القاهرة - أ ف ب، رويترز - اعتبرت منظمة «العفو الدولية» في تقرير موسع نشرته أمس أن استمرار محاكمة مدنيين في مصر أمام القضاء العسكري يطرح علامات استفهام على تعهد الجيش الذي يتولى السلطة منذ تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك في شباط (فبراير) الماضي، بإقامة دولة القانون. وأكدت المنظمة الحقوقية أن هناك أسباباً تدعو إلى اعتقاد أن الجيش متورط في اعتقالات تعسفية وفي عمليات تعذيب. ونقل التقرير الذي يستند إلى شهادات جمعتها المنظمة بين 30 كانون الثاني (يناير) الماضي و3 آذار (مارس) الماضي، عن ضحايا أنهم تعرضوا للتعذيب على أيدي الجيش وبعضهم حوكم أمام محاكم عسكرية بعد مشاركته في تظاهرات. وأضاف التقرير أن «محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية تنتهك الشروط الأساسية لحكم سليم ومحاكمة عادلة، وواقع أن اللجوء إلى هذه المحاكمات لا يزال مستمراً يطرح علامات استفهام على تعهد الجيش المصري إقامة دولة القانون». وأكد أن لجنة رسمية أهملت التحقيق في «حالات فردية لعمليات اعتقال تعسفية وتعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة، بما في ذلك من قبل الجيش». وكانت منظمات غير حكومية عدة اتهمت الجيش الذي سجل له عدم إطلاقه النار على المتظاهرين الذي طالبوا بإسقاط مبارك، بممارسة التعذيب. وتؤكد منظمات حقوقية مصرية أن أكثر من عشرة آلاف شخص حوكموا أمام المحاكم العسكرية منذ اندلاع الثورة في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، غالبيتهم بجنح. وشدد المجلس العسكري الحاكم العقوبات في حالات البلطجة والاعتداء الجنسي لمكافحة حال الانفلات الأمني. وحكمت محكمة عسكرية الاثنين الماضي على أربعة مواطنين، أحدهم قاصر، بالإعدام لإقدامهم سوياً على اغتصاب فتاة. وطلب تقرير «العفو الدولية» من السلطات المصرية كشف الحقيقة في شأن الهجمات التي استهدفت المتظاهرين خلال التظاهرات التي أطاحت مبارك وتعويض الضحايا وتقديم الجناة للعدالة. وقالت إن 840 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من ستة آلاف، لكن لجنة تشكلت للتحقيق في أعمال العنف لم تعلن بعد أسماء القتلى أو الطريقة التي قتلوا بها. وخلصت اللجنة إلى أن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي مسؤول عن قتل المحتجين. وحكم على العادلي الذي لم يكن يحظى بأي شعبية بسبب وحشية قوات الشرطة خلال عهده والذي اعتبر يوماً غير قابل للمحاسبة، بالسجن 12 سنة هذا الشهر بتهمتي التربح وتبييض الأموال. وقالت المنظمة إن مهمة اللجنة كانت محدودة للغاية وإن نشر التفاصيل كاملة بخصوص القتلى «ضرورة لأسر الضحايا والمجتمع بصفة عامة للتعامل مع تداعيات ما حدث». وأوضحت أن «اللجنة لم تحقق باستفاضة في تقارير فردية عن الاحتجاز التعسفي أو التعذيب أو غيرها من أشكال التجاوزات، خصوصاً أن كثيرين من الضحايا تحدثوا عن انتهاك حقوقهم على أيدي أفراد من أجهزة الأمن والجيش». ونقلت عن شاهد يدعى فؤاد قوله: «عندما أدخلونا المكان المخصص لنا أجبرنا الجنود على النوم على بطوننا في الفناء وضربونا. ضربونا مرة أخرى بالأسلاك والعصي واستخدموا قضباناً صاعقة». ودعت المنظمة إلى إجراء المزيد من التحقيقات في مقتل 189 سجيناً على الأقل خلال اضطرابات في سجون. وعرض رئيس الوزراء عصام شرف تعويض أقارب ضحايا تجاوزات الأجهزة الأمنية. وقالت «العفو الدولية» إن المصابين بجروح بالغة يجب أن يلقوا الرعاية الطبية على نفقة الدولة. ونقلت عن منسق في المستشفى الميداني الذي أقامه متطوعون في ميدان التحرير مركز الاحتجاجات قوله انه تعامل مع نحو 300 إصابة بطلق ناري في العين. وأضافت: «ما زال مئات الأشخاص الذين تعرضوا لتجاوزات بالغة خلال هذه الفترة ينتظرون تحقيق العدالة بعد ما حدث لهم».