رفضت موسكو معلومات أفادت بانتهاكها العقوبات الدولية المفروضة على بيونغيانغ، بعد رصد تزويد ناقلات روسية كوريا الشمالية وقوداً في الشهور الأخيرة. تزامن ذلك مع تعهد كوريا الشمالية ألا تتخلّى عن أسلحتها النووية، طالما تتابع الولاياتالمتحدة وحلفاؤها «ابتزازاً ومناورات حربية» قرب حدودها. ووَرَدَ في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أن الدولة الستالينية اتخذت خطوات ل «تعزيز قدرات الدفاع عن النفس وهجمات استباقية (مستخدمة) قوة نووية»، في مواجهة «تهديد نووي وابتزاز وتدريبات حربية» تنفذها الولاياتالمتحدة و «قواتها البحرية». واتهم البيان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانتهاج سياسات عدائية تُعتبر سابقة ضد بيونغيانغ، وتهديدها بضربات استبقائية. ووصف كوريا الشمالية ب «دولة استراتيجية جديدة لا يمكن إنكارها وقوة نووية». وتابع: «لا تتوقعوا أي تغيير في سياستها، إن كيانها، بوصفها قوة لا تُقهر، لا يمكن تقويضه ولا القضاء عليه. إن كوريا الشمالية، باعتبارها دولة نووية مسؤولة، ستقود اتجاه التاريخ إلى الطريق الوحيد للاستقلال». موسكو إلى ذلك، أكدت الخارجية الروسية أن موسكو «تنفذ في شكل كامل ودقيق نظام العقوبات» على بيونغيانغ، مستدركة أن قرارات مجلس الأمن فرضت قيوداً على واردات كوريا الشمالية من النفط المكرر، لكنها لم تحظرها تماماً. وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن مصدرَين أمنيَين بارزين من أوروبا الغربية أن ناقلات روسية زوّدت بيونغيانغ وقوداً، في ثلاث مناسبات على الأقل خلال الشهور الأخيرة، عبر نقل شحنات في عرض البحر، واعتبرا ذلك انتهاكاً للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن على بيونغيانغ، واستدركا أن لا دليل على تورط الحكومة الروسية بالأمر، علماً أن كوريا الشمالية تعتمد على الوقود المستورد للحفاظ على استمرار اقتصادها المتعثر، ولبرنامجَيها النووي والصاروخي. وأشار المصدر الأول إلى «نقل سفن روسية مواد بتروكيماوية إلى سفن من كوريا الشمالية، مرات هذا العام في انتهاك للعقوبات»، فيما أكد المصدر الثاني تبادلاً تجارياً بين السفن الروسية والكورية الشمالية، واستدرك: «لا دليل على أن الدولة الروسية تدعم ذلك، لكن السفن الروسية تقدّم شريان حياة للكوريين الشماليين». واستشهد المصدران الأمنيان بمعلومات استخباراتية بحرية وبصور التقطتها أقمار اصطناعية لسفن تخرج من موانئ منطقة الشرق الأقصى الروسية على المحيط الهادئ. وتُظهر بيانات تحديد المواقع بالأقمار الاصطناعية تحركات غير معتادة لسفن روسية، بما في ذلك إغلاق الأجهزة التي تحدد الموقع الدقيق. وذكر المصدران أن «السفن تهرّب وقوداً روسياً من موانئ الشرق الأقصى الروسي إلى كوريا الشمالية». وأشارا إلى أن ناقلة النفط «فيتياز» التي ترفع علم روسيا، نقلت وقوداً لسفن كورية شمالية. وتفيد وثائق مراقبة الموانئ الروسية بأن «فيتياز» غادرت ميناء سلافيانكا قرب فلاديفوستوك في روسيا في 15 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حاملة 1600 طن من النفط. وأظهرت الوثائق التي قدّمها وكيل السفينة إلى هيئة مراقبة الموانئ الحكومية الروسية، أن وجهتها أسطول صيد في بحر اليابان. لكن بيانات الشحن بيّنت أن السفينة أوقفت جهازاً يحدد الموقع الدقيق، أياماً أثناء إبحارها في المياه الدولية. وقال المصدران الأوروبيان إن «فيتياز» نقلت وقوداً للسفينة «سام ما 2» التي ترفع علم كوريا الشمالية، في المياه الدولية خلال تشرين الأول. وأظهرت بيانات تتبّع السفن أن «سام ما 2» أغلقت جهاز تحديد الموقع الدقيق، منذ مطلع آب (أغسطس) الماضي. لكن ياروسلاف غوك، نائب مدير شركة «أليسا»، مالكة الناقلة (مقرّها فلاديفوستوك)، نفى إجراء أي اتصال مع سفن كورية شمالية، قائلاً: «هذا أمر خطر جداً. سيكون ضرباً من جنون». وذكر أنه ليس على علم بأن السفينة كانت تزوّد زوارق صيد بوقود. كما أجرت ناقلتان تحملان العلم الروسي رحلات مشابهة، بين منتصف تشرين الأول وتشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وغادرتا من مينائَي سلافيانكا وناخودكا إلى البحار المفتوحة، حيث أغلقتا أيضاً أجهزة تحديد الموقع الدقيق. ونقلت «رويترز» عن مصدر روسي إن سفناً كورية شمالية توقفت عن تحميل وقود في موانئ الشرق الأقصى في روسيا، مستدركاً أن توصيل الوقود يتم في عرض البحر، عبر ناقلات تستخدم عمليات النقل من سفينة إلى أخرى، أو حتى تستخدم سفن صيد. وكانت «رويترز» أفادت في أيلول (سبتمبر) الماضي بأن 8 سفن كورية شمالية غادرت روسيا، محمّلة وقوداً هذا العام، وعادت إلى بلادها على رغم إعلان مقاصد أخرى. ودعت وزارة الخارجية الأميركية روسيا والدول الخرى في الأممالمتحدة إلى تطبيق صارم للعقوبات على بيونغيانغ، والعمل «سوياً عن كثب أكثر لوقف النشاطات التي تحظرها الأممالمتحدة، بما في ذلك نقل المواد البترولية المكررة من سفينة الى أخرى، ونقل الفحم من كوريا الشمالية». سيول أتى ذلك فيما أعلن مسؤولون في كوريا الجنوبية ان السلطات تحتجز طاقم سفينة مسجلة في هونغ كونغ، دهمتها الشهر الماضي واحتجزتها لانتهاكها العقوبات على كوريا الشمالية. وتحتجز الجمارك الكورية الجنوبية سفينة «لايتهاوس وينمور»، المؤجرة لشركة تايوانية، في ميناء ييوسو منذ 24 تشرين الثاني، بعد تفتيشها. وقال مسؤول في الجمارك: «منذ ذاك الموعد، يصعد مفتشون إلى متنها ويستجوبون الطاقم». وكان مسؤول في سيول قال الجمعة إن الجمارك اعترض السفينة لفترة وجيزة وفتشها، علماً أنها تشغل طاقماً من 25 رجلاً، بينهم 23 صينياً واثنان من ميانمار. وسفينة «لايتهاوس وينمور» مدرجة بين 10 سفن طلبت الولاياتالمتحدة من الاممالمتحدة وضعها على لائحة سوداء، لانتهاكها العقوبات على كوريا الشمالية، لكن الصين وافقت فقط على 4 منها. وأظهرت لائحة نهائية تبنّتها المنظمة الدولية أن من بين السفن الأربع المحظورة من دخول مرافئ العالم، بموجب العقوبات على بيونغيانغ، ثلاثاً مسجلة في كوريا الشمالية ورابعة ترفع علم بالاو. وكان ديبلوماسيون قالوا إن السفن الأربع تابعة للدولة الستالينية.