لندن - أ ف ب - «آبي» أنثى لا يتجاوز وزنها خمسة كيلوغرامات، شعرها مسرّح دوماً في شكل متقن، أما عيناها فمغمضتان باستمرار. تحسبها طفلة نائمة، لكنها ليست كذلك، هي دمية «تبنّتها» إيف، بعد وفاة طفلتها، علّها تساعدها على تجاوز محنتها. «آبي دمية تذكرني بطفلتي عندما كانت صغيرة»، تقول الأميركية إيف هاستي (57 سنة) التي اشترت «رضيعتها المولودة من جديد» (ريبورن بايبي) من بريطانيا ب300 دولار. تسترسل إيف في وصف مزايا آبي، التي تدخل السكينة إلى قلبها عندما تحملها بين ذراعيها، وعندما تبدّل لها ملابسها بعد أن تختارها بعناية من خزانة مملوءة بثياب تكفي ثلاثة توائم، إلى جانب أحذية من أجود الماركات التجارية. إيف ليست الأم المجروحة الوحيدة التي «تبنّت» دمية. فالبريطانية نيكي هان (35 سنة) صنعت نحو ستّ «دمى أطفال»، بينها آبي، وتلك الدمى مخصصة للأمهات اللواتي فقدن أطفالهن، كما أنها صنعت شبيهاً لرضيع متوفى مستندةً إلى صورته. وتقوم هذه التقنية الرائجة منذ سنوات، في الولاياتالمتحدة وبريطانيا، على جمع أعضاء بلاستيكية مصنوعة من تركيبة قريبة من ملمس البشرة، ورأس بوجه ذي ملامح معبرة إلى حد ما، وهي جميعها مواد متوافرة في السوق. يتعين بعد ذلك حشو هذه الأعضاء، بحسب الوزن النهائي المطلوب للطفل الدمية. أما الخطوة الأخيرة، والأطول، فهي طلاء جسد الدمية الجامد بمادة تعكس التفاصيل الدقيقة للبشرة، لإظهار الشرايين الدقيقة تحت «الجلد»، والهيئة «الحقيقية» للأظافر والرموش وربما القليل من اللعاب عند أطراف الشفتين. ولا بد من لمسة نهائية تتمثل بزرع شعر من صوف ناعم يشبه الشعر الطبيعي، بواسطة إبرة. والنتيجة: دقة متناهية ومذهلة. كانت إيف فقدت طفلتها قبل أن تكمل ربيعها السابع، جراء سرطان الدم، وهي تكره أن يسخر أي شخص من دميتها - ابنتها. لكن المرأة الخمسينية لا تخرج برفقة «آبي»، إلا عندما تكون في زيارة إلى أشخاص لم تتسنّ لهم رؤيتها بعد. وتقول نيكي، في معرض «الأطفال المولودين من جديد» في ضاحية لندنية، أن زبائنها لا يقتصرون على الأمهات الثكلى، فهناك زبائن مهووسون باقتناء الدمى. وتحذر عالمة النفس البريطانية، إنغريد كولينز، من أن هذه «الدمى تهدّد بمفاقمة المشكلة أكثر مما تساهم في العلاج»، مضيفة: «إذا كان هناك من يود منح حبّ كبير، ولا طفل لديه، فهناك أطفال كثر بحاجة إلى الرعاية». وترى المتخصصة في الشؤون الأسرية، ساندرا ويتلي، في «الطفل المولود من جديد» أداة قد تساعد الأهل على تجاوز محنة وفاة طفلهم، لكنها تحذر من مغبة «تبنّي» الدمية لفترة طويلة.