تراجعت الحركة السياسية في لبنان بسبب عطلة الأعياد لدى الطائفة الأرمنية الأرثوذكسية. لكن موضوع الخلاف بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري على خلفية مرسوم ترقية ضباط بقي حاضراً في المواقف التي سجلت أمس، وكذلك العلاقة بين «القوات اللبنانية» و «تيار المستقبل». واعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني «أن منسوب المحاصصة مرتفع نسبياً أكثر من الشراكة»، مشدداً على وجوب «أن تكون الأولوية قبل الدخول كلياً في المناخ الانتخابي، تأمين الاستقرار الاقتصادي والأمني». وعن الأزمة بين عون وبري، رأى حاصباني في حديث الى إذاعة «الشرق» أن المشكلة «ليست أزمة مرسوم بل نتيجة عدم تنفيذ اتفاق الطائف كاملاً لذا نرى السجالات والتساؤلات في شأن بعض من بنوده في كل مرحلة». وقال: «في هذا العام مررنا بثلاث محطات عدنا خلالها الى النقاش بالدستور. الموضوع انسحب من إطار تقني إجرائي الى نقاش دستوري ميثاقي، لذا المطلوب الحفاظ على احترام الرأي الآخر والحفاظ على الاستقرار السياسي السائد». وشدد على «أن الاستقرار لا يتعارض مع الاختلاف بالرأي»، قائلاً: «للأسف، خلافات كثيرة تبدأ تقنياً وتنتهي سياسياً، ولكن الخطير في الأمر الرسائل الموجهة الى الدول الخارجية والمستثمرين الأجانب عبر تكرار هذا المشهد. فهناك صورة محددة للبنان يجب إعطاؤها قولاً وفعلاً وفكراً، وهي أننا نسعى الى بناء بلد في شكل جدي والمهم ألا يكون لبنان منصة لتوجيه رسائل وإضرابات ومنبراً لعناصر غير لبنانية تطلق مواقف لا تنسجم مع موقف الدولة اللبنانية، أساس الاستقرار في لبنان هو بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية بقواها الشرعية». وقال حاصباني إن «القوات اللبنانية» تعمل «لتحقيق الشراكة الحقيقية بين كل الأطراف والتي يجب أن تبنى على رؤية استراتيجية وتخطيط وأوراق عمل لرسم السياسات العامة، فلسنا أمام أزمة نظام بل أمام نتائج التزعزع في روح الشراكة ويجب ألا يتأثر العمل التنفيذي بالاختلاف السياسي، الشراكة هي المطلوبة لا المحاصصة»، محذراً من «أن ملف النفايات وصل الى ذروته بيئياً وصحياً، فإذا لم نعمل بشراكة حقيقية وتعاون لن نستطيع حل هذا الملف». وقال: «على رغم التعكير الذي شاب العلاقة السياسية بين «القوات» و «تيار المستقبل»، إلا أن «القوات» أصر على استمرار العمل بجدية وإنتاجية في الحكومة. المبادئ والأسس التي جمعت اللبنانيين وأتت بالتوافق الوزاري يجب ألا تفرقها حسابات انتخابية أو مصالح آنية، وبالنسبة الينا النظرة السيادية الاستراتيجية هي الأساس ويجب الالتزام بالمبادئ والثوابت». ورأى «أن رئيس حزب القوات سمير جعجع والرئيس سعد الحريري يتمتعان بالكثير من الوعي والحكمة في ظل هذه المرحلة الصعبة. ومن المؤكد عند اجتماع الرجلين، الكلمة الأولى التي ستصدر من الطرفين هي اشتقنا. لم يقل الدكتور جعجع أو القوات أي كلمة تتعارض مع مواقف الرئيس الحريري خلال الاستقالة، وهناك ما يكفي من الوعي والرشد لدى القوات والمستقبل من أجل تفهم من يحاول التفرقة بين الطرفين». وشدد على «ضرورة تحييد لبنان عن الأزمات الخارجية وعدم تعريضه للخطر». مضيفاً: «هناك بعض العناصر الخارجية التي تأتي الى لبنان وتلتقط الصور في بعض المناطق الجنوبية ودخولها وخروجها مستباح وجلب الصراعات الخارجية الى الساحة اللبنانية أمر مرفوض». ولفت إلى أن «الشراكة كانت أساس التفاهم مع «التيار الوطني الحر» وليس المحاصصة». وتحدث وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي عن «ندوب في العلاقة بين «القوات اللبنانية» و «تيار المستقبل» لكنّ هناك تفاهماً بينهما على لبنان أولاً ومشروع السيادة واحترام التعدّدية في لبنان واحترام الديموقراطية فيه والاحتكام إلى الدولة وحصرية السلاح». وقال في حديث الى محطة «أم تي في»: «هناك تفاهم عميق وقوي وشيء صلب نستند اليه». وتابع: «مرّت فترة، قسم قال، ونحن من هذا الرأي، إن أسباب استقالة الرئيس الحريري تناسب «القوات»، فنحن لا نقبل بازدواجية السلاح والتدخلات الخارجية». وقال: «لن أعلّق على ما قيل من مصادر رسمية أن «القوات» كانت لأيام وأسابيع تضغط باتجاه العودة السريعة للرئيس الحريري، كي لا أحد يفكر أننا نحاول شراء شيك معيّن أو أننا «نربّح جميلة» والأيام ستوضح الموضوع». وأكد أن «العلاقة بين «القوات» و «المستقبل» استراتيجية والقيم التي تجمعنا هي قيم تبني الوطن». وعما يعيق اللقاء بين جعجع والحريري، قال: «برأيي الشخصي، هناك جانب سياسي له أهمية وهناك جانب آخر، وسيزعل مني الاثنان، يتمثّل في نوع من ال Ego لدى الطرفين، لنقلْها كما هي، وخصوصاً لدى جعجع لكن بالتأكيد إن السياسة ومصلحة البلد أهم بالنسبة اليه من ذلك». وعما إذا كانت المشكلة الآن من يتنازل لمن، قال بو عاصي: «لا، لإعادة العمل على الثوابت، وهما يقرران متى يلتقيان وفي أي إطار لكن لا أحد يأتي إلينا من فوق، لا أتكلّم عن الرئيس الحريري لكن أتكلّم بالمطلق، نحن نضحي كثيراً، نُسجن، نقف إلى جانب حلفائنا عندما يكونون محاصرين في بيوتهم ونخاطر بحياتنا من أجلهم، لكن لا يمشي الحال بالتعامل معنا باستهتار». وعن تلبية «التيار الوطني الحر» ل «تيار المستقبل» في الكثير من المواضيع أكثر من تلبية «القوات» ل «المستقبل»، قال: «هذا خيار الطرفين، لا أتدخّل فيه، الله يديم الوفق، إذا اختارا أن يكونا معاً صحتين، وإذا اختار جزء منهم أن يكون معنا، سنعمل على الثوابت، هذه خيارات سياسية، وما يهمنا الثوابت ولا نفرض أنفسنا على أحد ولا نستجدي العلاقة مع أحد». واعتبر الوزير السابق عبد الرحيم مراد في حديث الى إذاعة «صوت لبنان» أن الصراع على مرسوم ترقية الضباط هو «صراع سياسي»، مستبعداً «أن يؤثر هذا الصراع في العلاقة بين رئيس الجمهورية و «حزب الله» لأن هناك حاجة مشتركة الى التحالف». وقال: «صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الطائف أصبحت محدودة وهذا ما دعيت الى تعديله أكثر من مرة». وأمل مراد ب «عدم تأجيل الانتخابات النيابية لأي سبب كان لأن التأجيل أكبر جريمة ترتكب بحق البلد». وشدد مراد على «ضرورة الإبقاء على العلاقات الجيدة مع الدول العربية من بينها سورية ولا سيما للحفاظ على التبادل الزراعي بين البلدين».