بدا الرئيس التونسي منصف المرزوقي الذي بدأ زيارة «أخوة وعمل» للمغرب، أكثر تفاؤلاً بأن يشهد عام 2012 اختراقاً كبيراً ويصبح عام الاتحاد المغاربي الخُماسي بامتياز. وهو استهل زيارته بالدعوة إلى تكريس خمس حريات في هذا الاتحاد وهي «حرية التنقل والاستقرار والاستثمار والتملك والمشاركة في الانتخابات البلدية». وبعدما أكد المرزوقي أن بلاده قررت المضي في هذا الاتجاه، أعرب عن أمله في اتخاذ قرار جماعي بهذا الصدد تُشارك فيه العواصم المغاربية كافة. ونُقل عنه القول إن محادثاته والعاهل المغربي الملك محمد السادس تتعرض إلى آفاق تفعيل البناء المغاربي وتطوير العلاقات الثنائية. وقال المرزوقي في حديث مع وكالة الأنباء المغربية الرسمية: «سنعمل هذه السنة على إعادة الانسجام بين أشقائنا الجزائريين والمغاربة والليبيين والموريتانيين بهدف إحياء حلم الاتحاد المغاربي الكبير المتعثر منذ سنوات». وأعربت تونس عن رغبتها باستضافة قمة الدول الخمس التي تشكل اتحاد المغرب العربي (المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا). وبعد المحطة الرسمية من زيارته، سيتوجه المرزوقي اليوم الخميس إلى مراكش لزيارة قبر والده المعارض الذي عاش في المنفى بالمغرب. بيد أن التطور البارز يكمن في دخول واشنطن على خط تفاعلات الأحداث في منطقة الشمال الأفريقي. فقد أجرى جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، محادثات مع رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران ووزير الخارجية سعد الدين العثماني شملت الأوضاع السياسية في المنطقة وملف قضية الصحراء عشية التئام الجولة التاسعة من المفاوضات غير الرسمية في مانهاست (نيويورك) وآفاق العلاقات الثنائية بين الرباطوواشنطن. وصرح العثماني بأن بناء اتحاد المغرب العربي يمثل أولوية بالنسبة إلى بلاده التي «قامت بخطوات كبيرة على درب تعزيز الاندماج المغاربي». وأضاف أن محادثاته مع فيلتمان عرضت لتنسيق المواقف داخل إطار مجلس الأمن الدولي، كما بحثت عدداً من القضايا المتعلقة بالشراكة الإستراتيجية. أما المسؤول الأميركي فصرّح في مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع المسؤولين المغاربة، بأن الولاياتالمتحدة تدعم بقوة الجهود المبذولة من أجل إضفاء دينامية جديدة على اتحاد المغرب العربي، بغية تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدان الأعضاء في هذا التجمع الإقليمي. وقال فيلتمان إنه أصبح من الضروري، في ضوء التحولات الجارية بالمنطقة، أن يجد الاندماج المغاربي طريقه إلى التجسيد سريعاً. وعبّر فيلتمان عن ارتياحه ل «موقع الريادة الذي تحتله المملكة على الساحة الدولية، لا سيما بعد انتخابها عضواً غير دائم بمجلس الأمن الدولي»، مشيراً إلى أن واشنطن «أيّدت بشكل قوي مشروع القرار الذي قدّمه المغرب إلى مجلس الأمن من أجل وضع حد لإراقة الدماء في سورية». على صعيد آخر وفي خطوة لافتة لتنفيذ مقتضيات دستور الأول من تموز (يوليو) الماضي، صدّق مجلس الوزراء برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس على مشروع قانون تنظيمي يشمل قوائم التعيينات في الوظائف السامية، وتحديداً المؤسسات والمقاولات والمكاتب العامة، وهي موزعة بين الصلاحيات الدستورية لملك البلاد واختصاصات رئيس الحكومة بمبادرة من الوزراء. وأقر المشروع الذي يعتبر الأول من نوعه منذ إقرار الدستور الجديد معايير تطاول تكافؤ الفرص واعتماد الشفافية وعدم التمييز إضافة إلى تكريس مبدأ المناصفة بين الرجل والمرأة في ولوج المناصب الملكية بصلاحيات التعيين في مؤسسات مصرفية وإعلامية في قطاعات حيوية منها وكالات تنمية المحافظات ومؤسسات التنمية. وتميّز أول مجلس وزاري يعقده العاهل المغربي بعد تعيين حكومة عبدالإله بن كيران بعرض التوجهات العامة لمشروع الموازنة المالية للعام الحالي الذي أقر إجراءات اجتماعية من قبيل صندوق الفئات الفقيرة ودعم برامج المساعدة الطبية وترفيع حجم مناصب العمل أمام الشباب حملة الشهادات الجامعية، كما شكّل الاجتماع مناسبة للإحاطة بأوضاع الزراعة التي تضررت في بعض المناطق جراء موجة البرد القارس. وبموازاة ذلك، عيّن العاهل المغربي رجل الأمن بوشعيب رميل مديراً عاماً للأمن الوطني خلفاً للشرقي الضريس الذي أصبح وزيراً منتدباً في الداخلية. وذكرت مصادر رسمية أن التعيين جاء باقتراح رئيس الحكومة بن كيران بعد مداولات في المجلس الوزاري. وعُرف أن أرميل عمل مسؤولاً عن الأمن في الدارالبيضاء، لكنه أُبعد على خلفية الهجمات الانتحارية في المدينة عام 2003 ثم عاد إلى الواجهة محافظاً في المدينة ذاتها بعد قضاء فترة كمستشار في إدارة الشرطة. إلى ذلك، كشف وزير العدل والحريات مصطفى الرميد أنه يعتزم زيارة مركز الاستخبارات المدنية للوقوف على ظروف التحقيق مع المتابعين في ملفات لها علاقة باختصاصات الجهاز. بيد أنه شدد القول في لقاء صحافي على أن أسماء كبيرة من بين المتورطين في ملفات الفساد ستتعرض لمتابعات قضائية على خلفية تقارير المجلس الأعلى للحسابات. ونُقل عنه القول إن العاهل المغربي الملك محمد السادس اتصل به وأبلغه أن ملفات قد تحال عليه من الديوان الملكي وعليه ألا يأخذ الجهة التي أحالتها في الاعتبار بل يجب أن يحرص على تنفيذ القانون.