كانت المصادمات بين مسلمين وأقباط التي أوقعت 12 قتيلاً ونحو 240 مصاباً في حي إمبابة الشعبي جنوبالقاهرة، إيذاناً بأن العنف الطائفي في مصر بدأ يأخذ منحى خطيراً، إذ لم تقف المواجهات عند حد اشتباكات تكررت خلال السنوات الماضية، بل وصلت حد إحراق كنيسة وبعض ممتلكات أقباط، في مشهد أعاد إلى الأذهان ما كانت عليه الحال في التسعينات حين استهدفت الجماعات الإسلامية المسلحة الأقباط. وارتفعت حدة الانتقادات الموجهة إلى الشرطة والسلفيين بعد أحداث إمبابة. وامتلأت الصحف بالكتابات التي طرحت تساؤلات عن أسباب غياب الأمن لساعات عدة وتركه الأمور تتصاعد إلى هذا الحد من دون تدخل، كما حمل كتاب على السلفيين كثيراً باعتبارهم أداة من أدوات «الثورة المضادة» لإصراراهم على طرح قضايا طائفية على الساحة. وعلى رغم أن مجلس الوزراء منح الشرطة دعماً معنوياً بتأييده «حقها في الدفاع المشروع عن النفس واستخدام السلاح في ضبط الشارع»، فإن أحداث إمبابة أبرزت تحدياً أمام إمكان اللجوء إلى هذا الخيار من أجل السيطرة على الأمور، إذ ظلت الأحداث تتصاعد على مدى نحو 5 ساعات السبت الماضي من دون أن تستطيع الشرطة السيطرة عليها، فضلاً عن أن المسافة بين كنيستي مار مينا التي شهدت التجمع الأول وكنيسة العذراء التي أحرقت لاحقاً، قطعها المحتجون في نحو ساعة كاملة من دون أن تعترضهم الشرطة. واعتبر «ائتلاف شباب الثورة» أحداث إمبابة دليلاً على «الكارثة الأمنية» التي تعانيها مصر. وانتقد في بيان القيادة التنفيذية والسياسية لأنها «لم تتخذ موقفاً حازماً من غياب الأمن». لكن مصدراً أمنياً دافع عن اداء الشرطة في احداث امبابة وقال ل «الحياة» إن «أوضاع الشرطة بعد الثورة ليست كما كانت عليه قبلها، خصوصاً في ظل فقد جزء لا يستهان به من تجهيزاتها، إضافة إلى حساسية وضعها في الشارع، ما يصعب الدخول في معركة مسلحة مع أهالي غاضبين في هذه الأجواء». غير أن نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور نبيل عبدالفتاح يرى أن الغياب الأمني في المناطق العشوائية مثل حي إمبابة ليس أمراً طارئاً ولكنه موجود منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وقال ل «الحياة» إن «الأمن فوّض البلطجية ليحلوا محله في ضبط الأمن في هذه المناطق». وأضاف أن «ظهور هذه العصب الإجرامية ليس جديداً لأنها كانت جزءاً من المنظومة الأمنية في العهد السابق». واعتبر أن «البلطجية حلوا محل الأمن والسلفيين حلوا محل الجماعة الإسلامية التي حكمت منطقة إمبابة بالسلاح، وشارك الطرفان في العنف الذي تفجر أخيراً، فالتحق البلطجية بالسلفيين لكسب ود المسلمين على اعتبار أنهم يدافعون عن الدين». لكن القيادي السلفي الدكتور ياسر البرهامي دافع عن تياره، رافضاً لومهم على «المطالبة بإطلاق المسلمات الأسيرات في الأديرة»، في إشارة إلى قبطيات أشيع انهن اعتنقن الإسلام. وقال: «السؤال هو من أثار هذه المشاكل... إنه الاعتداء على سلطة الدولة وتكرار تسليم المسلمات إلى الكنيسة». وأضاف أن «أحداث إمبابة لم يقف وراءها سلفيون بل كل الجماهير كانت حاضرة فيها ومن ضمنهم ملتحون وليس كل الملتحين سلفيين». واستنكرت جماعة «الدعوة السلفية» في بيان أحداث إمبابة. وحذرت من «دفع البلاد إلى هاوية الفتنة»، مؤكدة «أهمية التعايش السلمي بين المسلمين والأقباط الشركاء في الوطن»، كما استنكرت «موقف الإعلام المغرض الذي يزج باسم السلفيين في مشاكل ليست مِن صنعهم». وحذرت من «الاستقواء بالخارج». وطالبت ب «تفتيش المساجد والكنائس والمؤسسات للبحث عن الأسلحة ومصادرتها لمنع ارتكاب الجرائم الدموية». وحذرت «من أي تصرف من دون الرجوع لأهل العلم».