علّقت مصر تطبيق الخفوضات السنوية للرسوم الجمركية على السيارات ذات المنشأ الأوروبي والمقرر تنفيذها مطلع عام 2018، وفقاً لما أعلن وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، وذلك في إطار اتفاق الشراكة المصرية- الأوروبية التي تنص على خفض تدريجي نسبته 10 في المئة سنوياً، لتصل إلى الإعفاء الجمركي الكامل عام 2019. ولفت قابيل إلى أن هذا الإجراء «يمثل حرص الحكومة على دعم الصناعة الوطنية ومساندتها، بعدما أعدّت الوزارة دراسة حول سوق التصنيع المحلي للسيارات، والآثار السلبية المترتبة على هذا الخفض». وأوضح أن الدراسة «خلُصت إلى طلب مصر تعليق خفض الرسوم الجمركية لعام 2018، واتخذت الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار، لتنمية الصناعة المحلية في هذا المجال بعد العرض على الجانب الأوروبي». وأعلن أن القرار «يستند إلى الفقرة السادسة من المادة التاسعة في اتفاق الشراكة المصرية- الأوروبية، والتي تجيز لمصر تعليق الجدول الزمني الخاص بالخفض الجمركي لمدة موقتة لا تتجاوز سنة واحدة». وأشار إلى المادة الحادية عشرة التي «تجيز اتخاذ إجراء استثنائي من تطبيق خفوضات جمركية جديدة لمدة محددة في ما يخص الرسوم الجمركية بالقطاعات، التي تواجه صعوبات مثل قطاع صناعة السيارات في مصر». وذكر أن وزارة المال والجمارك «تبلغت لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتعليق تطبيق الخفوضات الجمركية مطلع عام 2018». وهبطت مبيعات السيارات الجديدة في مصر في شكل حاد خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة، بسبب الزيادة المبالَغ فيها في الفترة الأخيرة، لتصاب الأسعار بالجنون بتجاوز الحد الأدنى لسعر أي سيارة في مصر 100 ألف جنيه، ما شكل صدمة لكثيرين يرغبون في اقتناء سيارة منذ بداية هذه السنة. وتأثرت أسعار السيارات بالقرارات الاقتصادية الأخيرة، بدءاً من قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه مروراً برسوم الجمارك التي رفعت أسعار السيارات في الفترة الأخيرة، ما دفع السوق إلى حافة الركود ليسجل انخفاضاً في المبيعات نسبته 50 في المئة، مقارنة بأرقام العام الماضي بعد خروج شريحة كبيرة من القوة الشرائية. وكان مقرراً بدء تفعيل الشريحة الثامنة بنسبة 10 في المئة من اتفاق الشراكة، كي تكون الإعفاءات على السيارات المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي نسبة 80 في المئة، منذ بدء سريان تطبيق الاتفاق في 2010. وكانت مصر وقعت اتفاق الشراكة الأوروبية مع دول الاتحاد الأوروبي، ويقضي بإعفاء السيارات الواردة من الجمارك عام 2009، ودخل حيز التنفيذ عام 2010، على أن تصل نسبة الضريبة الجمركية على السيارات من أوروبا صفر في المئة بحلول عام 2019. وكان الشارع المصري يعول على الخفض الجمركي في السيارات الأوروبية مطلع العام، إلى 80 في المئة من جمارك السيارة الذي يصل إلى 40 في المئة. وبالتالي سيمثل الخفض 4 في المئة، من جمارك السيارة و2 في المئة من قيمتها. وطبقت الحكومة قانون الضريبة على القيمة المضافة في أيلول (سبتمبر) 2016 بدلاً من ضريبة المبيعات التي كانت 10 في المئة، وحدد القانون سعر الضريبة ب13 في المئة، ثم زادت بداية من العام المالي 2017–2018، الذي بدأ في الأول من تموز (يوليو) إلى 14 في المئة. ويرتبط انخفاض أسعار السيارات في مصر أيضاً بسياسة الشركات المصنعة في أوروبا والتي غالباً ما ترفع أسعار السيارات سنوياً، ما يعوض نسبة الانخفاض الجمركي في مصر ويحافظ على سعر السيارة في السوق. وكشف صاحب معرض سيارات محمد بدر ل «الحياة»، أن مبيعات السيارات تدنت هذه السنة بنسبة 50 في المئة». وقال إن عدد السيارات المستوردة حتى تشرين الأول (أكتوبر) الماضي «وصل إلى 40 ألفاً وهو عدد قليل، وبلغت نسبة السيارات الأوروبية منها 50 في المئة، مشيراً إلى أن «تراجع المبيعات لن يجبر مستوردي السيارات على اللجوء إلى خفض الأسعار لحل مشكلة الركود، لأن هذا يحقق مزيداً من الخسائر للمستورد». واقترح «وقف استيراد السيارات خلال الفترة المقبلة، نظراً إلى الركود التي تشهده السوق حالياً حتى لا يحقق المستورد مزيداً من الخسائر. وحال السيارات هي حال كل السلع الأخرى في مصر، إذ تعاني ارتفاع أسعارها بعد سياسة الإصلاح الاقتصادي التي وضعتها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض قيمته 12 بليون دولار على 3 سنوات. وبذلك فقدت سوق السيارات نحو 37 في المئة من قوتها، وهي تمثل نسبة التراجع في عدد السيارات المباعة، بحسب تقرير مجلس معلومات سوق السيارات «أميك»، والذي كشف تراجع الطلب على السيارات المستوردة بنسبة 49.2 في المئة، لتصل إلى 25.7 ألف سيارة، في حزيران (يونيو) الماضي، في مقابل 50.5 ألف سيارة في الفترة ذاتها من العام الماضي. ولاحظ «أميك» انخفاض مبيعات السيارات الملاكي المستوردة بنسبة 48.4 في المئة، لتسجل 21.56 ألف سيارة في حزيران الماضي، في مقابل 41.7 ألف سيارة في الفترة ذاتها من العام الماضي. وتعافى الاقتصاد المصري في الربع الأول من العام المالي الجاري، وفقاً لوزيرة التخطيط هالة السعيد وحقق النمو الاقتصادي نحو 5.2 في المئة وهي نسبة لم تسجل منذ عام 2011، ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 5.5 في المئة في العام المالي المقبل 2018-2019، من نسبة 5.3 في المئة كانت متوقعة في المراجعة الأولى لبرنامج مصر الاقتصادي.