توصل خبراء صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي يدعمه الصندوق من خلال اتفاق بقيمة 8.597 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 12 مليار دولار أمريكي)، ويخضع الاتفاق المعقود على مستوى الخبراء لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق . جاء ذلك في بيان أصدره صندوق النقد الدولي اليوم الجمعة حول ختام المرجعة الثانية لأداء الاقتصاد المصري. ويتيح استكمال المراجعة حصول مصر على 1.432.76 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 2 مليار دولار أمريكي)، ليصل مجموع المبالغ المتاحة في ظل البرنامج إلى نحو 6 مليارات دولار أمريكي . وأشاد سوبير لال، مدير بعثة صندوق النقد الدولي لمصر، باستمرار الأداء القوي للاقتصاد المصري، لافتا أن الإصلاحات التي نفذت بالفعل تؤتي ثمارها من حيث استقرار الاقتصاد الكلي وعودة الثقة في السوق المصرية. وأوضح لال في البيان الختامي للبعثة، الصادر اليوم الجمعة، على البوابة الالكترونية للصندوق، أنه في حين أن عملية الإصلاح تتطلب تضحيات على المدى القصير، فإن اغتنام الفرصة الحالية لتحويل مصر إلى اقتصاد ديناميكي وحديث وسريع النمو من شأنه أن يحسن مستويات المعيشة ويزيد من الازدهار لجميع المصريين. ونوه مدير بعثة صندوق النقد التي زارت مصر خلال الأسبوع الماضي لإجراء المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد، إلى أن معدل النمو خلال السنة المالية 2016/17، بنسبة 4.2٪ مقارنة مع 3.5٪ المتوقعة، وفي الوقت نفسه، تقلص عجز الحساب الجاري بالدولار، مدعوما بارتفاع الصادرات غير النفطية وعائدات السياحة في حين انخفضت الواردات غير النفطية. كما لفت إلى أن تزايد ثقة المستثمرين دعم قطاع الأعمال، حيث بلغت حافز استثمارات نحو 16 مليار دولار هذا العام، وارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 13٪. وأكد لال أنه وفي الوقت الذي بلغ فيه التضخم الرئيسي ذروته في يوليو، إلا أنه اتخذ مسارا هبوطيا بدعم من موقف البنك المركزي المصري وسياسته النقدية الحكيمة، كما جاء الارتفاع القياسي لإحتياطات النقد الأجنبي، ليعكس السياسات العامة القوية، والذي ظهر في أداء الموازنة الذي كان متسقا بشكل عام مع توقعات البرنامج مع عجز أولي قدره 1.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأشاد مدير البعثة على بقاء البنك المركزي ملتزما بتحقيق هدفه المتمثل في السيطرة على التضخم، متوقعا أن ينخفض إلى نحو 13 في المئة في الربع المنتهي في ديسمبر 2018، ويرتكز البنك في سياسته النقدية على نظام سعر الصرف المرن الذي أنهى مشكلة النقص المزمن في العملة الأجنبية وظاهرة السوق الموازية. وقال إن تحقيق الفائض الأولي الذي تستهدفه الحكومة في السنة المالية الحالية سيسهم في تحقيق هدف البرنامج المتمثل في وضع الدين الحكومي على مسار الانخفاض المستدام في المدى المتوسط، ما سيؤدي إلى تخفيض مصروفات الفائدة وخلق حيز مالى للإنفاق على البنية التحتية العامة و وبرامج الحماية الاجتماعية الموجهة التى تستهدف الفئات المستحقة، كما أيدت البعثة خطط الحكومة لتحسين إدارة المالية العامة وزيادة الشفافية المالية، الأمر الذي يعزز من مراقبة المؤسسات المملوكة للدولة ونشر الكشوف المالية. وأوضح لال أن الحكومة تقود جدول أعمال شامل وطموح للإصلاحات الهيكلية بغية إطلاق إمكانات النمو الكامنة للاقتصاد المصرى، مستهدفة خلق فرص عمل كافية لمواكبة النمو السكاني السريع من خلال التحفيز لزيادة الاستثمارات التي يقودها القطاع الخاص، ونمو الإنتاجية، ودعم المنافسة. واعتبر تخفيض معدلات البطالة، ولا سيما بين الشباب، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، عاملين أساسيين لانطلاقة الاقتصاد المصري كما يجسدان الحماية الاجتماعية في أقوى أشكالها وأكثرها استدامة، حيث رحب بالتزام السلطات بمواصلة جهودها للتوسع في تقديم خدمات رعاية الطفل لتشجيع مشاركة المرأة في سوق العمل، وفي نفس الوقت، ويدعمون الجهود لتعزيز الإجراءات الاجتماعية عن طريق التوسع في برنامجي "تكافل" و"كرامة" للدعم النقدى واللذين يغطيان الآن 2 مليون أسرة مستفيدة، و وكذلك المجهودات التى تهدف الى تحسين جمع البيانات لتحسين توجيه الدعم بشكل كفء وضمان وصوله الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجا. وواصل لال أن القطاع المصرفي المصري لا يزال يتمتع بمستوى جيد من السيولة والربحية ورأس المال، فيما يواصل البنك المركزي تقوية الإطار التنظيمي والرقابي للقطاع المصرفي، بما في ذلك تنفيذ قواعد بازل، موكدا دعم الصندوق للجهود التي تبذلها السلطات لتعزيز الشمول المالي. كما وجه سوبير لال الشكر للسلطات المصرية، والفرق الفنية المتخصصة في البنك المركزي ووزارة المالية، والأطراف المعنية التي في الحكومة المصرية على ما لمسوه من صراحة ومناقشات بناءة وكرم ضيافة.