أقرت مفوضية تقويم اتفاق السلام في جنوب السودان تشكيل لجنة تقصي حقائق من الأممالمتحدة وجيشي الشمال والجنوب، للتحقيق في أحداث العنف التي راح ضحيتها العشرات في منطقة أبيي المتنازع عليها بين شطري البلاد، فيما يجتمع طرفا السلام في أديس أبابا في 25 الشهر الجاري لتسوية الخلافات في شأن أبيي وترسيم الحدود وبقية القضايا العالقة. وتبادل «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» اتهامات خلال اجتماع مفوضية التقويم، في قضية النزاع على أبيي والتلكؤ في حسم القضايا مسار التفاوض. وقال وزير شؤون مجلس الوزراء القيادي في «الحركة الشعبية» لوكا بيونق إن حركته أبدت خلال اجتماع لجنة التقويم تحفظات على جدية «المؤتمر الوطني» في الاستمرار في مناقشة القضايا العالقة بعدما تغيب عن لقاء لتسوية ملف النفط كان مقرراً الأحد الماضي في أديس أبابا، كما غاب عن اجتماع خاص بالمياه الاثنين الماضي في جوبا. في المقابل، اتهم «المؤتمر الوطني» شريكته في السلام «الحركة الشعبية» بالتغيب عن ثلاثة اجتماعات خاصة بالعملة والاتصالات. وذكر أن الاتحاد الأفريقي اقترح عقد اجتماع بمشاركة رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو مبيكي في 25 أيار (مايو) الجاري لطرح القضايا التي لم تصل فيها اللجان المشتركة إلى حلول وتحتاج إلى قرار سياسي ومناقشتها حزمة واحدة، لافتاً إلى أن قضايا أبيي وخلافات الحدود والنفط والعملة ستطرح في الاجتماع. وذكر بيونق أن «المؤتمر الوطني أصر خلال اجتماع المفوضية على أن أبيي منطقة شمالية قانوناً ودافع عن موقف الرئيس عمر البشير الأخير في شأن المنطقة»، بينما أكد الطرف الجنوبي أنه «اضطر إلى تضمين المنطقة في دستور الدولة الجديدة رداً على ذلك»، مشيراً إلى أن «المؤتمر الوطني» لا يريد حل النزاع على أبيي قبل 9 تموز (يوليو) المقبل موعد ميلاد دولة الجنوب، حتى تظل المنطقة تابعة للرئاسة في دستور السودان. إلى ذلك، حذرت «مجموعة الأزمات الدولية» من أن إذا لم تعالج المظالم في السودان من قبل حكومة تعددية شاملة، فإن البلاد «ستتعرض إلى مزيد من العنف والتفكك حتى بعد انفصال الجنوب» رسمياً في تموز المقبل. وقالت في تقرير تحت عنوان «انقسامات في الحزب الحاكم في السودان والتهديد لمستقبل الاستقرار في البلاد»، إن «المؤتمر الوطني لم يعالج الأسباب الجذرية للصراعات المزمنة في البلاد، وبدل ذلك فاقم الانقسامات العرقية والإقليمية وعمّق تناقضاتها». وأضافت أن إقالة البشير الأسبوع الماضي مستشاره لشؤون الأمن القومي الفريق صلاح عبدالله غوش الذي كان مدير جهاز الأمن والاستخبارات، «يعكس عمق الانشقاق في الحزب وقد يؤدي إلى اضمحلاله أو إلى انقلاب عسكري». ورأت أن «المؤتمر الوطني يواجه تحديات أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية، لكنه منقسم في شدة في شأن الطريق إلى الأمام، كما حشد الحزب أجهزته الأمنية لكبح أي تغيير داخلي محتمل أو انتفاضة، وخنق النقاش الدائر حول مسألتي التنوع والهوية في السودان، وما زال على استعداد إلى تقسيم ولايات رئيسة لإرضاء البارونات السياسية». وأضاف التقرير أن «قادة الحكم باتوا يخشون من انقلاب وتفكك حزبهم، وأصبحوا يعتمدون في شكل متزايد على الولاء الشخصي والقبلي للبقاء في سدة الحكم». وقال كبير مستشاري المجموعة لشؤون الاتحاد الأفريقي والسودان فؤاد حكمت أن «السلطة تتركز الآن وعلى نحو متزايد في أيدي مجموعة ضيقة حول الرئيس». ودعا التقرير المجتمع الدولي بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأممالمتحدة، إلى «الضغط على حزب المؤتمر الوطني لإشراك المعارضة في الحوار الوطني من أجل تعزيز الأساس لبرنامج وطني لإرساء الاستقرار يتضمن مبادئ واضحة لإنشاء عقد دستوري شامل متفق عليه من قبل كل القوى السياسية». في سياق متصل، زار زعيم «حزب الأمة» المعارض الصادق المهدي مستشار البشير المقال صلاح عبدالله في مقر إقامته، وانتقد إقالته معتبراً أنها «خطأ كبير» باعتبار أن الرجل تبنّى رأياً صحيحاً تمثل في الدعوة إلى استراتيجية بديلة لإخراج الوطن من المخاطر»، كما زار المهدي الأمين العام ل «حزب المؤتمر الشعبي» المعارض صهره حسن الترابي الذي أطلقته السلطات الاثنين الماضي بعد اعتقال دام لأكثر من ثلاثة أشهر.