رداً على مقال الكاتب هاني الظاهري، المنشور في «الحياة»، العدد «17553»، بتاريخ «22 - 5 - 1432ه»، (26 نيسان/ أبريل 2011)، تحت عنوان «الدعوة... والمال السايب». لقد اكتشف الكاتب اكتشافاً خطراً في أموال الدعوة وغفلت عنه الأجهزة الأمنية والرقابية واكتشفه وحده ما دعاه لكتابة هذا المقال محذراً من استغلال هذه الأموال في تمويل الإرهاب، وخوفاً على الوطن وأمنه من تنامي أرصدة الدعاة! فبعد أن ذكر ثراء أعضاء الهيئات الشرعية في البنوك واكتشافه أن الواحد منهم يعمل في أكثر من 100 وظيفة ما يجعله يقوم بالبحث والتحري لعله يكتشف خفايا أخرى. قال: «ما دفعني للمزيد من البحث في هذا الجانب لأكتشف أن أعضاء هذه اللجان والهيئات أناس مساكين بجانب غيرهم من أصحاب الثروات الناتجة عن الوعظ والتحليل والتحريم! اكتشفت يا كرام أن هناك جهات حكومية هذه المرة وعلى رأسها بعض مكاتب الدعوة والإرشاد المنتشرة في مدن ومحافظات المملكة كافة تدفع من موازنتها (التي هي من المال العام) مكافآت ضخمة ومبالغ فيها جداً لبعض الوعاظ والدعاة للدرجة التي وصلت فيها إلى دفع نحو 70 ألف ريال لشخص واحد «داعية» مقابل ساعة واحدة من وقته يلقي فيها مجموعة من الكلمات المكررة أمام الناس في محفل عادي ...» انتهى كلامه. ولى مع هذا الاكتشاف وقفات عدة: قوله لا فض فوه: «اكتشفت يا كرام أن هناك جهات حكومية هذه المرة وعلى رأسها بعض مكاتب الدعوة والإرشاد المنتشرة في مدن ومحافظات المملكة كافة تدفع من موازنتها (التي هي من المال العام) مكافآت ضخمة ومبالغ فيها جداً لبعض الوعاظ والدعاة» الغريب أن اكتشاف الكاتب لم يقده إلى اكتشاف هل مكاتب الدعوة حكومية أم اهلية؟! ولو سأل أي مواطن أو مقيم لأخبره بأنها خيرية وليست حكومية، أو تكرم وتأمل في تسمية مكاتب الدعوة في مدن ومحافظات المملكة كافة لعرف أنها ليست حكومية وإنما هي مكاتب تعاونية خيرية. لم يذكر الأخ هاني مصدر هذا الاكتشاف، على رغم أنه حدد مقدار هذه المكافأة التي يحصل عليها هؤلاء الدعاة من مكاتب الدعوة! (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). ونحن في مكاتب الدعوة نقول بالفم المليان له ولغيره: لم يسبق أن دفعنا لأحد من الدعاة أي مبلغ، ونتحدى أن يأتي أحد بمثال واحد لأي مكتب دعوة في المملكة دفع أي مبلغ لأي داعية كائناً ما كان. لو فرضنا جدلاً بصحة هذه الفرية وقامت مكاتب الدعوة بدفع مكافآت للدعاة فهم يستحقون أكثر من ذلك، ولا أعرف مانعاً شرعياً أو نظامياً يمنع من منح الدعاة مكافآت على جهودهم الدعوية، وما الفرق بين ما سيدفع لهم وما يدفع للفنانين والشعراء والمدربين والاستشاريين وغيرهم من الجهات الاخرى؟ الذي أعرفه وأشهد عليه أن دعاتنا هم من يدعم مكاتب الدعوة ويبذلون من أموالهم وأوقاتهم لصالح الدعوة، فكيف يتم اتهامهم بالحصول على مبالغ طائلة في مقابل إقامة محاضرة؟ من خلال عملي في مكتب الدعوة بمحافظة ينبع وجدت تفانياً عجيباً لدعاتنا من أجل الدعوة، ومن أمثلة ذلك: فضيلة الشيخ الداعية المعروف الدكتور محمد العريفي، فكثيرا ما يقوم بجولات دعوية لمناطق عدة ويرفض حتى السكن على حساب مكتب الدعوة، وقبل أيام قلائل زار محافظة ينبع ووصل من المدينةالمنورة عن طريق البر وقام بإلقاء محاضرة في كلية التقنية ثم بعدها في المدينة الجامعية بالهيئة الملكية، ثم ألقى كلمة بعد الظهر في قيادة حرس الحدود، ثم توجه إلى قرية الرايس 90 كلم عن ينبع وألقي فيها محاضرة بعد صلاة العصر، ثم عاد لمحافظة ينبع وألقى محاضرة بعد صلاة المغرب في مهرجان ربيع ينبع إلى أذان العشاء، ثم توجه لمحافظة بدر 90 كلم عن ينبع وألقى فيها محاضرة بعد صلاة العشاء في ملتقى شباب بدر، ثم عاد للمدينة عن طريق البر ولم يتقاضَ على هذه المحاضرات أي مكافأة بل همه الله والدار الآخرة، فمن يتحمل مثل هذا البرنامج الشاق في يوم واحد؟ وكذلك فعل فضيلة الشيخ الدكتور سعد البريك عندما لم يجد حجزاً من الرياض لينبع فجاء من الرياض لينبع بسيارته ليلقي محاضرة ثم يعود للرياض في اليوم التالي. قال الكاتب في نهاية مقاله: «ثم بعيداً من شرعية هذه الأموال من عدمها ما الذي يضمن أن وجود هذه المبالغ في أيدي بعض الوعاظ أمر مطمئن أمنياً؟». ألا يعلم الكاتب أن الدعاة هم أحرص الناس على أمن الوطن واستقراره، وقد تجلت مواقفهم في الفترة الأخيرة عندما صمت كتاب الصحافة ومدعو الوطنية. ألا يعلم أن مكاتب الدعوة وقفت في وجه دعاة الفتنة وجلت الأمور للناس عندما انشغل كتاب الصحافة بالكتابة عن مؤخرة الدجاجة، ونقد محتسبي معرض الكتاب، ونسوا أو تناسوا دورهم الوطني! ألا يعلم أن أموال مكاتب الدعوة في جميع المناطق ليست سائبة بل لديها نظام محاسبي دقيق ويشرف عليها مجالس إدارات من أعيان وفضلاء البلد؟ ألا يعلم الكاتب أن الجهات الأمنية تثني دائماً على مكاتب الدعوة وتقدر دورها في التوعية والتوجيه ومكافحة الجرائم؟ ألا يعلم أن هذه الدولة قامت على الدعوة الى الله وبتكاتف الدعاة والمصلحين مع ولاة الأمر وستستمر على هذا النهج؟ ألا يعلم الكاتب أن ولاة أمر هذه البلاد يجلون الدعاة، ويعرفون قدرهم، ويحفظون لهم مكانتهم، ويسهلون لهم طريق الدعوة؟ مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بمحافظة ينبع