شهدت أسواق السعودية انخفاضاً في أسعار الرز الممتاز (بسمتي) بنسبة بلغت 10 في المئة، وسط توقعات بأن تشهد مزيداً من الخفض نظراً إلى حجم المخزون في السعودية. وأعاد عاملون في تجارة الرز في تصريحات إلى «الحياة» هذا التراجع في الأسعار إلى عوامل عدة أبرزها وفرة الإنتاج في الهند لهذا الموسم، وضغط من الرز من الدرجة الثانية. لكن تاجر الجملة إبراهيم الفرج عزا الأمر إلى المضاربة. وقال: «التنافس الشرس بين مستوردي الرز بمختلف مستوياتهم كباراً ومتوسطين وصغاراً في الأسواق السعودية، يدفع الجميع إلى إجراء خفض في الأسعار»، مشيراً إلى أن «الخفض الحاصل الآن، يعتبر الثاني للأسعار منذ بداية عام 2011». إلا أنه أضاف» «تخفيضات من خلال عروض، وهي موقتة». وأوضح أن «التخفيضات التي شهدتها الأسعار تجرى تحت ضغوط السوق المحلية بالدرجة الأولى، والهندية بالدرجة الثانية»، مشيراً إلى أن «الأنواع التي تصنف على أنها من الدرجة الأولى مثل البسمتي الهندي والباكستاني بمختلف أنواعه، من المفترض أن تنخفض أكثر خلال العام الجاري بسبب وجود مخزون كبير، إضافة إلى أن محصول العام لا يبدو أنه تعرض إلى كوارث أو سوءٍ أحوال جوية». وتوقع «استمرار الانخفاض في أسعار الرز بمختلف أنواعه حتى نهاية العام، فيما سيتحدد في شهري تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) المقبلين، التوقعات لعام 2012، فإذا أظهرت الأسواق محصولاً وفيراً من الرز في شبه القارة الهندية ودول شرق آسيا للنصف الثاني لمحصول عام 2011، فستكون الأسعار أكثر استقراراً، وتتجه إلى الانخفاض». وأشار تاجر الرز خالد المحروس إلى أن «الأسواق ليست متشائمة في شأن إنتاج الرز لهذا العام»، متوقّعاً أن «يكون بصورة العامين الماضيين نفسها، أي ستكون هناك وفرة في المعروض، في الدول الرئيسية المصدرة مثل الهند وباكستان». وأوضح أن «الطلب على الرز في حدوده الطبيعية، وأقل من الطبيعية أيضاً، ولن تلجأ دول مثل إيران إلى زيادة مشترياتها لتوفير مخزون كبير من الرز يؤثر في الطلب ويدفع بالتجار المصدرين إلى رفع الأسعار كما حدث في عامي 2007 و2008». وأوضح أن «التجار الهنود كانوا يتوقعون مشتريات من دول كبيرة مثل إيران والسعودية، إلا أنهم فوجئوا بأن التجار الإيرانيين قاموا بشراء كميات محدودة، والأمر تكرر مع التجار السعوديين، الذين قاموا بشراء كميات بأقل من المعتاد بسبب المخزون الكبير الذي لديهم»، متوقعاً أن «تشهد الأسعار انخفاضاً إذا لم يحدث تغير غير متوقع خلال الفترة المقبلة». وقال المحروس: «المزارعون والتجار الهنود بدأوا يستوعبون أن الطفرة في الأسعار التي حدثت في 2007 و2008، قد انتهت، وبدأوا ببيع مخزونهم من الرز بسعر السوق»، مؤكداً أن «مخزون المستوردين الرئيسيين في السعودية جيد، ويسمح لهم بمعادلة الأسعار في حال الانخفاض أو الارتفاع، والقيام بعملية حساب متوسط السعر، وهو أمر معتاد يقوم به مستوردو الرز، كما أنه لا يمكن إغفال المنافسة (الشرسة) في السوق السعودية، التي تدفع بعضهم إلى البيع بأقل من الكلفة، مجاراةً للسوق المحلية». وأوضح تاجر الجملة محمد باشا أن «لجوء مستوردي الأنواع الممتازة من الرز وتحديداً البسمتي، إلى تقديم عروض خيار لا بد منه، بل إن بعضهم قام بإنزال منتج بأسماء جديدة ليحافظ على حصته في السوق من جهة، وخفض الأسعار من دون الإضرار بالمنتج الأساس من جهة ثانية. وسيقوم التجار بتسويق أسماء هذه الماركات في عملية التوازن في الأسعار، وحتى يحافظوا على السوق متماسكة». وأشار إلى أن «عروض الأسعار ستستمر خلال الشهور المقبلة، وسيكون شهر رمضان ذروتها، حيث يقل استهلاك الرز لمصلحة مواد غذائية أخرى»، مؤكداً أن «الأسعار يجب أن تنخفض بمعدل 10 ريالات في كل صنف حتى تكون في المعدل الطبيعي للأسعار، بخاصة أن الأسعار التي ارتفعت في 2007 لم تتراجع بمقدار التراجع العالمي نفسه». وشدد على أن «التجار أبدعوا في سياسة العروض والتخفيضات الموقتة التي يعود بعدها السعر إلى الارتفاع»، مشيراً إلى أن «أفضل أنواع الرز كان سعره قبل الارتفاع لا يتجاوز 50 ريالاً ل 10 كيلوغرامات، وهي الآن بين 70 و80 ريالاً، بمعنى أنها لم تنخفض بالصورة المطلوبة». وأوضح أن «المستوردين خلال السنتين الماضيتين كانوا يتعمدون الغموض في الحديث عن سوق الرز، ويغلفون أحاديثهم دائماً بالمخاوف من المحصول المقبل، إلا أن أياً من ذلك لم يحدث». وقال: «الأسعار كان من المفترض أن تنخفض من دون النظر إلى المخزون، أو تاريخ المحصول، والفترة التي تم فيها استيراده، إذ إن الأسعار في بلد المصّدر انخفضت فعلياً، وتطبق على الرز المعروض من دون تمييز». وتابع: «كثير من مستوردي الرز خلال العام الماضي، وكذلك في الربع الأول من العام الجاري، حصلوا على عروض بأسعار مخفضة من شركات الرز في الهند مقارنة بالعامين 2008 و2009، الأمر الذي يطمئن المخاوف على وضع السوق، إلا أنهم لم يقوموا بخفض الأسعار بصورة مماثلة». يذكر أن السعودية تستهلك أكثر من 900 ألف طن سنوياً، تمثل 4.3 في المئة من الاستهلاك العالمي، وتبلغ قيمتها نحو 3.5 بليون ريال. وأفاد تقرير صادر عن وزارة التخطيط في وقت سابق إن متوسط استهلاك الفرد السعودي من الرز يبلغ 43 كيلوغراماً.