نال السلفيون في مصر هامشاً كبيراً من الحرية بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك، فعقد قادتها الندوات والمؤتمرات العلنية بمشاركة الألوف ونوقشت فيها أكثر القضايا حساسية من دون حدود ووصل الأمر إلى حد تدخل قادتهم في حل مشاكل ونزاعات تفجرت في أكثر من مكان، بطلب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وتكررت الأزمات التي ارتبطت بالسلفيين بداية من التظاهرات الحاشدة المطالبة بإطلاق قبطيات أشيع أنهن اعتنقن الإسلام وأن الكنيسة القبطية تحتجزهن، مروراً بهدم أضرحة المساجد، ثم واقعة قطع أذن أحد الأقباط في الصعيد والتظاهرات الرافضة لتولي قبطي منصب محافظ قنا، والسيطرة على منابر بعض المساجد، وأخيراً أحداث امبابة. ولدى السلفيون قناعات وأفكار متشددة تجاه الأقباط تصل إلى حد نعتهم بالكفر. وهم لا يجاهرون بذلك الأمر، غير أنهم لا يجدون غضاضة في تناوله في دروسهم وفي كتاباتهم في مواقعهم على شبكة الإنترنت، فعلى سبيل المثال يحرّم مشايخ السلفية رفع شعار الهلال مع الصليب الذي عادة ما يخرج إلى النور مع كل نزاع طائفي «لأن الشعار فيه تكذيب للقرآن العظيم». وهم لا يعتبرون الحديث عن مقاطعة الأقباط أو تكفيرهم أمراً يثير الفتنة، ويرون أن «الفتنة هي صرف الناس عن الدين، وليس الاختلاف بين المسلمين والكفار»، كما لا يقرون مخاطبة المسيحيين بالأخوة، «فالأخوة في الوطن والنسب والإنسانية لا تقتضي مودة ولا موالاة». ولا يجيز السلفيون تهنئة الأقباط بأعيادهم ولا الدعاء لهم بالنجاح. وكذلك لا يقرون ولاية القبطي ولا توليه رئاسة الدولة ولا يعترفون بمبدأ المواطنة ويعتبرون الأقباط من «أهل الذمة». وقال الناطق باسم جماعة «الدعوة السلفية» الشيخ عبدالمنعم شحاتة ل «الحياة» إن «الإسلام شرّع لنا التعايش السلمي مع الأقباط»، لكنه رفض الخوض في تفاصيل موقف الفكر السلفي من الأقباط. وأضاف: «غير مناسب الحديث في هذا الشأن في ظل وجود أزمة، ولن يتلقى القارئ آراءنا في شكل سوي». ويؤكد شحاتة أن «السلفيين براء من اتهامهم بإشعال أحداث أمبابة». وقال: «هناك وسائل إعلامية يحلو لها اتهام السلفيين بسند ومن دون سند، هم يرجعون أي أزمة إلى السلفيين رغبة منهم في صد الدعوة السلفية، لكن بعد فترة سيتضح عدم صدقهم للرأي العام... خصوم التيار السلفي يسعون إلى تحميله المسؤولية عن كل مشكلة، ونحن لا نملك إلا أن نوضح موقفنا من كل قضية، رغم أن هذا الأمر بات مملاً». واتهمت «الدعوة السلفية» في بيان الكنيسة القبطية ب «محاولة حرق البلاد وإدخالها في صراع طائفي». وقالت إن قضية كاميليا شحاتة، وهي زوجة قس تردد إشاعات أنها أسلمت، قبل أن تظهر لنفيها على فضائية قبطية أمس، «ورطة كبيرة لكنيسة شنودة»، في إشارة إلى بطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث. واعتبر البيان أن «الكنيسة فخخت العلاقة بين المسلمين وجيرانهم من النصارى... كأن شعب الكنيسة عبيده (شنودة) قد ورثهم كابراً عن كابر، وهو يوشك أن يورثهم لخليفته الذي قدم أوراق اعتماده بوصف المسلمين بأنهم ضيوف (في إشارة إلى الأنبا بيشوي)». ورأى أن «قضية كاميليا شحاتة ليست قضية طبيعية، فهي مسلمة إلى الآن، ويمارس عليها إكراه بشتى الطرق، فالكنيسة تلهو وتعبث بمشاعرنا، وتتلذذ بحرق الوطن». وطالب ب «نزع السلاح الذي بات وجوده في الكنائس حقيقة لا يمكن إنكارها، وتحرير المحتجزين في الكنائس والأديرة».