راوحت ردود الفعل العربية والدولية على عملية «غصن الزيتون» التي تشنها تركيا على المقاتلين الأكراد عفرين، شمال سورية، بين الرفض والحذر، فيما طالبت باريس بعقد جلسة لمجلس الأمن «تبحث في الوضع الإنساني في سورية بعد التدهور المفاجئ في الأوضاع» في شمال سورية وإدلب والغوطة الشرقيةلدمشق. وأعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس، عن «قلق فرنسي عميق» في شأن «التدهور المفاجئ» في الوضع في سورية، مشيراً إلى أن بلاده طلبت اجتماعاً لمجلس الامن من أجل «تقويم الوضع الانساني». وطالب لودريان أنقرة بعد اتصال هاتفي أجراه بنظيره التركي مولود جاويتش أوغلو ب»ضبط النفس في ظل وضع صعب مع تدهور الظروف الإنسانية نتيجة الأعمال العسكرية للنظام السوري حلفائه». وقال لودريان خلال اجتماع «مجموعة 5+5 لدول غرب حوض البحر الأبيض المتوسط» في الجزائر: «أولاً هناك المعارك في منطقة عفرين، ثم هناك خنق حقيقي لمنطقة الغوطة الشرقية من طرف قوات النظام ما أدى إلى ما يشبه سجن يقبع فيه 400 الف شخص لا تصلهم المساعدات الانسانية، اضافة الى آلاف المهجرين في محافظة ادلب الذي يفرون من المعارك بين النظام وفصائل المعارضة وبسبب القصف العشوائي الذي تشنه القوات النظامية على المحافظة». وأضاف: «لذلك علينا أن نعمل كل ما هو ممكن من أجل تفعيل وقف النار في شكل سريع والبدء بالحل السياسي الذي طال انتظاره». إلى ذلك، دعت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي تركيا إلى انهاء عملياتها ضد الفصائل الكردية، مشيرةً إلى أن الهجوم التركي يضرّ بجهود مكافحة تنظيم «داعش». ولفتت بارلي في حديث لقناة «فرانس 3» إلى أن «المعارك يجب أن تتوقف لأنها تؤدي إلى أن تحيد القوات الكردية التي تقاتل إلى جانب التحالف عن معركتها الأساسية ضد الإرهاب». وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس، إن وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون بحثا خلال اتصال في «سبل إرساء الاستقرار في شمال سورية». ولفتت إلى أن الوزيرين تطرقا إلى «التعامل مع الأزمة السورية تحت رعاية الأممالمتحدة وجدول أعمال محتمل للمحادثات السورية المقررة في منتجع سوتشي الروسي». وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حضّت «الأطراف كافة» إلى تجنب التصعيد في شمال سورية والتركيز على مهمة هزيمة تنظيم «داعش». من جانبها، أعربت القاهرة عن رفضها للعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية، باعتبارها تمثل «انتهاكاً جديداً للسيادة السورية، وتقوّض جهود الحلول السياسية القائمة وجهود مكافحة الإرهاب في سورية». وأكد بيان رسمي صدر أمس عن وزارة الخارجية «موقف مصر الثابت الرافض للحلول العسكرية، لما تؤدي إليه من زيادة معاناة الشعب السوري الشقيق»، مطالباً ب»انخراط جميع أطياف الشعب السوري في مفاوضات جادة في إطار عملية سياسية تتسم بالشمولية والموضوعية من دون إقصاء لأي طرف، مع ضرورة الحفاظ على سيادة الأراضي السورية ووحدتها». وفي دمشق، ندد الرئيس السوري بشار الأسد الأحد بالهجوم التركي، معتبراً اياه امتداداً لسياسة أنقرة في «دعم التنظيمات الارهابية منذ اندلاع الأزمة». وقال الأسد خلال استقباله وفداً إيرانياً إنّ «العدوان التركي الغاشم على مدينة عفرين السورية لا يمكن فصله عن السياسة التي انتهجها النظام التركي منذ اليوم الأول للأزمة في سورية والتي بنيت أساساً على دعم الارهاب والتنظيمات الارهابية على اختلاف تسمياتها». وكانت وزارة الخارجية السورية نفت ما أعلنته أنقرة عن إبلاغها دمشق بالعملية العسكرية خطياً، مشيرةً إلى أن «ادعاءات النظام التركي هي جزء من مسلسل الأكاذيب التي اعتدنا عليها». وطالبت دمشق «المجتمع الدولي بإدانة العدوان التركي واتخاذ الإجراءات الواجبة لوقفه فورا». وفي الإطار ذاته، دعت طهران إلى «نهاية سريعة» للهجوم التركي، معتبرةً أنه «قد يساعد مجموعات إرهابية». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي قوله: «نأمل انتهاء العملية على الفور لمنع تعميق الأزمة في منطقة الحدود بين تركيا وسورية». واعتبر أن «الأزمة في عفرين قد تعزز الجماعات الإرهابية» في شمال سورية. في المقابل، اعتبرت بريطانيا أن لدى تركيا «مصلحة مشروعة» في ضمان أمن حدودها. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية مساء أول من أمس أن الوزارة «تتابع التطورات من كثب» في منطقة عفرين، مشيراً إلى أن «المملكة المتحدة بحثت مرارا مع السلطات التركية في قضايا الأزمة السورية، ضمن هدفنا المشترك بالحد من اعمال العنف وافساح المجال لاتفاق سياسي». واضاف أن «المملكة المتحدة ملتزمة العمل بشكل وثيق مع تركيا وحلفاء آخرين من أجل إيجاد حلول في سورية تؤدي إلى الاستقرار، وتفادي تصعيد الاوضاع، وحماية المصالح الامنية التركية».