فرقت السلطات السودانية بالقوة أمس، تظاهرة للمعارضة في أم درمان، ثانية كبريات مدن العاصمة الخرطوم، شارك فيها مئات. واستخدمت الشرطة قنابل غاز مسيل للدموع وهراوات لتفريق متظاهرين احتجوا على غلاء الأسعار. وإثر توقيف عشرات، أعلنت المعارضة توحيد تياراتها وتنظيماتها المختلفة ضد نظام الرئيس عمر البشير. ودعت فصائل المعارضة، وأبرزها حزب «الأمة» بزعامة الصادق المهدي، إلى تجمع في ساحة وسط أم درمان أمس، لكن السلطات استبقت المعارضة وأغرقت الساحة بالمياه قبل أن تطوقها أعداد كبيرة من الشرطة وعناصر الأمن، وتمنع المتظاهرين من الوصول إليها. كما اعترضت السلطات موكب المهدي ونصحته بعدم الذهاب إلى مكان التجمع. ووقعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين، غالبيتهم من الشباب الذين رددوا هتافات مناهضة للحكومة، قبل أن تستخدم الشرطة الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريقهم وتعتقل عشرات، من بينهم إبراهيم الأمين ومحمد عبدالله الدومة مساعدي الصادق المهدي، وأولاده صديق ورندا وزينب وحفيده محمد الواثق البرير. وأُجبر المتظاهرون على التفرق في أحياء الشهداء والملازمين وبيت المال المجاورة للساحة حيث أعادوا تنظيم صفوفهم في مجموعات صغيرة، لكن الشرطة طاردتهم وأوفقت بعضهم مستخدمة الهراوات والعصي الكهربائية. واعتقل جهاز الأمن زعيم الحزب الشيوعي محمد الخطيب، في تطور ربطه مراقبون بنجاح الحزب المعارض في تنظيم مسيرة سلمية في العاصمة أول من أمس، ما أثار مخاوف من مزيد من النشاطات. كما اعتُقل إلى جانب الخطيب أعضاء اللجنة المركزية للحزب: صديق يوسف وكمال كرار وصدقي كبلو، وذلك غداة اعتقال 55 من متظاهري الحزب، بينهم يوسف حسين وصديق يوسف. وأفرجت السلطات بكفالة عن رئيس حزب الوسط الإسلامي يوسف الكودة، وعشرات الطلاب والناشطين السياسيين والمدنيين، غداة اعتقالهم بسبب الدعوة إلى التظاهر. ودان 16 حزباً ومنظمة تعامل الأجهزة مع التظاهرات السلمية احتجاجاً على الغلاء. ووزعت الأحزاب المعارضة بياناً مشتركاً خلال مؤتمر صحافي أمس، أوردت فيه أن الحكومة ما زالت تغلّب الأدوات الأمنية والوسائل القمعية والقوة المفرطة على تفعيل دور المجتمع والمكونات السياسية في حل الأزمات. وأشار البيان إلى أن البلاد تعيش في غلاء طاحن وارتفاع فاحش في الأسعار فشلت الدولة في السيطرة عليه. وأكدت الأحزاب أن «المدخل السليم للحل يتطلب حماية الدولة حق مواطنيها في التعبير من دون حجر كحق دستوري لكل مواطن»، مطالبة الحكومة بالكف عن مطاردة المتظاهرين وقمع الحريات والالتفات بدلاً من ذلك إلى واجبها في تأمين لقمة عيش المواطن، وتبني سياسة اقتصادية تحقق الاستقرار الاقتصادي والازدهار»، كما أكدت الأحزاب التمسك بحقها مع سائر القوى السياسية، في مناهضة الموازنة «الكارثية» التي أجازتها الأجهزة الاشتراعية نهاية الشهر الماضي. ولوحظ أن من بين الأحزاب الموقعة على البيان «حركة الإصلاح الآن» بزعامة غازي صلاح الدين العتباني، و «منبر السلام العادل» برئاسة الطيب مصطفى، المشاركين في حكومة الوفاق الوطني. وهدد نائب رئيس «حزب الإصلاح» حسن عثمان رزق بإعادة النظر في المشاركة في الحكومة، «إذا لم تتراجع عن الهدر وقمع حرية الرأي».