أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل أن «لدى الشعوب العربية تعطشاً لعودة الدور المصري لقيادة الأمة، فمصر هي الأكثر تأهلاً للعب هذا الدور، وقدمت النموذج في الثورة المباركة، وستنجح في استكماله، وهناك أطراف في المنطقة ستكون عوناً لها، والشعب الفلسطيني سيكون في المقدمة». وأضاف في لقاء مع كبار الكتاب والصحافيين المصريين أن حركته «حريصة على بناء علاقات قوية مع مصر، ولن تتدخل في شأنها الداخلي، ونريد لها استعادة عافيتها بعد هذه الثورة المباركة». وعن تخوف شرائح من أن يمثل التقارب المصري مع «حماس» في دعم «الإخوان المسلمين»، قال: «أرجو في العهد الجديد أن تنتهي هذه الفزاعة في التعامل مع حماس لأن الإخوان المسلمين شأن مصري داخلي، وحماس شأن فلسطيني داخلي، وفي النهاية في كل دولة قوى سياسية مختلفة، وإذا كانت هواجس النظام الماضي كبيرة، فالأفضل أن تنتهي الآن». لكنه أضاف: «مع التغيير في مصر، انتقلنا إلى وضع أفضل». وفي ما يتعلق بموضوع المصالحة الفلسطينية، قال مشعل: «علينا خلال الفترة الانتقالية أن نتوافق في القرار الأمني والنضالي، وأن نسرع في ذلك ونخرج المعتقلين من السجون حتى تنشأ المصالحة الطبيعية في النفوس، وفي هذه الحالة نلجأ إلى صناديق الاقتراع لفتح صفحة جديدة في إطار السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير». وعما إذا كانت الحركة ستنقل مقرها من دمشق، قال: «نحن لا زلنا في سورية، وسنظل فيها، ولا شيء يوجب الانتقال، وزياراتنا لعواصم عربية لا تأتي في إطار سياسة الانتقال». وعن الأسباب التي أدت إلى توقيع «حماس» على الورقة المصرية وتحقيق المصالحة بعد الثورة، قال مشعل: «الذي تغير في الموضوع أن مصر بعد الثورة لم تر حرجاً في وضع استدراكاتنا (على الورقة المصرية) في ورقة منفصلة تلحق بالورقة الأساسية، كما أن الربيع العربي وخروج الشباب في شوارع فلسطين يطالبون بإنهاء الانقسام، كل ذلك ساعد في إنضاج المصالحة». وعن العوامل التي تسهم في تحصين المصالحة، قال: «سلوك حماس وفتح معاً لأننا اكتوينا بالانقسام، وذلك سيشكل حافزاً، والذي عانى من الانقسام ليس من المفترض أن يسعى إليه، وعلينا أن نعطي فرصة كافية للمصالحة ولا نُستدرج إلى معارك جانبية. والعامل الثاني هو استمرار الدور المصري والعربي في المصالحة. والعامل الثالث هو التدخل الخارجي، سواء من أميركا وإسرائيل أو غيرهما، عندنا فرصة لأن نصده عنا من خلال الدور المصري والعربي». وأوضح أن «مصر تستطيع أن تحمي الاتفاق وتوفر له شبكة الأمان، وتستطيع أن تصد كل التدخلات الخارجية». وحذر مشعل من الدور الإسرائيلي لإفشال المصالحة، وقال إن «سلوك إسرائيل الإرهابي يدفعها لفعل أي شيء لوقف مسيرة المصالحة، وقد تقوم بعمليات استفزازية من اغتيالات وخلافه». وقال إن «عناصر نجاح المصالحة أربع قضايا، هي أولاً الموضوع العسكري: أن لا نعطي لإسرائيل ذرائع، وأن نتعامل وفق المرحلة الجديدة بعد المصالحة، ونحن أداؤنا عاقل لكن إسرائيل تريد أن تكون يدها مطلقة، لكننا سندير ذلك بما يوفر مناخ المصالحة. وثانياً الأداء الإعلامي: نريد لغة إعلامية توفر بيئة صالحة للمصالحة. وثالثاً القرار الأمني: لا نريد سلوكاً وأداء أمنياً يؤديان إلى الشعور بأنه لا قيمة للمصالحة. ورابعاً القرار السياسي: لا يحق لأحد أن ينفرد بالقرار السياسي بعد المصالحة». وعن الحكومة المقبلة، قال: «اتفقنا على خطوات عدة، بما في ذلك سرعة الإفراج عن المعتقلين وتحديد موعد للإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير، وسيخبروننا خلال الأسبوع الجاري إذا كانوا استكملوا ترتيباتهم لذلك، إضافة إلى بحث الحكومة من خلال أسمائها، ونتوقع أن نلتقي مع فتح وممثلي الفصائل، ثم نمضي في التطبيق». وعن الموقف من الاتفاقات التي وقعتها السلطة، قال: «حين تجرى الانتخابات نختار قيادة وتتفق على برنامج سياسي». وعن الاستراتيجية التي ستضعها «حماس» للوصول إلى دولة مستقلة على حدود 1967، قال مشعل: «لدينا هدف وطني مشترك توافقنا عليه وهو إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 من دون مستوطنات وحق العودة وهو واضح للجميع، وآن الأوان لنرسم الاستراتيجية التي تصل بنا إلى تحقيق ذلك». وأضاف: «على مدى 20 عاماً من التفاوض لم ننجح في الوصول إلى شيء منذ أوسلو ووادي عربة وأنابوليس، فإلى متى سنبقى في هذه الدوامة؟ إذا لم نغير المقدمات لن تتغير النتائج، ومستعدون لتقديم فرصة إضافية تصل إلى سنة من اجل خاطر عيون مصر والمصالحة والشعب الفلسطيني، وسنضع استراتيجة جديدة بعد ذلك، وليس معنى ذلك دخول مصر في الحرب لأنه بين الحرب والاستكانة مسافة كبيرة، لا بد أن نضخ أشياء في هذا الجسد ... نحن كأمة عربية لو أعلنا أننا أعطينا فرصة للسلام وقلنا أننا سندعم حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بكل أشكالها ونتفق على تكتيكات المقاومة، ثم نتحرك ديبلوماسياً ونلاحق إسرائيل قضائياً، ونفعل الجاليات العربية في الخارج وكقوى ضغط عربية وإسلامية ونفعل المقاطعة في ظل الرأي العام الدولي المتنامي ضد إسرائيل». وقال: «يمكننا أن نقوم بكل ذلك من دون أن نعلن حرباً على إسرائيل، لكن ذلك من خلال مطبخ عربي نعلن جزءاً منه ونخفي جزءاً آخر، في هذه الحالة ستحترمنا إسرائيل». وقال: «لا أحد في العالم له حق في وضع شروط على البيت الفلسطيني، لا أميركا ولا أي كان، وأكبر خطأ وقعنا فيه هو شروط الرباعية». واعتبر مشعل أن «الربيع العربي يشكل عوامل قوة إضافية للشعب الفلسطيني، كما أنه يمثل دعماً للأنظمة الحاكمة في الوطن العربي في مفاوضاتها مع الأطراف الأخرى بأن هناك ضغطاً جماهيرياً يجب الرجوع إليه، ونرجو أن نوظف العامل البشري الديموقراطي لرفع سقف مطالبنا».