت الأحزاب السياسية والفعاليات الشعبية والنقابية في المحافظة التي تبعد 125 كيلومتراً جنوب عمان اعتصاماً طالب بالإصلاحات السياسية ورفض الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي والوقوف بحزم أمام المشروع الأميركي - الصهيوني في الشرق الأوسط الجديد المراد تنفيذه في المنطقة. كما هتف المعتصمون ضد التلكؤ في الإصلاح وضد تهريب خالد شاهين المدان في قضية توسعة مصفاة البترول، وهي المسألة التي تتواصل تداعياتها في الأردن منذ نحو شهرين، منددين بسياسة القبضة الأمنية وارتفاع الأسعار. أما في الطفيلة (180 كيلومتراً جنوب العاصمة عمان)، فخرجت الى الشوارع أكبر مسيرة منذ سنوات تشهدها هذه المحافظة لتتهم الحكومة بالتقصير في إجراء الإصلاحات المطلوبة ولتطالب بإنهاء تهميش هذه المحافظة تنموياً بحيث يتوقف مسلسل هجرة أبنائها منها. وأكد مراقبون أن المسيرة كانت شعبية ولم يشترك أي حزب سياسي في تنظيمها. على صعيد متصل، أشهر رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات مساء أول من أمس في عمان «الجبهة الوطنية للإصلاح» بحضور مجموعة من الشخصيات السياسية والنقابية. وتدعو الجبهة ذات الطيف الواسع الى اعتماد استراتيجية وطنية للإصلاح تضع البلاد على المسار الديموقراطي وصولاً الى الدولة المدنية الديموقراطية القائمة على الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص واحترام الإنسان والتي تشكل المواطنة بأبعادها الدستورية والقانونية والأخلاقية ركيزتها الأساسية. وتطالب الجبهة بإصلاح دستوري يكون فيه الشعب مصدر السلطات ويوازن العلاقات بين السلطات الثلاث ويرسخ مبدأ الفصل بينها ويشتمل على ضمانات دستورية تعزز الديموقراطية في الحكم على أساس تداول السلطة والتلازم بين السلطة والمسؤولية وإلغاء تعديلات دستور 1952. كما تشير الى ضرورة إصلاح المؤسسة الأمنية بما يضمن التزامها المهمات والواجبات المحددة وإلغاء الصلاحيات الاستثنائية. وفي مجال القضاء، تطالب الجبهة بإصلاح شامل للقضاء يضمن وحدة واستقلالية السلطة القضائية، وينشئ محكمة دستورية مستقلة، ويلغي المحاكم الاستثنائية. ويتوقع الإعلان عن تشكيل لجنة موقتة للدعوة الى مؤتمر وطني لمناقشة مسودة المبادئ العامة للجبهة.