قال رجال مال واقتصاديون ان ركود الاسواق استمر في مصر رغم خفض تعريفات الجمارك قبل نحو ثلاثة أسابيع وتوقع الحكومة انتعاشا اقتصاديا. وقال محمد حسن الابيض رئيس شعبة شركات الصرافة في الاتحاد العام للغرف التجارية لرويترز استمر ركود الاسواق بعد خفض تعريفات الجمارك. في البداية اندفع البعض الى شراء كميات من الدولار تصورا منهم ان الاستيراد سيزيد. لكن بعد أيام توقفت موجة الشراء لان الحالة العامة للاسواق بقيت كما هي تقريبا. وأضاف ان سعر الدولار قفز في السوق السوداء من 25ر6 جنيه الى 40ر6 ثم عاود الانخفاض الى 30ر6 الان.. الاسواق ستظل في فترة شك وانتظار. وتابع ان العامل النفسي مؤثر مهم في الاسواق المصرية. والقرارات تصدر فجأة مما يؤدي الى ارتباك يستمر بضعة أيام. وفي الثامن من سبتمبر الحالي خفضت مصر الرسوم الجمركية الى 9 في المائة في المتوسط من 6ر14 في المائة قائلة ان التخفيض سيقلل دخل الجمارك بنحو ثلاثة مليارات جنيه مصري (482 مليون دولار) سنويا. لكن وزير المالية يوسف بطرس غالي قال ان التخفيض سيقابله انتعاش النشاط الاقتصادي. وقال محسن طلائع نائب رئيس الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية لم تحدث زيادة سريعة في مبيعات السيارات لان المصداقية والشفافية غابت عن قرارات أصدرتها الحكومات السابقة ولذلك لم يصدق الناس بسرعة فحوى قرارات الحكومة الجديدة. وشكلت حكومة جديدة في يوليو الماضي برئاسة أحمد نظيف الذي كان وزيرا للاتصالات في الحكومة السابقة برئاسة عاطف عبيد. وأضاف طلائع ان أثر القرارات الجديدة سيظهر على المدى البعيد وسيكون ايجابيا للغاية بالنسبة للمستهلك. بيعت 52 ألف سيارة عام 2003 وأتوقع زيادة المعدل الى 100 ألف سيارة سنويا بعد خفض تعريفات الجمارك. وقال بعض تجار السيارات ان حركة البيع توقفت تماما عقب القرارات في انتظار معرفة اسعار البيع الجديدة بعد التخفيضات من قبل الوكلاء. وبدأت بعض الشركات في اليومين الاخيرين نشر أسعار أقل في اعلاناتها ولكن يبدو ان المستهلكين في حالة انتظار لتحقيق أقصى استفادة من التخفيضات. ويحدد النظام الجديد ست شرائح للتعريفات الجمركية تتراوح بين 2 في المائة للمستلزمات الصناعية الاساسية والمواد الغذائية الاساسية تزداد الى 40 في المائة للسلع الاستهلاكية المعمرة. والاستثناء الوحيد من تلك الشرائح هو السجائر والمشروبات الكحولية والسيارات الخاصة الكبيرة. وقالت وزارة المالية ان السيارات من سعة 00ر1 لتر حتى سعة 6ر1 لتر مكعب ستكون شريحتها الجمركية عند الحد الاقصى البالغ 40 في المائة مقارنة مع الرسوم السابقة التي كانت تتراوح بين 55 و104 في المائة. ورغم ان التعريفة الجمركية خفضت على واردات السكر الى 2 في المائة من 5 في المائة وعلى الشاي والبقول الى 5 في المائة من 33 في المائة وعلى زيوت الطعام والارز قال تجار ان الاسعار لم تنخفض على الفور. وقال تاجر زادت أسعار الحليب وبعض منتجاته كما زادت أسعار أطعمة أخرى بعد زيادة سعر السولار. وفي اليوم التالي لخفض التعريفات الجمركية أعلنت الحكومة رفع سعر السولار (زيت الغاز) لوسائل النقل بنسبة 50 في المائة الى 6ر0 جنيه (تسعة سنتات) للتر لتقليل الدعم الكبير الذي توفره الحكومة للاسعار المحلية. وقال متحدث ان التكلفة الحقيقية للتر السولار تصل الى جنيهين (32ر0 دولار) وان الدعم الحكومي لاسعاره يصل الى خمسة مليارات جنيه سنويا وسينخفض الى ثلاثة مليارات جنيه بعد تطبيق الزيادة الجديدة التي قال انها الاولى منذ عشر سنوات. وتعرضت الحكومة السابقة لانتقادات شعبية مستمرة بعد ان دفع خفض قيمة العملة في بداية العام الماضي أسعار السلع الغذائية الاساسية للصعود. وقال ابراهيم العيسوى عضو اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع الوطني التقدمي اليساري لرويترز ان الاثار المهمة للاجراءات الاخيرة لن تظهر بسرعة. ستظهر على المدى المتوسط والطويل والاثار السريعة ان وجدت ليست ذات أهمية. وقال لم يصدر القرار متوازنا. خفض التعريفات قد ينعش أحوال المستوردين ولكن على حساب الصناعة المحلية. وأضاف انكمشت الحماية التي يتمتع بها الصانع المصري كثيرا والاجراءات من هذا النوع تنطوي على تداعيات أبرزها زيادة البطالة حين تتعرض الشركات الصناعية للتعثر وربما الافلاس. ويتوقع بعض الاقتصاديين ان تؤدي القرارات الى توسع كبير في الاستيراد وهو ما يمكن ان يؤثر سلبا على الصناعات المحلية التي يفتقر كثير منها للقدرة على منافسة المنتج الاجنبي. وتابع ان مصر تخفض التعريفات التزاما بعضويتها في منظمة التجارة العالمية لكن الحكومة تجاوزت في سنة 2000 ما هو مطلوب منها سنة 2005 هذا تزايد لا مبرر له. كما ان عضوية منظمة التجارة العالمية ليست مقدسة الا في رأي المؤمنين بالحرية الاقتصادية الكاملة وهي في رأيي غير موجودة. وقال العيسوي وهو أستاذ لمادة الاقتصاد في معهد التخطيط القومي التخفيضات شملت سلعا ليست ضرورية لمعظم المواطنين ولا الحاح عليها مثل السيارات مما ضيع على ميزانية الدولة التخفيضات الجمركية عليها. وكان محمود محيي الدين وزير الاستثمار قد قال ان اصلاح التعريفات الجمركية سيحفز الاستثمارات الاجنبية والمحلية وسيبعث أيضا رسالة بشأن اتجاه الاصلاح.