توقّع تجار وموزعون في المملكة استمرار انخفاض أسعار الرز خلال الشهرين المقبلين، مؤكدين أن الأسعار انخفضت فعلياً بنسبة بلغت نحو 13 في المئة لعدد كبير من أنواع الرز، مرجعين السبب الرئيسي إلى المنافسة الشديدة وضغوط مالية تدفع التجار إلى زيادة المبيعات للحصول على سيولة مالية. وأوضح أحد المستوردين الرئيسيين في السعودية (فضل عدم ذكر اسمه) أن المستوردين يعانون من ضغوط مالية كبيرة جداً، خصوصاً مع عدم حصولهم على أموال الدعم من الحكومة، مشيراً إلى أن المبالغ المطلوبة تتجاوز 500 مليون ريال وتعادل نحو 90 في المئة من إجمالي المبلغ، في حين لم تبلغ نسبة الأموال التي تسلموها 10 في المئة من إجمالي المبالغ المطلوبة. وأكد أن الضغوط المالية من ضمن أسباب انخفاض الأسعار، وأرجع الانخفاض إلى وجود أسباب أخرى لا تقل عنها أهمية، وهي انخفاض الأسعار في الهند وباكستان، إضافة إلى خفض صغار المستوردين الأسعار في السوق المحلية، ما دفع كبار المستوردين إلى الخفض حفاظاً على حصتهم من السوق. وأشار إلى أن أسعار «الرز البسمتي» في الهند في طريقها إلى الارتفاع، خصوصاً أنها خلال الأسبوعين الماضيين قفزت بنحو 400 دولار للطن، بسبب عقود الشركات الإيرانية التي وصفها تجار هنود بالضخمة، موضحاً أن الإيرانيين كانوا يشترون بكميات محدودة من أنواع الرز الفاخر الذي تذهب حصة كبيرة منه إلى السوق السعودية، مضيفاً أن التجار الهنود بدأوا في رفع الأسعار التي انخفضت بسبب إحجام التجار السعوديين عن الشراء خلال الأشهر الماضية. وأكد خالد المحروس (أحد مستوردي الرز) أن عروض الأسعار ستستمر خلال الفترة المقبلة، على رغم عودة ارتفاع الأسعار في الهند بعد الانخفاض الكبير الذي شهدته، وقال :«الأسعار بلغت 1000 دولار للطن، ثم عادت إلى الارتفاع من جديد لتلامس 1400 دولار للطن للرز الفاخر»، مشيراً إلى وجود أنواع من الرز تتراوح أسعارها بين 1000 دولار و1350 دولاراً للطن، وهو سعر من المتوقع له أن يشهد ثباتاً إلى وقت المحصول الجديد في تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) المقبلين، مؤكداً أن المؤشرات تدل على محصول وفير. وأشار إلى أن أسعار الرز الحالية تتأثر بالسحب من المخزون الذي تم استيراده من شبه القارة الهندية وشرق آسيا في فترات سابقة، ويقوم التجار بمعادلة الأسعار. وذكر أن الشركات ستحاول تقليص ارتفاع الأسعار محلياً عن طريق تقليل هامش الربح واستخدام المخزون، موضحاً أن الارتفاع إذا حدث فلن يكون كبيراً باعتبار أن المنافسة في الأسواق السعودية قوية، وإن الارتفاع المتوقع سيكون لفترة تعود بعدها الأسعار إلى طبيعتها. من جهته، قال إبراهيم الفرج (تاجر جملة) إن مخزون المستوردين الكبار يكفي المملكة لأكثر من سنة، ما يسمح لهم بالمناورة في الأسعار، والقيام بعملية حساب متوسط السعر، وهو أمر معتاد يقوم به المستوردون لمختلف السلع. وأضاف « الوضع بالنسبة لأسعار الرز في الأسواق المحلية سيتجه إلى الانخفاض، وسيستمر إلى شهر رمضان المبارك، وذلك لوجود مخزون كبير لدى تجار وموردي الرز سواء في داخل المملكة أو في بلاد المصدر، وان هذا المخزون كفيل بالحفاظ على السعر المتداول حالياً من الارتفاع الحاد». ووتابع: «عدد من مستوردي الرز خلال الربع الأول من العام حصلوا على عروض بأسعار مخفضة من الشركات الحاصدة للرز في الهند، مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي يطمئن على وضع السوق»، وأبان أن احتمالات عدم استقرار أسعار السوق مستبعد في الوقت الحالي. مؤكداً أن الأسعار ستنخفض دون النظر إلى المخزون، أو تاريخ المحصول، والفترة التي تم فيها استيراده، إذ ان الأسعار الجديدة ستطبق على الرز المعروض من دون تمييز. وأشار إلى أن حجم الشراء الذي تم في العام الماضي 2008 جعل التجار السعوديين يرفعون مخزنهم من الرز إلى الدرجة التي تجعلهم في «راحة» خلال مفاوضتهم على الشراء. مضيفاً أن المخزون الجيد من الرز سيحفظ السوق من أية ارتفاعات جديدة في الأسعار، في الوقت الذي سيؤدي انخفاض الأسعار إلى قيام التجار بمعادلة أسعار المخزون والأسعار الجديدة لإجراء تخفيضات فورية على الأسعار في الأسواق. يذكر أن الزيادة على أسعار مختلف أنواع الرز في الأسواق المحلية بدأت بالظهور بصورة تدريجية منذ نهاية الربع الرابع لعام 1427ه، أما أصناف الرز الهندي فقد بدأت الزيادة في أسعارها مع نهاية الربع الأول وخلال الربع الثاني لهذا العام 1428ه، بنسبة 33.3 في المئة، ولجأ المصدرون في الهند مع نهاية الربع الأول لعام 1428ه، لزيادة سعر الطن بمقدار مئة دولار لترتفع كلفة استيراد الطن إلى 900 دولار أي بزيادة عن أسعار الاستيراد في العام الذي سبقه بنسبة 50 في المئة، ثم لجأ المصدرون في الهند مرة أخرى لزيادة تكلفة استيراد الطن من الرز ليصل إلى 950 دولاراً، وعلى رغم الزيادة الكبيرة في تكلفة الاستيراد، استمر الارتفاع في أسعار أصناف الرز الهندي تبعاً للتغيرات في تكلفة الاستيراد إلى أن وصل سعره إلى ذروته قبل الانخفاض الأخير في الأسواق. ويبلغ عدد الموردين في السعودية نحو 180 مورداً، إلا أن 3 شركات كبيرة تتجاوز حصتها نحو 80 في المئة من حجم السوق. وتشير الأرقام إلى أن السعودية تستهلك أكثر من 800 ألف طن سنوياً تمثل 4.3 في المئة من الاستهلاك العالمي، وتبلغ قيمتها نحو 3.5 بليون ريال. وقال تقرير صادر عن وزارة التخطيط في وقت سابق أن متوسط استهلاك الفرد السعودي من الرز يبلغ 43 كيلوغراماً.