دفع التنافس «الشرس» بين مستوردي الرز بمختلف مستوياتهم (كبار، ومتوسطين، وصغار) في الأسواق السعودية إلى إجراء تخفيضات في الأسعار تفاوتت بين 10 و 20 في المئة بحسب نوعية الرز، وهو الخفض الثاني الذي يجري للأسعار منذ بداية العام 2010. وذكر تجار رز ل «الحياة» أن التخفيضات التي شهدتها الأسعار تجري تحت ضغوطات السوق المحلية بالدرجة الأولى، والعالمية بالدرجة الثانية، مشيرين إلى أن التجار السعوديين عانوا خلال الأشهر الستة الماضية من حال ركود تآكلت مبيعاتهم فيها بنسبة تصل إلى 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي، خصوصاً للأنواع التي تصنّف على أنها من الدرجة الأولى مثل «البسمتي الهندي والباكستاني بمختلف أنواعه»، مع وجود مخزون كبير منه لديهم. وتوقعوا استمرار الانخفاض في الأسعار حتى تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) المقبلين، وستتحدد خلالهما أيضاً التوقعات لعام 2011، إذ أظهرت الأسواق محصولاً وفيراً من الرز في شبه القارة الهندية ودول شرق آسيا للفصل الثاني لمحصول العام 2009، مؤكدين أن المؤشرات تدل على محصول وفير سيدفع بالأسعار إما إلى الانخفاض أو الثبات في أسوأ الظروف. وأشار إبراهيم الفرج (تاجر جملة) إلى أن الأسواق العالمية ليست متشائمة بشأن إنتاج الرز في 2010، وتتوقع أن يكون بمستوى 2009، إذ ستكون هناك وفرة في المعروض، في الدول الرئيسية المصدّرة مثل الهند وباكستان وتايلاند، مشيراً إلى أن استقرار المنطقة أمنياً، وكذلك بداية التحسّن في الأداء الاقتصادي سيجعلان من الطلب على الرز في حدوده الطبيعية، وأقل من الطبيعية أيضاً، ولن تلجأ دول مثل إيران إلى زيادة مشترياتها لتوفير مخزون كبير من الرز يؤثر في الطلب ويدفع بالتجار المصدرين إلى رفع الأسعار كما حدث في عامي 2007، و2008. وأشار إلى أن التجار الهنود كانوا يتوقعون مشتريات من دول كبيرة مثل إيران والسعودية، إلا أنهم فوجئوا بأن التجار الإيرانيين قاموا بشراء ثلث الكميات المتوقعة، ولم تتجاوز مشترياتهم من الرز الفاخر 300 ألف طن، في حين كانت التوقعات أن تتجاوز المشتريات 700 ألف طن، والأمر تكرر مع التجار السعوديين، إذ اشتروا كميات أقل من المعتاد بسبب المخزون الكبير الذي لديهم. وأوضح أن المشتريات من أوروبا تأثرت أيضاً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، ما أسهم في وفرة المعروض من الرز الهندي الفاخر في الأسواق، متوقعاً أن تشهد الأسعار انخفاضاً، إذا لم يحدث تغيّر غير متوقع خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن المزارعين والتجار الهنود بدأوا يستوعبون أن الطفرة في الأسعار التي حدثت في 2007 و2008 انتهت، وبدأت معها دورة اقتصادية جديدة، إذ باع المزارعون مخزونهم من الرز بسعر السوق، مخافة أن يبقى لديهم في ظروف سيئة تؤدي إلى تلفه، أو أن يضاف إليه المحصول الجديد لعام 2010 الذي اقترب موعده. من جانبه، قال خالد المحروس (تاجر رز)، إن التجار والموزعين في المملكة يتوقعون ثبات أسعار الرز العالمية، إذا لم تنخفض خلال الأشهر الستة المقبلة إلى ديسمبر، وأن الأسعار انخفضت فعلياً بنسبة تجاوزت 15 في المئة لعدد كبير من أنواع الرز، مشيراً إلى أن المنافسة الشديدة في الأسواق لها تأثير كبير في الأسعار. وأكد أن مخزون المستوردين الرئيسيين في المملكة يكفي لفترة طويلة، تسمح لهم بمعادلة الأسعار في حال الانخفاض أو الارتفاع، والقيام بعملية حساب متوسط السعر، وهو أمر معتاد يقوم به المستوردون لمختلف السلع بما فيها الرز، ولكن لا يمكن إغفال المنافسة «الشرسة» في السوق السعودية. من جهته، أوضح سعيد البنيان (تاجر جملة) أن عروض الأسعار ستستمر خلال الأشهر المقبلة، وسيكون شهر رمضان المبارك ذروتها، إذ يقل استهلاك الرز لمصلحة مواد غذائية أخرى. وأضاف أن الشركات ستحاول تقليص الأسعار عن طريق تقليل هامش الربح واستخدام المخزون، وتقديم الهدايا، موضحاً أن «المنافسة في الأسواق السعودية قوية وتضمن أسعاراً معقولة». مؤكداً أن الأسعار ستنخفض من دون النظر إلى المخزون، أو تاريخ المحصول، والفترة التي تم فيها استيراده، إذ إن الأسعار الجديدة ستطبق على الرز المعروض من دون تمييز. مضيفاً أن عدداً من مستوردي الرز خلال الربع الأول من العام حصلوا على عروض بأسعار مخفضة من شركات الرز في الهند، مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي يطمئن المخاوف على وضع السوق. وأبان أن الجميع متفائل باستقرار أسعار السوق في الوقت الحالي. يذكر أن السعودية تستهلك أكثر من 800 ألف طن سنوياً، تمثل 4.3 في المئة من الاستهلاك العالمي، وتبلغ قيمتها نحو 3.5 بليون ريال. وقال تقرير صادر عن وزارة التخطيط في وقت سابق إن متوسط استهلاك الفرد السعودي من الرز يبلغ 43 كيلوغراماً.