بمعانٍ كثيرة، بدت شركة «آبل» في 2017 عازمة على اقتحام تلفزة ال «ويب» التي يشاهدها ملايين البشر عبر شاشاتها في أجهزة «آي فون» و «آي باد» وغيرها، عبر صفقة بليونيّة استعانت فيها بالمخرج السينمائي ستيفن سبيلبيرغ، المتمكن من صنعة المحتوى البصري - الترفيهي. إذاً، الأرجح أنّ يهزّ المخرج السينمائي المتألق عوالم شاشات المرئي - المسموع كرّة أخرى، بل يقلب المعادلات السائدة حاضراً في المحتوى البصري على الإنترنت، بل حتى قبل أن تستقر وتترسخ! وللمرّة الأولى في ثورة المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة، يندمج صنع الأجهزة والأدوات التي تنقل المحتوى الشبكي المرئي - المسموع، مع صناعة ذلك المحتوى نفسه. ويرسم تحالف آبل - سبيلبيرغ معادلة المستقبل في المشاهدة الرقميّة قوامها صانع التقنية وشاشاتها هو أيضاً صانع المحتوى البصري الذي الذي تنقله التقنية وأجهزتها عبر الإنترنت. ولا أقل من القول أن ذلك انقلاب أو ثورة، لأن المعادلة بين التقنية والمحتوى الشبكي - البصري هي عكس ما يرسمه تحالف آبل - سبيلبيرغ الذي يلوّح بإطاحة معادلات الحاضر فيما هي قيد التبلوُر! ولوهلة، بدا تلفزيون ال «ويب» كأنه يسير وفق مسار استهلته «نتفليكس» التي قذفت شركات التلفزة التقليدية والفضائيّة إلى الوراء أشواطاً. هناك شركات عملاقة دخلت إلى تلفزيون ال «ويب»، لتنافس «نتفليكس» على أرض مهّدتها الأخيرة بذاتها. منافسة مع «نتفليكس» من النماذج على ذلك، يأتي ما أعلنته أخيراً شركة «آمازون. كوم» المختصة بالتجارة الإلكترونيّة للمحتوى الرقمي - البصري، وسعي «فايسبوك» إلى جعله جزءاً مما يتناقله الجمهور عبر ال «سوشال ميديا». وكذلك يتوضح الموقع المكين ل «نتفليكس» في اعتزامها التوسع بموازنتها في صنع المحتوى إلى 8 بلايين دولار في 2018، بالترافق مع رفع اشتراكها الشهري لجمهور بدت كانت واثقة في تملكها خيالاته وعيونه وشاشاته. في تلك اللحظة بالذات، كان ل «آبل» رأي آخر، وكذلك لسبيلبيرغ. وجاء تحالفهما غير المتوقع ملوّحاً بإنهاء معادلة «نتفليكس»، بل رميها إلى الماضي أشواطاً. فقد بدت «آبل» أنها استعادت شجاعة المغامرة التي بثها الراحل ستيف جوبز في ثنايا تجربتها، عبر اعتزامها صنع المحتوى الذي يشاهده جمهور أدواتها التقنيّة، خصوصاً الخليوي الذكي «آي فون». ربما يذكر ذلك بأنها كانت سبّاقة في الدمج بين صنع الأجهزة الإلكترونيّة الذكيّة من جهة، والتطبيقات التي توضع عليها، عبر تجربة مخزنها الشبكي الشهير «آي تيونز» iTunes. وعزّزت الأرقام تلك الجرأة، إذ أفادت بأن نصف محتوى التلفزيون (هو قلب ما تستند إليه معادلة «نتفليكس») يصل الجمهور في 2020 عبر الهواتف الذكيّة.