فيينا، نيويورك، واشنطن، بكين - «الحياة»، أ ف ب - رويترز - جددت الولاياتالمتحدة اتهامها القادة السوريين ب «الوحشية» ضد المتظاهرين السلميين وذلك في ثاني إدانة من الخارجية الأميركية لدمشق خلال يومين. لكن هذه الإدانات العلنية لم تصل بعد إلى حد إعلان الإدارة الأميركية فقدان الرئيس السوري بشار الأسد الشرعية ومطالبته بالرحيل بحسب ما قال مسؤول أميركي رفيع لوكالة «فرانس برس»، موضحاً: «لم نصل الى هذه المرحلة بعد. إنه قرار خطير». ولكن وبينما تتريث إدارة الرئيس باراك أوباما في خطواتها إزاء دمشق، خطا الكونغرس خطوة للضغط على البيت الأبيض وذلك بإصدار أعضاء في مجلس الشيوخ ليل أول من أمس نص مشروع قرار يدين الرئيس السوري ويدين إيران لمساعدتها سورية «في حملة العنف والقمع». ويأتي ذلك فيما أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أمس أنها لا تستبعد توسيع نطاق العقوبات على سورية لتشمل الرئيس السوري. وقالت أشتون في مقابلة مع الإذاعة النمسوية الرسمية إن «الرئيس الأسد ليس على اللائحة، لكن ذلك لا يعني أن وزراء الخارجية لن يعودوا لبحث هذا الموضوع». ورفضت أشتون الفكرة القائلة إن العقوبات «ضعيفة جداً»، مؤكدة في الوقت نفسه إنه لم يكن من السهل إقناع كل وزراء الخارجية ال27 للاتحاد بالذهاب أبعد من ذلك. وقالت: «هناك وجهات نظر مختلفة، وهذا الأمر ليس مفاجئاً». وفي واشنطن جددت الولاياتالمتحدة ليل أول من أمس اتهامها القادة السوريين ب «الوحشية». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية مارك تونر إن الزعماء السوريين «يواصلون تصعيد العنف ضد متظاهرين مسالمين». وأوضح أن «هذه الإجراءات القمعية، أي مواصلة حملة الاعتقالات العشوائية ورفض معالجة الجرحى وشروط الاعتقال غير الإنسانية هي إجراءات وحشية تتعلق بعقاب جماعي لمدنيين أبرياء». وكرر أن «النافذة تضيق على النظام السوري» الذي يتوجب عليه التخلي عن القمع «والتجاوب مع التطلعات المشروعة لشعبه». وأوضح تونر: «نحن لا نستخدم تعبير وحشي غالباً»، وذلك في إشارة إلى أن واشنطن تجد نفسها مضطرة للتصعيد إزاء دمشق في ضوء مواصلة النظام قمعه للمحتجين. وتريد الولاياتالمتحدة أن تزيد من حدة لهجتها إزاء سورية لكنها ليست مستعدة حتى الآن للمطالبة بتغيير النظام إدراكاً منها لخطورة مثل هذا التصريح. وعلى رغم أن أعضاء نافذون في الكونغرس اقترحوا قراراً ينص على أن الأسد فقد شرعيته، إلا أن موقف إدارة أوباما بعيد عن هؤلاء النواب. وقال مسؤول رفيع المستوى لوكالة «فرانس برس» إنه يتم التحضير «لفرض عقوبات إضافية»، وذلك بعد ثمانية أسابيع على بدء التظاهرات. وأوضح المصدر: «إننا نتوخى الحذر ونتجنب كل التعقيدات الممكنة. الوضع يتدهور ميدانياً ومن المهم أن نبدأ في التعبير عن آرائنا بوضوح». وفي ما يتعلق بالمطالبة برحيل الأسد، قال الديبلوماسي: «لم نصل الى هذه المرحلة بعد. إنه قرار خطير والأمر لا يقوم فقط على التفوه بالكلمات بل تحمل عواقبها». وتابع: «لأننا لا نريد أن نكون الوحيدين الذين يدلون بتصريحات مماثلة»، وذلك في إشارة منه الى رغبة واشنطن في أن يندرج موقفها في النظام السوري ضمن «الأسرة الدولية» وليس في شكل منفرد. واعتبرت المحللة منى يعقوبيان على موقع «مجلس العلاقات الخارجية» أن الإدارة الأميركية «تتفهم تعقيدات» الوضع في سورية. وتتمتع سورية الحليفة المقربة لإيران بنفوذ في لبنان من خلال دعمها لحزب الله. كما إنها تلعب دوراً أساسياً في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وتستبعد يعقوبيان حصول السيناريو نفسه في سورية كما في ليبيا حيث دعت واشنطن الى رحيل النظام قبل شن ضربات عسكرية. واعتبرت آن ماري سلوتر التي شغلت حتى مطلع العام منصب مستشارة مقربة من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن «لسنا في وضع يخولنا اللجوء الى القوة». وقالت أمام «مجلس العلاقات الخارجية» إن «الوضع في سورية مؤسف لأنه يبدو أن الحكومة ستظل تفلت من العقاب لممارستها الوحشية نفسها كما قبل عشرين عاماً». وكان أعضاء في مجلس الشيوخ قدموا ليل أول من أمس نص قرار يدين الرئيس السوري، واصفين إياه خصوصاً بأنه «مارق» فقد برأيهم شرعيته عندما مارس أعمال عنف ضد شعبه. وقال السناتور المستقل جو ليبرمان أبرز معدي نص القرار، في مؤتمر صحافي حول القرار إن «الأسد ليس إصلاحياً. برأيي، إنه مارق وزعيم شمولي». وفي نص القرار، يوضح الأعضاء في مجلس الشيوخ أن الأسد مسؤول عن انتهاكات حقوق الإنسان ويؤكدون أنه «فقد شرعيته». ويضيف النص: «إن القرار يدعم الشعب السوري» ويدعوه الى «تحديد مستقبله بنفسه». وأكد السناتور الجمهوري ماركو روبيو من جهته إنه «يتعين على (الأسد) أن يستقيل منذ الآن. وإذا رفض، آمل شخصياً أن يطيح به الوطنيون والجيش». والقرار الذي يحظى بدعم أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، يطلب أيضاً فرض عقوبات أكثر قوة على النظام السوري وخصوصا عقوبات تستهدف الأسد نفسه. كما يحض النص أوباما على التعبير عن رأيه «مباشرة وشخصياً» في شأن الوضع في سورية. وقال ليبرمان: «إن إعلاناً من الرئيس سيحمل معاني كثيرة بالنسبة الى السوريين». كذلك يدين نص القرار أيضاً إيران لمساعدتها سورية «في حملة العنف والقمع ضد السوريين». ورحبت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس بقرار ترشح الكويت بدلاً من سورية الى عضوية مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة. واعتبرت رايس أن انسحاب سورية من الترشح هو «إدراك جيد من مجموعة الدول الآسيوية» في الأممالمتحدة التي قررت «أن لا تعطي الدعم الى دولة سجلها في حقوق الإنسان يبعث على الأسى». وقالت بعد جلسة لمجلس الأمن الدولي إن سورية «دولة تواصل قتل شعبها في الشوارع وتعتقل الآلاف وترهب الشعب الساعي الى التعبير عن نفسه بوسائل سلمية». وأضافت رايس أن الولاياتالمتحدة بعد العقوبات التي أقرتها على سورية أخيراً ستواصل التشاور مع باقي أعضاء مجلس الأمن حول «الخطوات المناسبة التي يمكن اتخاذها». وشددت على ضرورة «ألا تكون الإدانة الدولية لتصرف الحكومة السورية ملتبسة وأن على مجلس الأمن أن يؤكد ذلك». وقالت إن الولاياتالمتحدة ستواصل إدانتها الواضحة والقوية لما يحصل في سورية واليمن وسواهما. لكن في موازاة الضغوط الغربية المتزايدة على دمشق، كررت الصين أمس موقفها الذي يشدد على أن العالم الخارجي يجب ألا يتدخل في الشؤون الداخلية لسورية، بل يساهم «بدور بناء» في مساعدة دمشق على العودة الى السلام والاستقرار. وقالت جيانغ يو المتحدثة باسم الخارجية الصينية في مؤتمر «سورية دولة مهمة في الشرق الأوسط. نأمل أن تستطيع أن تظل مستقرة وأن يتمكن كل الأطراف من حل كل الخلافات من خلال الحوار السياسي وتجنب إراقة الدماء». وأضافت: «نعتقد أيضاً أن العالم الخارجي يجب ألا يتدخل في الشؤون الداخلية لسورية لتفادي إضافة عوامل معقدة. نأمل أن يلعب المجتمع الدولي دوراً بناء في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط».