اجتاح الجيش الإسرائيلي ليل الأربعاء- الخميس مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وقتل شاباً وهدم ثلاثة بيوت ورابعاً جزئياً، انتقاماً لمقتل مستوطن قرب مدينة نابلس الأسبوع الماضي، وذلك في عملية استعراضية كبيرة هدفت إلى توجيه رسالة «ردع» للفلسطينيين، وذكّرَتهم بالاجتياح المريع لمخيم جنين عام 2002، ورافقتها تغطية إعلامية إسرائيلية واسعة، وأعقبتها تصريحات تشفٍ وتهديد من مسؤولين إسرائيليين. وأعلنت السلطات الإسرائيلية أن العملية استهدفت خلية يقودها أحمد نصر جرار (26 سنة) قالت إنها نفذت الهجوم الذي أدى إلى مقتل المستوطن رازيل شيفاه. من جانبها، اعترفت حركة «حماس» للمرة الأولى بوقوفها وراء عملية استهداف المستوطن، وقال الناطق باسمها سامي أبو زهري إن «خلية جنين ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة». وقالت والدة أحمد ل «الحياة» إن الجيش الإسرائيلي اقتحم منزلها عند الساعة الحادية عشرة ليل الأربعاء- الخميس، بعد نحو نصف ساعة من مغادرة أحمد، وأخرج جميع أفراد العائلة، وهدم البيت المؤلف من طبقتين، ومنزليْن مجاوريْن يملكهما أعمام أحمد. وقالت: «رأيت أمام البيت جثة شاب، حاولت الاقتراب منها لمعرفة لمن هي، إلا أن الجنود منعوني بالقوة». كما هدمت الجرافات جزءاً من بيت رابع يعود إلى أقرباء العائلة. وغادرت قوات الاحتلال جنين صباح أمس، بعد ليلة طويلة من الاشتباكات والمواجهات، أعلنت في نهايتها مقتل الشاب أحمد إسماعيل جرار (31 سنة)، وهو ابن عم أحمد، واعتقال آخرين. وأحمد نصر جرار الذي لا يُعرف مصيره، وتستهدفه السلطات الإسرائيلية وتتهمه بالوقوف وراء الهجوم على المستوطن، هو ابن الشهيد نصر جرار الذي اغتالته قوات الاحتلال في مدينة طوباس القريبة من جنين عام 2002، بعدما فشلت في محاولة سابقة أسفرت عن بتر رجليْه وإحدى يديه. ونشر أحمد قبيل العملية في صفحته على «فايسبوك» بياناً جاء فيه: «أود أن أكون شهيداً، فلتعذريني يا أمي». وشبّهت والدته ما جرى فجر أمس بعمليات الهدم التي تعرّض لها مخيم جنين أثناء اجتياح عام 2002. وحظيت العملية الإسرائيلية في جنين بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي رافقتها منذ البداية وحتى النهاية. ونشرت تعليق زوجة المستوطن القتيل التي قالت إنها تعبر عن شكرها لقوات الجيش، مطالبة بالرد على عملية قتل زوجها بمزيد من البناء في المستوطنات. وأضافت: «ما يعزّيني هو الاستيطان، وبالتالي أدعو الحكومة إلى شرعنة بؤرة حفات غلعاد»، وهي البؤرة الاستيطانية غير المرخصة التي كان زوجها يعيش فيها مع عائلته الكبيرة المؤلفة من ستة أبناء. وأشاد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بالعملية، وقال إن «إسرائيل قتلت منفذ الهجوم على المستوطن الحاخام في نابلس»، متمنياً «الشفاء العاجل لعنصرَيْ وحدات اليمام (اللذين أصيبا أثناء العملية)، وسنواصل حربنا على الإرهاب الفلسطيني». كما أصدر الرئيس رؤوفين ريفلين بياناً عبّر فيه عن «الفخر» بالعملية التي قال إنها نُفذت على أيدي «خيرة أبنائنا». واعتبر وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان في بيان، إن إسرائيل «أوصلت رسالة واضحة إلى القتلة الملعونين... مفادها أن مقاتلينا سيصلون إليكم في كل مكان تختبئون فيه، ليحاسبوكم». وأصدر وزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس بياناً حيّا فيه الجنود المشاركين في العملية، وقال إن «إسرائيل ستدافع عن نفسها، وستحاكم كل من يحاول المس بمواطنيها». كما قال وزير التعليم، زعيم حزب «البيت اليهودي» المتطرف نفتالي بينيت، إن «إسرائيل غير قادرة على إحباط كل عملية في الضفة الغربية، إلا أن لديها القدرة على الوصول إلى المخربين». وعبّرت المعارضة عن مواقف مماثلة، إذ ثمّن قادتها العملية، بينهم زعيم حزب «العمل» آفي غباي ورئيسة حزب «الحركة» تسيبي ليفني التي قالت: «يجب ملاحقة المخربين في كل مكان دائماً، ومن دون تردد».