دان القضاء المصري أمس وزير السياحة السابق زهير جرانة ب «الفساد» وعاقبه بالسجن 5 سنوات، فيما مدد الادعاء العام حبس الرئيس المخلوع حسني مبارك على ذمة التحقيقات التي تجرى معه في الاتهامات بقتل المتظاهرين والفساد. جاء ذلك في وقت أحال رئيس الحكومة الانتقالية عصام شرف موقوفين على خلفية إشعال أحداث العنف الطائفي الذي شهده حي إمبابة الشعبي في جنوبالقاهرة السبت الماضي، على محكمة أمن الدولة العليا، فيما استمرت تحقيقات النيابة العسكرية مع 190 معتقلاً آخرين على خلفية الأحداث التي خلفت 12 قتيلاً و240 جريحاً، تمهيداً لإحالتهم على القضاء العسكري. وأطلت الفتاة عبير فخري التي أشعلت إشاعة خطفها الاشتباكات في امبابة، في أكثر من ظهور إعلامي. وأكدت في مقطع مصور نشر أمس على موقع «يوتيوب» اعتناقها الإسلام نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، وطالبت المجلس العسكري والحكومة بحمايتها. وأشارت إلى أنها كانت موجودة «في أحد المباني التابعة لكنيسة مار مينا في إمبابة قبل وقوع الأحداث»، قبل أن تتمكن من «الفرار خلال الاشتباكات إلى مكان آمن» لم تكشف عنه. وقالت: «سافرت مع زميل لي يدعى ياسين ثابت (اعتقلته الشرطة أول من أمس) إلى القاهرة في 15 أيلول لأشهر إسلامي وأوثقه... وعندما علم أهلي بإسلامي سلّموني للكنيسة مطلع آذار (مارس) الماضي... وفي الوقت نفسه كان ياسين يبحث عني في كل مكان، لكن الكنيسة منعتني من الخروج نهائياً، وكانت تناقشني في كيفية ترك ديني الذي ولدت به وعشت فيه 25 سنة... لم تكن هناك فرصة غير أنني اتصلت بياسين من خلال هاتف جوال استطعت أن أحصل عليه وأخبرته بما سيحدث من خروجي مع بعض الكهنة إلى السجل المدني، وقلت له جهز سيارة حتى إذا خرجت معهم أهرب منهم وتأخذني». وأضافت: «بعدها سمعت أصواتاً في الشارع والكنيسة وجلبة كبيرة... وفجأة جاءت الراهبة وعليها علامات الارتباك والحيرة والاضطراب، وهي تقول: خذي حاجتك واخرجي من هنا بسرعة إحنا بريئين منك ومن دمك... وخرجت إلى الشارع وسط زحام شديد وهوجة كبيرة ورحلت». ويأتي حديث عبير الذي يتوقع أن يثير عاصفة من الجدل، في وقت قرر رئيس الحكومة إحالة المتهمين في أحداث إمبابة على محكمة أمن الدولة العليا - طوارئ «نظراً إلى تشابك القضية وتعدد الأطراف المشاركة فيها». وكانت أجهزة الأمن استمرت في ملاحقة متورطين في الأحداث، وأعلنت أمس اعتقال 10 أشخاص قالت إنهم حرضوا على «اقتحام الكنائس وإشعال النار فيها، ويتم التحقيق معهم لمعرفة صلتهم بأحداث إمبابة». في غضون ذلك، عاقبت أمس محكمة الجيزة وزير السياحة السابق زهير جرانة ورجلي أعمال أحدهما إماراتي، بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، بعد إدانتهم ب «العدوان على المال العام والاستيلاء عليه والتربح من دون وجه حق»، كما غرمتهم نحو 293 مليون جنيه، بعدما تبين أن الوزير السابق منح رجلي الأعمال هشام الحاذق وحسين سجواني (إماراتي) «مساحات شاسعة من الأراضي بأسعار زهيدة ومن دون وجه حق، على نحو أضر بالمال العام». وفور نطق القاضي بالحكم، ثار شقيق جرانة وبعض أقاربه، وانهالوا بالسباب على الصحافيين متهمين إياهم بتضخيم وقائع القضية والتأثير في الرأي العام لإدانة الوزير السابق، وهو ما تسبب في اشتباكات بين الإعلاميين وأنصار جرانة، قبل أن تتدخل قوات الأمن لفضها. ولدى جرانة فرصة للطعن على الحكم أمام محكمة النقض (أعلى سلطة قضائية) التي إما ستؤيد الحكم ليصبح نهائياً وباتاً غير قابل للطعن عليه مجدداً بأي صورة من صور التقاضي، أو ستقضي بإلغائه وإعادة إجراءات محاكمته أمام دائرة أخرى من دوائر محكمة جنايات الجيزة. وأمر النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود تجديد حبس حسني مبارك 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجرى معه، في اتهامات بالاعتداء على المتظاهرين وسقوط قتلى وجرحى خلال التظاهرات، ووقائع أخرى تتعلق بالعدوان على المال العام واستغلال النفوذ والحصول على عمولات ومنافع من صفقات مختلفة. وأفيد أن محققي النيابة الذين انتقلوا إلى مستشفى شرم الشيخ حيث يعالج مبارك، واجهوا الرئيس المخلوع بما شاب إجراءات التفاوض مع وزير البنى التحتية الإسرائيلي بنيامين اليعازر للتعاقد على تصدير الغاز إلى إسرائيل «بسعر متدن يقل عن الأسعار العالمية ما ترتب عليه الإضرار بمصلحة البلاد». وتزامن التحقيق مع مبارك مع وصول لجنة خبراء تابعة لوزارة العدل السويسرية، لعقد اجتماعات مع خبراء وزارة العدل المصرية ومسؤولي الحكومة للبحث في كيفية استرداد ثروات الرئيس المخلوع وعائلته ورجال نظامه، بعدما جمدت الحكومة السويسرية كل الأصول المحتملة لهم. ورجح مصدر قضائي مسؤول إحالة مبارك على المحاكمة الجنائية قبل انتهاء فترة تجديد حبسه المحددة ب 15 يوماً، مشيراً إلى أن «احتمال حفظ التحقيقات يظل وارداً وإن كان بنسبة أقل، على اعتبار أن النيابة لا تلجأ إلى سلطة الحبس الاحتياطي وتجديد حبس المتهم إلا في حال وجود دلائل قوية على ارتكابه للتهم المسندة إليه، وخشية هروبه من قبضة العدالة». وأضاف أن «تجديد الحبس يأتي كإجراء احترازي من قبل النيابة، ولا يعني بأي حال من الأحوال ثبوت إدانته بارتكاب التهم الموجهة إليه»، مشيراً إلى أنه «بمضي فترة تجديد الحبس ستنتهي سلطة النيابة في تجديد حبس مبارك مجدداً، لتنتقل سلطة تجديد الحبس لمبارك إلى غرفة المشورة في محكمة الجنح المستأنفة».