خرج الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن الصمت الذي التزمه بعد اعتقال شرطة نيويورك المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان بتهمة «محاولة ارتكاب اعتداء جنسي»، داعياً مسؤولي اليمين الحاكم الى «التعالي» وإظهار «الكرامة» في مواجهة هذه القضية التي شهدت رفض القضاء الأميركي اطلاق ستروس - كان بكفالة مالية، وإيداعه السجن في انتظار مثوله مجدداً امام المحكمة الجمعة. ونقل أحد المشاركين في الفطور الأسبوعي لمسؤولي الغالبية اليمينية الحاكمة في قصر الإليزيه عن ساركوزي قوله إن «الغالبية يجب ان تعمل ببرودة اعصاب وشجاعة ووحدة، وأيضاً بكرامة وتعال». وكشف المصدر ان الرئيس طالب وزراءه بعدم الإدلاء بتعليقات على قضية ستروس - كان الذي يواجه عقوبة السجن اكثر من 70 سنة في حال إدانته بالتهم الموجهة اليه استناداً الى شكوى قدمتها عاملة تنظيفات في مكان اقامته بفندق «سوفيتيل» في نيويورك. ونسب الى ساركوزي قوله: «يجب ان نقود البلاد ونظهر ان صلابتنا كالصخر». وكان ساركوزي بذل قصارى جهوده لتعيين ستروس - كان، احد الوجوه البارزة في المعارضة الاشتراكية، على رأس صندوق النقد، مراهناً على خبرته وكفاءته في المجال الاقتصادي لتحقيق إصلاحات على صعيد أداء سوق المال الدولي، ومساعدة دول منطقة اليورو وفي مقدمها اليونان والبرتغال على تجاوز مشاكلها الاقتصادية. وبدا ان دعوة ساركوزي الى عدم التعليق على القضية لم تلقَ آذاناً صاغية لدى كبار المسؤولين الفرنسيين، إذ أكد رئيس الوزراء فرانسوا فيون، بعدما التزم الصمت سابقاً ايضاً، انه إذا ثبتت التهم الموجهة الى ستروس - كان «فسنواجه تصرفاً خطراً جداً لا يحتمل أي عذر». لكن فيون استدرك خلال كلمته أمام نواب حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» الحاكم بالقول إن «ستروس - كان يحظى حتى الآن بقرينة البراءة، ولا يحق لأحد استغلال هذه القضية». كذلك، توقف رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) برنار اكوابيه أمام خطورة التهم المنسوبة الى ستروس - كان، داعياً الى احترام قرينة البراءة، وترك المجال أمام القضاء الأميركي لتنفيذ عمله. وتهدف دعوة ساركوزي مسؤولي غالبيته الى عدم التعليق على القضية الى عدم إظهار أي تحامل وابتهاج لما حل به يقطع عليه طريق السباق الرئاسي في انتخابات الربيع المقبل، علماً انه اعتبر خلال الشهور الماضية الأكثر قدرة على هزيمة الرئيس الحالي. كما تهدف الدعوة الى تجنب إثارة مشاعر فرنسيين كثيرين صدمتهم صور ستروس - كان في قاعة المحكمة، حيث بدا أعزل ومحبطاً. وفيما يحظر التقاط هذا النوع من الصور في فرنسا، أعلن محامو ستروس - كان انهم يدرسون مقاضاة وسائل الإعلام بسبب الصور «المذلة» لموكلهم، مستندين الى تعارضها مع القانون الفرنسي، وإلحاقها ضرراً كبيراً بكرامته وبقرينة البراءة التي يملكها». في غضون ذلك، يسعى الحزب الاشتراكي الفرنسي الى لملمة صفوفه وامتصاص الصدمة العميقة التي أصابت المرشح الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب للرئاسة في الانتخابات الأولية المقررة في 13 تموز (يونيو) المقبل. وصرحت الأمينة العامة للحزب مارتين أوبري بعد اجتماع طارئ لأعضاء المكتب الوطني الحزبي، بأن «الظرف الحالي يحتم العمل على تعزيز الوحدة والمسؤولية». وزادت: لا يلغي ذلك الشعور بالتأثر، لكننا أمام مسؤولية يجب ان نرقى الى مستواها»، مؤكدة ان الاشتراكيين سيتواجدون بقوة في انتخابات العام 2012 «لاستعادة فرنسا التي نحبها مجدداً». وكانت أوبري رفضت في تصريح سابق الحديث عن احتمال خوضها الانتخابات الأولية لحزبها، واكتفت بالقول ان هذه الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد، و»لا داعي للتغيير على رغم ثقل الاختبار الجماعي الذي نواجهه». ويرجح أن يشهد الحزب الاشتراكي فترة من التشرذم الداخلي، حتى التوافق على مرشح للرئاسة في غياب ستروس - كان الذي نجح في استقطاب تأييد قادة كثيرين في الحزب.