تتزايد الضغوط على اليونان لإعادة جدولة ديونها وتخصيص مؤسسات عامة، بعدما عجزت عن تحقيق أهداف خفض عجز الموازنة في المدّة الزمنية المحددة. وتشكل الضغوط على اليونان سابقة بالنسبة إلى الدول الأوروبية الأخرى التي تواجه أزمة ديون سيادية، وستمكن الاتحاد الأوروبي من فرض الخيارات نفسها على الدول التي قد تواجه أخطار الإفلاس في المستقبل. وتشير تقديرات إلى حاجة أثينا إلى نحو 50 بليون يورو، قد تمكنها من «التقاط الأنفاس» على صعيد الموازنة، إذ أخفقت خطة لزيادة موارد وزارة الخزانة العام الماضي، على رغم جهود مضنية بذلتها الحكومة في مقابل حصولها على حزمة القروض الأوروبية في ربيع العام الماضي. وتبدو منطقة اليورو اليوم مهيأة أكثر لمواجهة الصعوبات الخانقة التي تعانيها اقتصادات ضواحي الاتحاد في كل من اليونان والبرتغال وإرلندا، مقارنة بأزمة الديون السيادية العام الماضي. ورصد الاتحاد صندوقاً مالياً يقدم ائتمانات المصرفية بأسعار ميسّرة للدول الأوروبية المهددة بالإفلاس، شرط الالتزام بتنفيذ خطة تقشّف صارمة. وستُعدل المعاهدة في القمة الأوروبية المقبلة في حزيران (يونيو) المقبل، لضمان استمرار نشاط الصندوق في شكل دائم بعد عام 2013، وتفادي تكرار الأزمات المصرفية والمديونيات، لكن المشكلة تكمن في محدودية الموارد المالية والضائقة التي تواجهها حكومات دول الاتحاد كلها، وإن في شكل متفاوت. وستكون قضايا الديون السيادية إحدى أهم المشاكل التي سيواجهها رئيس المصرف المركزي الأوروبي الجديد، الإيطالي ماريو دراغي، حين يتولّى مهامه في الخريف، خلفاً للفرنسي جان كلود تريشيه. وشدد رئيس منطقة اليورو رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونيكر على وجوب اتخاذ اليونان إجراءات إضافية لخفض العجز وفق تعهدات كانت قطعتها العام الماضي. وقال في مطلع الأسبوع في بروكسيل: «إذا اتخذت اليونان إجراءات إضافية وبادرت بتنفيذ إصلاحات هيكلية، فإنها قد تحقق الأهداف المحددة». وتطالب الدول الأوروبية اليونان بتوسيع قائمة المؤسسات العامة التي ستخصص، لتأمين موارد مالية إضافية تساعد على خفض العجز العام. ويثير عجز اليونان انتقادات شديدة، تعكس نقص ثقة الأوساط المالية في قدرة البلاد على تنفيذ أهداف خفض الموازنة لأسباب هيكلية، وأخرى تتعلق بالحجم الهائل للديون العامة التي بلغت 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تبلغ نسبة قياسية 166 في المئة بحلول عام 2012. وتثير مشاكل اليونان المالية وحاجتها إلى تمديد القروض معارضة في صفوف العديد من الشركاء، خصوصاً من ضمن ائتلاف المحافظين والليبيراليين في حكومة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، لكن الأخيرة لا ترغب في تكرار الجدل الذي أربك منطقة اليورو في العام الماضي. وشدد وزير المال الألماني وولفغانغ شويبليه على وجوب «إعادة جدولة ديون اليونان كلها»، بما فيها ديون المصارف التجارية وديون الصناديق الأوروبية. وحظي شويبليه بدعم نظرائه في كل من هولندا والنمسا. ويثير كلامه حفيظة المصرف المركزي الأوروبي ومعارضة فرنسا، التي تخشى على مصالح المصارف الفرنسية المتبوئة للمرتبة الأولى من ضمن دائني اليونان بين المصارف التجارية. وقالت وزيرة المال الفرنسية كريستين لاغارد إنها تعارض إعادة الجدولة «مهما كانت أشكالها». وسيبحث وزراء المال في دول منطقة اليورو في حلول وسط في شأن حاجات اليونان خلال اجتماعهم المقبل في لوكسمبورغ. ووافقت دول الاتحاد على خطة مالية لإنقاذ البرتغال ستحصل بمقتضاها لشبونة على قروض بقيمة 78 بليون يورو. وقال مفوض الشؤون المالية في الاتحاد أولي ريها إن «القروض ستُقدم بسعر فائدة يقل عن ستة في المئة». وكانت حكومة البرتغال طلبت القروض استناداً إلى خطة تقشّف غير مسبوقة، راجعها خبراء المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وأوضح بيان رسمي أن القروض ستُقدم إلى البرتغال على أساس برنامج زيادة الضريبة وخفض العجز في غضون سنتين وإعادة هيكلة القطاع الصحّي والقطاع الإداري، وتخصيص جزء من المؤسسات العامة وتشجيع قطاع الإسكان والصناعة ومراقبة القطاع المصرفي. وتُقسّم مبالغ القروض إلى ثلاثة أقساط متساوية (26 بليون يورو لكل منها)، تؤمّنها «الآلية الأوروبية للاستقرار المالي» وصندوق النقد.