في الوقت الذي دخلت فيه العملة المثيرة للجدل على المستوى العالمي، التي يطلق عليها «بيتكوين»، دول الخليج، حذرت أوساط خليجية من هذه العملة، وخصوصاً أنها ليست من ضمن العملات المعترف بها، كما لا يستطيع أحد من منع مواطني الخليج من التعامل بها خارج دولهم، وخصوصاً أن التقنية الرقمية أسهمت في انتشار تداولها، وهناك الكثير من العملات الرقمية الأخرى، التي يتم تداولها، و«بيتكوين» تتصدر المشهد. وحذر المحلل والكاتب الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري في حديثه ل«الحياة» من الانجراف نحو عملة «بيتكوين» الرقمية، والتداول بها في ظل عدم وجود رقابة، واعتراف بها من البنوك المركزية في دول العالم، إضافة إلى كونها عرضة للتذبذب، ولا يمكن اعتبارها وسيلة دفع صالحة. وقال: «قوة وارتفاع المضاربة يجعل عملة (بيتكوين) جذابة، ما قد تؤدي إلى إشكالات سوقية هائلة»، مشيراً إلى أن «بيتكوين» انطلقت في عام 2009 كعملة إلكترونية دولية يتم تداولها عبر الإنترنت فقط، وقدَّم لها شخص، سمَّى نفسه ساتوشي ناكاموتو، ورقة بحثية في الإنترنت، يقترح فيها فكرة «العملة الافتراضية» وفي السنة التالية 2009 تم طرح «بيتكوين» (Bitcoin) للتداول للمرة الأولى، وهي العملة الرقمية الأولى في العالم حالياً ضمن أكثر من 700 عملة من النوع ذاته، ولا تعتمد على بنك مركزي ولا وُسطاء، ولا تُطبع أو يتم تداولها باليد، في الوقت ذاته فإن العملات الورقية تعتمد على غطاء من مخزون استراتيجي من الذهب أو العملات الأجنبية. وأضاف: «اليوم يمكن تحويل (بيتكوين) إلى العملات التقليدية، وهناك محال تجارية محدودة حول العالم بدأت عمليات البيع المباشر ب(البيتكوين) وهي أشبه ما تكون بالحساب البنكي الشخصي، وتستخدم في شراء المنتجات، وتستخدم أيضاً في عمليات الصرف والتداول بين المستخدمين لها فقط، واستبدالها بعملات حقيقية، وهناك العديد من العملات الإلكترونية، التي انتشرت أخيراً، بطريقة (بيتكوين) نفسها، إذ يعتقد كبار المحللين أن (بيتكوين) حالياً أغلى من الذهب». وتابع: «مؤسسة النقد السعودي أطلقت حزمة من التحذيرات لتوضيح مخاطرها وتواصل توعية المجتمع بشكل مستمر، كما أن التحذيرات الدولية مستمرة وفق وسائل الإعلام المختلفة»، داعياً كل وسائل الإعلام إلى بث توعية عن مخاطر التداول ب«البيتكوين». وبخصوص تعدين «البيتكوين»، قال: «تعدين (بيتكوين) ببساطة مصطلح خاطئ، إذ إنه لا يعني التعدين الفيزيائي الملموس كالعملات الحقيقية، ولكنه يُطلق مجازاً على العملية التي تتم أثناء التداول بحزمة معقدة من التشفير الرقمي، ومن يقوم بالإشراف والتنفيذ هم أشخاص يسمون مجازاً المُعدَنون وهم مثل صيارفة البنوك تقريباً». وتابع: «(البيتكوين) قابلة للانفجار في أي وقت، وعلى رغم دقة التشفير ومتابعة وحدات التداول لها ومعالجتها منذ تأسيسها في بيانات المدخلات والمخرجات الخاصة بالمعدنين إلا أنها تبقى عملة ذات مخاطر عالية لعدم وجود جهة منظمة تتولى إدارتها وحماية متداوليها من الاختراق والقرصنة الإلكترونية بطرق الاحتيال المتعددة». وعن العوامل التي ستؤدي إلى انفجار «البيتكوين»، قال الجبيري: «هناك عدد من العوامل يأتي في مقدمها التضخم الكبير في سعر العملة لمرحلة يصعب فيها إجراء أي تداول، ومرونة الطلب السعرية على (بيتكوين) تصل إلى مرحلة اقتصادية تسمى طلب غير مرن، أي أن درجة الاستجابة للتغير صفر». وبين أن العوامل تشمل الاختراق الإلكتروني للبيانات المشفرة، وسرقة أرصدتها، وعدم تدخل المنظمات الحكومية والجهات الرقابية والمختصة لضبط هذا الانفلات السعري كما يحدث في العملات التقليدية، والتضخم الكبير جداً في التعاملات الخاصة بغسل الأموال ل(البيتكوين) واستحواذ تام في شكل صراع تقني داخلي، حتى أن المضاربين العاديين تُفرض عليهم قيود صعبة للتداولات، فيخسرون أرصدتهم، علاوة على التلاعب بسعر العملة ضمن مجموعات تداول تعمل باتفاق وتنسيق مُسبق على رفع السعر من طريق بث الإشاعات ورفع الطلب بالشراء الوهمي، والتلاعب بتحويل الأرصدة في ما بينهم حتى يصل إلى مرحلة عالية يقومون بعدها ببيع أرصدتهم ليحققوا أرباحاً ومن ثم الخروج من التداول وتركه يهبط إلى مستويات متدنية أمام المتداولين الآخرين». وشدد الجبيري على أهمية أن تقوم البنوك التجارية بحملات إعلامية وورش عمل وبرامج توعية حماية لعملائها وتوعيتهم من مثل هذه المخاطر الاقتصادية وتبعاتها.