أوضح رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز أن إقامة معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» يهدف إلى إبراز البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، وتعزيز هذا البعد الجديد ليضاف إلى الأبعاد الدينية والسياسية والاقتصادية التي عرفت بها المملكة. وقال في المؤتمر الصحافي الذي عقد أول من أمس (الإثنين) في قاعة المؤتمرات بمتحف الأرميتاج في سانت بطرسبيرغ في روسيا قبيل افتتاح معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الذي يستضيفه المتحف بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار: «نحن سعداء أن نكون في هذه الدولة الصديقة والمدينة الجميلة، مدينة الحضارة والتاريخ، وفي هذا المتحف العالمي الذي نعتز بإقامة هذا المعرض المميز فيه»، وأكد أهمية التبادل الثقافي والتعريف بتاريخ وحضارات الأمم المتقاربة، وقال: نأتي لهذا المتحف العالمي للتعريف ببعد رابع ما زال غائباً عن العالم وهو البعد الحضاري، وإبراز ما تتميز به المملكة من تاريخ وحضارة وما شهدته من حضارات متعاقبة على مدى التاريخ حتى أصبح وجود المملكة اليوم مهماً في العلاقات الدولية والتواصل الإنساني». وأضاف الأمير سلطان بن سلمان: «نريد أن يرى العالم أن الدور الذي ميز المملكة في الوقت الحاضر من خلال حراكها الدولي على مستوى العالم وفي مختلف المجالات بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أنه حراك طبيعي وأنه امتداد لدور أصيل وليس مستحدثاً وينبع من عمق التاريخ». وأبرز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار جهود الهيئة وإنجازاتها في مجال الآثار، مفيداً أنه تعمل في المملكة 18 بعثة دولية في مجال التنقيب عن الآثار، تعمل جنباً إلى جنب مع الفرق المحلية، معرباً عن أمله في قيام بعثة روسية للتنقيب الأثري داخل المملكة قريباً. وأوضح أن المملكة متحف مفتوح وتزخر بآلاف المواقع الأثرية تحظى بالحماية والتأهيل منها «مدائن صالح» التي سُجلت في قائمة التراث العالمي باليونسكو، إضافة إلى المواقع الأثرية المرتبطة بالتاريخ الإسلامي التي تعمل الهيئة على تطويرها والمحافظة عليها بالتعاون مع الجهات المختصة، مفيداً أن الهيئة تقدم في المعرض قطعاً تعود لأكثر من مليون عام. وقال: «موقع المملكة غني بالآثار وتراث الحضارات وسنعلن قريباً بإذن الله مكتشفات أثرية مهمة على مستوى العالم، وأنه يتم الآن إعادة تقديم التراث الوطني للأجيال، ومن حق المواطن أن يملك تراثه الوطني ويتعايش معه، لذلك فإنه من المسارات المهمة التي نعمل عليها حالياً برنامج بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لترسيخ الوعي لدى النشء بالآثار والمتاحف، وأوقفنا بيع تذاكر المتاحف للطلبة، ومع إطلاق المتاحف الجديدة التي يتم إنشاؤها حالياً سننطلق مع الثقافة المتحفية الجديدة، ونحن نراهن خلال السنوات الخمس المقبلة أن نحقق نقلة جديدة في استيعاب المواطن لأهمية الآثار والمتاحف، مشيراً إلى أن المملكة ستشهد نقلات مهمة في مجال المتاحف، إذ يجري العمل على إنشاء 5 متاحف جديدة، إضافة إلى 6 متاحف جديدة تحت التصميم». وعن العروض التراثية المصاحبة للمعرض أبرز دور المعرض المهم في توثيق العلاقة الثقافية بين المملكة وروسيا، وأن التلاقي بين المملكة وروسيا هو امتداد لحضارات ممتدة عبر التاريخ، مؤكداً أهمية العروض الفنية التراثية المصاحبة للمعرض في جذب شريحة الشباب الروسي والتعرف على التراث السعودي بمختلف أشكاله، إضافة إلى الاطلاع على المعرض واكتشاف آثار المملكة وحضاراتها. وأكد الأمير سلطان بن سلمان أن التعامل الحضاري الواعي والنظرة المتزنة لخادم الحرمين الشريفين وما تتميز به المملكة من قيم إسلامية أصيلة جعلها دولة رائدة في مجال التنمية، ودولة مستقرة وسط براكين من التقلبات السياسية والأمنية، ودولة تعيش المستقبل، ونحن بلد منفتح على الآخر ونعيش حقبة تاريخية مميزة بقيادة ملك واعٍ ينظر إلى وزن المملكة المهم بما يدعم مكانتها السياسية والدينية، وحراكها الإنساني، والمملكة هي من قدَّم حوار الحضارات والأديان، وهي تنطلق من قيم هذا الدين الإسلامي العظيم الذي ترفض ربطه بأي أشكال للتعصب أو الإرهاب أو غيره فهو دين الحضارة والتواصل الإنساني ودين احترام الآخر، والإسلام امتداد للأديان السماوية التي سبقته، والحضارة الإسلامية قامت على الحضارات السابقة وطورتها ليستفيد العالم منها وتقوم الحضارة الحديثة عليها، ولذا فإن جانباً مهماً في هذا المعرض هو عن الحضارة الإسلامية في المجالات العلمية المختلفة من خلال عدد كبير من القطع التي تبرز إنجازات الحضارة الإسلامية في هذا المجال. وأشاد بالتنوع الحضاري الذي تتميز به المملكة، مؤكداً حرص متحف الأرميتاج على إقامة المعرض نظراً لأهمية الجزيرة العربية تاريخياً ودورها الرائد في تشكيل حضارات العالم، وهو ما يعكسه حجم وقيمة الآثار في هذه المنطقة. وعن التعاون المستقبلي بين متحف الأرميتاج والهيئة العامة للسياحة والآثار قال بيتروفسكي: إن المعرض هو بداية لتعاون قادم، إذ رحبنا بطلب الأمير سلطان بن سلمان إقامة معرض للآثار الإسلامية الموجودة في متحف الأرميتاج في المتحف الوطني بالرياض، ونتطلع إلى أن نوقع اتفاقية بعد أشهر عدة للقيام بالتنقيب الأثري في المملكة، إضافة إلى التعاون في الترجمة والتدريب وغيرها من برامج التعاون». وأضاف: «نحن نولي اهتماماً كبيراً بالآثار الإسلامية ليس في الدراسة فقط ولكن أيضاً في مجال الثقافة المتحفية، وسيقام مؤتمر نشارك فيه عن الإسلام في روسيا، وهذا المعرض السعودي هو بلا شك يعرف الزوار والرأي العام بأهمية الثقافة الإسلامية».