بدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس، زيارة رسمية إلى تونس، هي الأولى له منذ إطاحة نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. وذكرت مصادر رسمية أن الزيارة تهدف إلى تفعيل الاتحاد المغاربي في ضوء احتمالات عقد القمة المغاربية المؤجلة في تونس قبل نهاية العام الحالي، إضافة إلى مواصلة المشاورات السياسية بين قادة البلدين حول مستجدات الأوضاع في المنطقة وتداعيات الأزمة الليبية واستمرار التوتر في منطقة الساحل جنوب الصحراء. وقللت المصادر ذاتها من شأن التقارب التونسي- الجزائري الذي ظهر في الآونة الأخيرة، معربةً عن الأمل في فتح صفحة جديدة بين الدول المغاربية ونبذ سياسة المحاور والتركيز على دعم التكامل والتعاون. لكن الخلافات المغربية -الجزائرية لن تكون بعيدة عن أجواء المحادثات الرسمية بين العاهل المغربي والرئيس التونسي المنصف المرزوقي. ولا يُتوقَع أن تقوم تونس بوساطة بين البلدين الجارين. من جهة أخرى، أفادت مصادر مأذون لها بأن العلاقات المغاربية مع بلدان الاتحاد الأوروبي والبحث في تحريك منظومة الاتحاد من أجل المتوسط ستكون ضمن محاور المحادثات على خلفية العلاقات المتميزة التي تجمع المغرب وتونس بشركائهما في الاتحاد الأوروبي. ويسعى العاهل المغربي إلى تقديم الدعم السياسي للتجربة الانتقالية في تونس بخاصة على مستوى الاستفادة من أجواء المصالحة والانفتاح على كافة التيارات. وينظر التونسيون إلى التجربة الحكومية في المغرب التي يقودها الحزب الإسلامي «العدالة والتنمية» بمثابة نموذج متقدم في الانفتاح، يعارض سياسة الإقصاء والتهميش. وسيعرض الملك محمد السادس آفاق الشراكة المغربية التونسية في خطاب أمام المؤتمر التأسيسي (البرلمان) ليصبح أول رئيس دولة مغاربية يخاطب النخب التونسية خلال الفترة الانتقالية. كما سيوقع البلدان اتفاقات للتعاون بين القطاعين العام والخاص. إلى ذلك، وجّه وزير العدل المغربي مصطفى الرميد، أول من أمس، مذكرات إلى كل المدعين العامين في المملكة يحضهم فيها على التحقيق في الحالات التي يُشتبه بحدوث تعذيب خلالها أو تحمل آثار تعنيف. وجاءت دعوة الرميد في سياق لقائه جمعيات مغربية غير حكومية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، حيث دعا إلى معاينة آثار التعذيب وتدوينها في محضر قانوني. كما طالب الجمعيات الحقوقية بوضع قائمة بأسماء الأطباء للاستعانة بهم، مشيراً إلى نقص في عدد الأطباء الشرعيين في المغرب، حيث لا يتعدى عددهم 13 طبيباً. من جهة أخرى، أقر الرميد بحصول حالات تعذيب في المغرب بعد أن كان قد نفا ذلك في وقت سابق. وقال ناشطون حقوقيون إنهم يملكون «أدلة» عن حالات تعذيب سبق أن راسلوا وزارة العدل في شأنها من دون الحصول على رد. وقال الرميد للحقوقيين: «أعرف أن هناك تعذيباً، التعذيب موجود، والادعاءات الكاذبة موجودة، ولم يسبق لي أن نفيت وجود التعذيب، ومن يقول لا وجود للتعذيب فهو واه، وليس كل من يدعي تعرضه للتعذيب، يكون قد عُذب». في المقابل، طالب نشطاء حقوق الإنسان بتشكيل آلية مستقلة لوقف التعذيب، وعابوا على وزير العدل تقلب مواقفه بعد تحمله المسؤولية الحكومية.