دعت ثمانية معاهد بحوث اقتصادية من ألمانيا والنمسا وسويسرا في «تقرير الربيع» السنوي الذي قدمته الخميس الماضي في برلين ونشرت «الحياة» رؤيته للأزمة المالية العالمية في عددها أول من أمس، الحكومة الألمانية إلى زيادة الضرائب بدلاً من خفضها، واتباع خطة تقشف قاسية لخمس سنوات. وفيما أكدت المعاهد أن الاقتصاد الألماني سينمو بصورة متواضعة هذه السنة بمعدّل 1,5 في المئة و1,4 في المئة فقط السنة المقبلة، لفتت إلى أن البطالة في البلاد تشهد انحساراً خلال السنتين المقبلتين على رغم إمكان تعرّض الأوضاع الاقتصادية المتحسنة إلى نكسات وأخطار مشيرة إلى أن البطالة لن تتجاوز 3,5 ملايين شخص. ولاحظ أن سوق العمل أظهرت «قدرة مدهشة» على الصمود على عكس تخوفات خبراء ومراقبين. ورفض التقرير خطة الحكومة الألمانية لخفض الضرائب، وحضّها «على وضع خطة تقشف حازمة بصورة لم تعهدها ألمانيا الاتحادية حتى الآن»، مشترطاً عدم زيادة المصاريف الحكومية لخمس سنوات كاملة. وأملت المعاهد الثمانية في أن يتحسن وضع الموازنة نهاية 2011 إلى درجة يسمح النمو الحاصل في البلاد بمنع انزلاق الاقتصاد إلى الركود على خلفية نهج التقشف الذي يتوجب اتباعه. وانتقد التقرير الحكومة لأنها لم تحدد بعد كيف ستسدّ العجز الذي ينشأ في موازنة السنة الحالية ويبلغ 80 بليون يورو وكيف ستلتزم بكبح الدين. وطالبتها بإلغاء التسهيلات الضريبية التي أقرتها مطلع السنة الحالية مقترحة ضريبة على علاوات العمل في العطل ونهاية الأسبوع. ودعت المعاهد النقابات العمالية «إلى التروي والقبول بزيادات متواضعة على أجورهم في الفترة المقبلة لا تتجاوز معدل 1,5 في المئة» كي لا ترتفع كلفة الإنتاج. وتوقعت أن يتراجع الاستهلاك الشخصي هذه السنة 0,4 في المئة، وأن يرتفع السنة المقبلة 0,8 في المئة. وأشار «تقرير الربيع» إلى أن معدل التضخم سيبقى منخفضاً بين 0,9 وواحد في المئة حتى آخر 2011، مع العلم أن البنك المركزي الأوروبي يحدد سقف التضخم ب 2 في المئة ويعتبره في حدود المقبول. وانطلق مسؤولو المعاهد من أن البنك الأوروبي لن يلجأ إلى رفع الفائدة على رؤوس الأموال المودعة، ويبقي معدل الفائدة واحداً في المئة حتى أواخر السنة المقبلة. ولم يطالبوا المركزي برفع الفائدة، لكنهم دعوه إلى الانتباه من أجل مواجهة أي «تمييع» للأسعار في السوق. واعتبر التقرير أن السوق المالية لم تعد إلى طبيعتها بالكامل، ومع ذلك سيواصل البنك المركزي نهج خفض ضخ السيولة فيها وإعادتها إلى الصفر تقريباً حتى نهاية السنة الحالية. وفيما عزت هذه المعاهد النمو الألماني والأوروبي المنتظر إلى قوة النمو الذي تحقّقه دول آسيوية عدة، خصوصاً الصين، وازدياد الطلبات من هذه الدول على الشركات الألمانية، لفتت إلى الأخطار الداهمة على الاقتصاد الأوروبي وشكَّكت في قدرة اليونان على التغلب على عجزها المالي الكبير. وانتقدت المعاهد الثمانية بشدة دول منطقة اليورو على إقرار سلّة دعم مالي في بروكسيل بمبلغ 30 بليون يورو لمساعدة أثينا على تفادي الإفلاس. واعتبرتها «مناقضة لروحية معاهدة ماستريشت». واقترح التقرير إعطاء صندوق النقد الدولي الدور الرئيس لمعالجة عجز اليونان. وعقَّب وزير الاقتصاد الألماني راينر برودرله على التقرير فتحدث عن «إشارات إيجابية في الاقتصاد»، لكنه حذّر «من المغالاة في التفاؤل» مؤكداً أن طريق النمو «عثر جداً». وأوضح أن بلده يحتاج إلى سنتين أو ثلاث سنوات ليبلغ مستوى النمو الذي سجَّله عام 2008. وفيما طالبت أحزاب المعارضة البرلمانية الحكومة بتغيير نهجها والأخذ بالتقشف، وصفت الاتحادات الاقتصادية توقعات المعاهد الثمانية حول النمو ب «الحذرة جداً» وقالت إنها تنتظر معدلات نمو أعلى للاقتصاد الألماني هذه السنة والسنة المقبلة. وتوقع التقرير أن يبقى معدل سعر برميل النفط في حدود 80 دولاراً وسطياً لخام «برنت»، وأن يحقق نمو التجارة العالمية معدل 6,5 في المئة، وأن يراوح متوسط سعر اليورو حول 1,35 دولار حتى آخر السنة المقبلة.