وافق صندوق النقد الدولي على منح مصر دفعة جديدة من قرض متفق عليه تقدر قيمته بنحو بليوني دولار، هي الدفعة الثالثة التي تمنح للحكومة في إطار خطة مساعدة لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري. ويرى الصندوق إن السلطات في مصر تحتاج إلى تنفيذ إصلاحات في السياسة الضريبية وتحديث إدارة الضرائب والجمارك، لإيجاد حيز مالي للاستثمار اللازم في رأس المال البشري والبنية التحتية، مشدداً على إحراز المزيد من التقدم في هيكلة منظومة الدعم ليعزز شبكة الأمان الاجتماعي. وقال نائب المدير العام للصندوق ديفيد ليبتون في بيان صحافي: وافقنا على الشريحة الجديدة بعد استكمال المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد المصري والذي يظهر استقراراً مقبولاً، ويسجل إجمالي الناتج المحلي نمواً، وتتجه معدلات التضخم نحو الاعتدال، كما يبقى ضبط الأوضاع المالية على المسار المطلوب، بجانب تسجيل احتياطات النقد الأجنبي أعلى معدلاتها منذ 2011». ونبه ليبتون إلى أن النظام المصرفي حافظ على استقراره، والتوقعات المستقبلية متفائلة، مؤكداً ضرورة مواصلة بذل الجهود والالتزام بالسياسات والإصلاحات الهيكلية لدعم هدف مصر المتمثل في تحقيق النمو الشامل وخلق فرص عمل. وقال إن تشديد البنك المركزي للسياسة النقدية، مكنه من السيطرة على معدلات التضخم الذي يمثل خطراً رئيساً على استقرار الاقتصاد الكلي، مشيراً إلى أن الاتجاه الانكماشي الذي يتخذه مؤشر التضخم الحالي يفتح الباب أمام الخفض التدريجي لأسعار الفائدة، مع بقاء «المركزي» المصري مستعداً لتشديد السياسة النقدية مرة أخرى إذا ما ظهر ما يستدعي ذلك. ولفت إلى أن البنك المركزي يخطط على المدى المتوسط، للانتقال إلى استهداف التضخم، وان الحكومة والبنك ملتزمان بنظام سعر صرف مرن، ما يشكل حاجزاً أمام الصدمات الخارجية. كما رأى أن قرار البنك المركزي المصري بفرض رسوم على التحويلات من الخارج، يعزز مرونة الجنيه. وأضاف أن الحكومة المصرية تستهدف ضبط أوضاع المالية العامة بوضع الدَين الحكومي على مسار هبوطي، وأن المستوى المستهدف خلال سنتين من الممكن تحقيقه، إلا أن ارتفاع أسعار النفط العالمية يزيد من الأخطار، ولذلك فإن مواصلة جهود إعادة هيكلة منظومة دعم الطاقة أمر بالغ الأهمية لتحقيق الأهداف المالية للبرنامج. وتوسعت مصر في الاقتراض من الخارج خلال العام الماضي من أجل سد الفجوة التمويلية، وحل أزمة نقص العملة الصعبة في السوق. وبلغ الدين الخارجي 79 بليون دولار في نهاية المالي الماضي بزيادة نحو 42 في المئة عن العام المالي السابق. وأكد النائب الأول لمديرة صندوق النقد كريستين لاغارد، أن أولويات مصر الحالية تتمثل في إصلاح الإطار التنظيمي والإداري وتعزيز المنافسة وتحسين فرص الحصول على التمويل والأراضي، وتعزيز حوكمة الشركات المملوكة للدولة وشفافيتها ومحاربة الفساد، وتحسين دمج النساء والشباب في سوق العمل، مؤكداً أن استقرار الاقتصاد الكلي يوفر أساساً متيناً لتوسيع نطاق الإصلاحات الهيكلية لجذب الاستثمار، وزيادة إمكانات النمو، وخلق فرص عمل، وأنه ينبغي أن تهدف جهود الإصلاح إلى تحسين تخصيص الموارد الاقتصاد وتعزيز مناخ الأعمال من أجل تنمية القطاع الخاص. وأكمل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد وسير برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر في إطار «تسهيل الصندوق الممدد» على مدار 3 سنوات. ويتيح استكمال المراجعة حصول مصر على 1.432.76 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 2.03 بليون دولار)، ليصل مجموع المبالغ المتاحة في ظل البرنامج إلى نحو 6.08 بليون دولار. ومن المتوقع أن يساهم قرض الصندوق الذي لم يحدد بعد موعد صرفه، للحكومة، دعم احتياط النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، خصوصاً بعد سداده 3.2 بليون دولار ل «بنك الاستيراد والتصدير الأفريقي» (أفركسيم بنك) خلال الشهرين الماضي والجاري. وتدعم التدفقات الدولارية قوة الجنيه الذي تراجع أمام الدولار خلال الأسابيع الماضية، لكنها تزيد أعباء الدَين الخارجي المتفاقم.